" ٩ رمضان ".
تابع اليوم الرابع:
وفى منزل " فتوح " حيث ذهب " الحاج عمران " لزيارة صديق عمره وجاره منذ الصغر " عسران " الذى قد أصيب بجلطة منذ عشر سنوات أصفرت عن عجز ساقيه ومنذ ذلك الحين وهو أصبح قعيد الفراش وزوجة أبنه هى من تتولى رعايته برفقه ولده، وها هو يجلس متكئاً على عصاه الأبانوس وأبتسامته تزين ثغره وإلى جواره يجلس " توفيق " زوج أبنته وأبن أخيه بداخل الأريكة المتهالك بغرفة " عسران " أو ما يسمى بـِـ " الكنبة العربى " و " عسران " يتوسط فراشه مردداً بترحاب.
- خطوة عزيزك يا " عمران " عاش من شافك يا راجل.." عمران " بأبتسامة صافية خالية من أى ضغينة.
- اللّٰه يعز مقدارك يا حاج..
واللّٰه أنا أجيلك على رموش عنيا بس أنت عارف الواحد بقا عضمة كبيرة ومش حمل سلمكم اللى يقطع النفس ده.." عسران " بمزاح وهى يضرب بيديه صدره موضع قلبه بفخر.
- العضمة كبرت بس القلب لسه شباب يا جدع.." فتوح " بمرح هو الآخر وهو يريت على كتف والده.
- طول عمرك شباب يا حاااج ربنا يديك طوله العمر.." عسران " بإشتياق حقيقى.
- واللّٰه بدخلتكم عليا دى ردتوا فيا الروح..
يااااااا واللّٰه زمان يا " عمران " يا أخويااا..
ثم تابع بأبتسامة متحسرة.
- فاكر يا راجل زمان كنا بنعمل إيه فى أيام رمضان.
فاكر كنا أزاى أحنا وسليمان اللّٰه يرحمه كنا نقف أيد واحدة ونخدم عالمائدة أزاى..
فأضاف هذه المرة وهو يوجه حديثه إلى " توفيق " بأبتسامة محبة على أثر ذكرياته السعيدة تلك.
- طول عمرنا هنا أهل وأيد واحدة عمر ما حد فينا أختلف أبداً ورغم أن " سليمان " كان مسيحى إلا أنه كان بيبقا حريص على تجهيزه المائدة للصايمين وكأنه هو الصايم مش أحنا..
أيامنا كان فيها خير وبركة مش زى أيامكم يا " توفيق ".." توفيق " بحب.
- عندك حق يا حاج واللّٰه بس برضو " عم سليمان " اللّٰه يرحمه ساب لـِـ " إسحاق " طوله العمر وهو دلوقتى اللى بيجهز للمائدة مكانه..
الدنيا لسه فيها خير يا حاج يكش بس الحياة بتوهنا عن بعض بس ده ميمنعش أن لسه فى ناس طيبة وبيجمعهم المحبة والبركة اللى أنتم زرعتوها زمان.." عسران " بإشتياق حقيقى.
- تصدقوا باللّٰه.." عمران " والجميع فى نفس الصوت.
- لا إله إلا اللّٰه.." عسران " على نفس نبرته السابقة.
- أنا وحشنى أوى الشارع وأهل الحى ووحشنى أرجع أنزل تانى وأشوف الناس دى كلها اللى بقالى سنين معرفش عنهم حاجة بس هنعمل إيه بقا أدى اللّٰه وأدى حكمته وأنا مؤمن وراضى باللى ربنا قسمهولى..فأسرع " توفيق " قائلاً بحب.
- أحنا فيها يا حاج..
بكرا هبعتلك الواد " عمر " مع كام واد من أهل الحتة ينزلوك بالكرسى وتقعد معانا طول اليوم ونطلعك عالسحور وتقعد تفطر معانا عالمائدة وترجع أيام الزمان..