▪️ الـبـارت الأول ▪️

13 2 0
                                    



"مذكراتي اللعينة
١٢ عشر شتاء قد مرّ ، و لم يتغير شيئ ، لازلت وحيدا، بائسا و كئيبا، انا الآن جالس بجانب ابي، او بالأحرى قبره . يعمُّ المَكانَ هدوءُ الموتِ، و سكونهُ و وحدتهُ و ألمهُ، هنا حيث تهشّمت القلوب و هنا حيث ترقد الأرواح بعضها في سلام و الآخر في عذاب ابديّ، لطالما كانت المقبرة مكاني المفضل، احب وحشتها و ظلامها فهما يُشعرانني بالسكينة و الراحة، ها انا الآن جالس فوق تربة امتصّت جسد ابي و فككته، اتخيل بقايا جثته في ألم. و أتمنى الموت و التمدد بجانبه و معانقته بينما أدخن سيجارتي المخَدِّرةِ نافثا دخانا من الهموم و الأحزان ساعيا لتخفيف الألم."

اغلقت المذكرة لأضعها في حقيبتي ثم القيت نظرة اخيرة على قبر أبي أودّعه قبل ان اغادر المقبرة . كان القمر مكتملا، يعود بي لصفحات الماضي تحديدا قبل أشهر ، عندما رأيتها للمرّة الأولى و الوحيدة ، تلك هي من أحرقت فؤادي شوقا لرؤيتها، فنُقشت ملامحها في ذاكرتي نقشا . كان ذلك ليلة خميس ، عندما أتيت لزيارة أبي كالعادة، شعرت برفقة في المكان ، و إذا بي ألمح جسدا أنثويا امام أحد المقابر ، مرت بجانبي، فأحسست بنظراتها المتعبة تتفحصني ، جذبني شعرها الأسود الجميل و عيناها الداكنتان التي انعكس ضوء القمر عليهما يضفي لمعة أخّاذة ، جميلة كانت في وشاح الحزن و مغرية عينيها المحددة بكحل الألم . شيء فيها أعجبني، ربما قوتها و صمودها رغم بؤسها الواضح مما  أشعرني بغيرة كشفت نرجسيتي.. في خبايا عينيها رأيت نفسي المشتتة و الضعيفة ثم تعمّقت أكثر لأرى صبرها و إرادتها فأردت إرادتها و أردت صبرها و أردتها، في جزء من الثانية إحتلت جسدي و عقلي و فؤادي  فأستولت عليَّ لتصبح أكبر طموحاتي رؤيتها مجدّدا . شعور غريب يجتاحني، أهو ما يسمّونه بالحبِّ؟ أم هو فقط إعجاب..؟
قاطع أفكاري صوت السيارات المزعج تزامنا مع إبتعادي عن المقبرة...





يتبع...






#stapelia

~ 𝑆𝓉𝒶𝓅ℯ𝓁𝒾𝒶 🌹 ستاپاليا ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن