آمُل لقلبِكَ السَّلامَة

125 32 18
                                    

تَختلِطُ رائِحة القهوة مع نسماتِ الليل البارِدة، بينما تعلو مُسيقاها بأُذنيها..

خَلعَت رِدَاء ثِقلها على بابِ شُرفتها، لتنعَم ببعضِ الهدوءِ والراحة..

سُرعان ما أتى يُزيح راحةَ الليلِ ليُضيفَ راحته الخاصة بينَ أفكارها..

لا تعلمُ أتشتاقُ لهُ أم أنه كان فقط ذِكرى لطيفة..

تركت تَشَتُتُ أفكارها لتحتضن قلمًا أزرَقًا ودفترها الصغير..

تُطالعُ السُحب بهدوء لتُقرر بالفعل بدء حديثٍ صغيرٍ للغاية..

"مساءُ الخير، عزيزي يونغي..
آمُل أن تكون بكل الخير..

لم أتحدث عن ذلك قبلًا، حتى مع نفسي؛ فأنا بالفعل كُنت بعلاقةٍ قبل أن أراك..

أوّلُ مرّةٍ دلفتُ مقهاك..
لم أكُن بخيرٍ يومها، أبدًا..
كلماتك، ابتساماتك، ولُطفك هُم من أذابوا الحُزنَ لأعودَ بعدها لما كنت أحُب -عزفي على القيثارة-.

لكنّه لم يكن حُزني فقط الذي قد ذاب..
يبدو أن شيئًا مشابهًا داخل صدرك قد فعَلَ أيضًا..

رغم هدوءِ يونغي، وعدم إفصاحه عن أي شيء، بل وأنه كان يحافظ على قلّه كلماته بجُمَله، كان جليًا وراءَ أستارَ عينَيك غير اللُطفِ، شيءٌ أظُنني فَطِنته..

كانت تزدادُ وضوحًا مع مرّاتِ زيارتي..

كانت ابتسامتك لطيفة، للغاية عزيزي..

لِمَ قَد يُخفَى جمالٌ كهذا تحتَ أستُرِ الجُمود..؟!

رُبما أتركُ نفسي الآن تُسقِطُ جميعَ ما بداخلها عبرَ حِبري الأزرق..
علّه لا يعود مُجددًا لزيارة أفكاري..

بدأتَ تلين يونغي، وكذلك فعلت..

لكنّه لم يكُن لي أبدًا فعل هذا..
لم يكُن عليّ القدوم مِن البداية..
لم يَكُن عليكَ إذابةَ أي شيء..
كُنت سأكتفي بقهوتي المُثلجة ليزداد جمودي..

لكنني بدأتُ أكتَسِبُ من اللين ما اكتسبت، من الابتسامات، والنظرات..

تركتُ نفسي لوهلة، تلين..

كمَن اقترفَ إثمًا، لكنّه لم يكُن إلّا سهوًّا منه..
حالَ سَكَرِه فقط..

كانت قهوتُكَ تُسكِرنُي، فيذهبُ عقلي ليقع قلبي لك، فأنسى أن للوقتِ عقارِبٌ تتحرك، وأمكُثُ بدفءِ مقهاك ونظراتك للكثير من الوقت..

فأعود ليُهاتفني حَبيبي، وكأنني أتركُ أمرهُ على بابِ مقهاك..

فيتآكُل قلبي عذابًا وندمًا..

حتى قررتُ بالفعل أني لا يجبُ عليّ القدوم مُجددًا..

ولن تعلم، يونغي، كم جاهدتُ نفسي لِفعلِ هذا..

فإمّا ينتهي بي اليومُ بينَ أفرِشتي، أو تهزِمني ما أذبتَ لأنهض طالِبةً قهوتك، صُحبة نظراتك وبسمتك..

جعلتني أُفَكِرُ كما لم أفعل قبلًا..
أهذا يعني أني لا أُحِبه؟
أهذا يعني كوني شخصًا سيئًا؟
لكليكما..
ولِنفسي كذلك..

عادَ مِن سفَرِه..
والتقينا..
صُدفةً بذاتِ المقهى..
لم يكُن على ذلك أن يحدُث أيضًا..
لكنّه حدث..
وانتهى الأمرُ بِكَ والقهوةَ وقلبي بأرضِ المقهى..
لم أقصد ذلك أُقسم..

انتهت حينها قصتنا..
وقصتي التي تحويه أيضًا..

لم أعُد جيدةً له، ولا لكَ أيضًا..

رُبما تكرَهُني الآن.. لكَ كُل الحق.

تعلمُ أني سافرتُ معه، لكنّ ذلك لم يحدُث، سافرتُ وحدي..
أعيشُ وحدي صُحبةَ ألمٍ أستحِقهُ رُبما..

آسفةٌ لك عزيزي يونغي، وله أيضًا، ولِنَفسي..

رُبما تنتهي قِصَتي ونفسي قريبًا أيضًا، فما عُدتُّ أُريدُ قِصصًا بعدَ الآن..

آمُل لقلبكَ السلامةَ يونغي، وأُقسِمُ أني آسفة على كُلّ شيء..
على قدومي بمرتي الأولى، وكل ما تلاها.."

-التاسِع عَشر مِن أكتوبر، ٢٠٢٢م.

🎉 لقد انتهيت من قراءة الطَاوِلة الخامِسةَ عَشر 🎉
الطَاوِلة الخامِسةَ عَشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن