١ - غارِقٌ فِي السَواد.

717 84 75
                                    

هُنالكَ نَجمةً مُنطفِئة في الأسفل فـ هل لكِ أن تُنيرينَها بأناملكِ؟.
و التعَلِيقات تُحفزّني على الإسِتمَرار أيضًا ♡︎.

-

فِي أولَى لَيالِي دَيسَمَبر ، توجّهت للخَارج غِير مُحددة وُجهتَي.

و فَي أول خَطوَة لِي خَارِج مَنزلِي لَحفّني الهَواء البَارد و غَرقت قَدمَاي بالثَلج المُتناثِر فِي الأنحَاء ، فَـ نَحنُ قَد دَخَلنَا فِي أحَد أبَرد أُشهر السَنة.

قمتُ بإخِراج مُشغّل المُوسيقى الخَاص بِي وَ وضعتُ السمّاعات فِي أُذنَاي لأقوم بِتشَغيل بَعض مِن مَعزوفات البِيَانو، ثُمّ دسستُ يَداي فَي جيب مَعطفي كَـ مَحاولة عَابِثة ببث الدَفىء لِـ ذَاتِي.

و رَغمَ إحِسَاسي بـ تَجمّد أطَرافِي إلّا إنّني أحبُ الخَروج فِي هَذه الأجواء، حِيثُ قلّة مِن النَاس يَخرجُون فِي طقسٍ كـ هذا فـ تُصبح الشَوارِع المُكتظّة شبه فارغة و أصَواتُ الثَرثرَة تكادُ تُسمع ، و هَذا أفضل مَا يُمكن بِالنَسبة لي.

فـ صَخبَ عَقلِي يكفي و لا لِي بـ طَاقة لـ تحمّل إزعَاج خارجيّ.

فـ للأسَف أصبَحتُ إنسانة لَم أعَهد أن أكُونَها.

بَاردة، هَادئة، إنطوائية، مُصابة بفَرط التَفكِير.

و أسَوأ ما فِي ذلك هو أنّني قَد أعَتزلتُ العَزف، أو بَالأحرَى هوَ مَن أعتزلَني.

سَابِقًا كنتُ عَازِفة يُسمَع صَداها كُلّ البلد ، و إنسَانة شَغُوفة و مُتفانية بـ عملها.

و الآن قَد مرّ ما يُقارب العَام على توقفي عن العزف.

أجلسُ لسَاعات و سَاعات أمام آلتي المُوسَيقيَة على أمل أن يتحرّك شَيئًا ما بداخلي.. و مَا مِن فَائدة.

مرّات أُرجّح فِكرة أنّني مُصابة بالإكتِئاب لَكِن سَريعًا ما أُنفِيها
عَلى الأقل إن كنتُ مُكتئبة فَـ عليّ أن أشعر بالحُزن، الألم، شعورًا ما فحسب..
لَكِن جُلّ ما أشعر بهِ هو الفَراغ.

لطَالما مَا كنتُ أتمنّى أن أمُوت بذَات اللحَظة التِي أتوقّف فِيها عَن العَزف و على مَا يَبدُو أنّ الأُمنيَة قَد تَحققت.
فـ أنا مَيّتة على قيدَ الحيَاة.

توقفتُ عن السِير حِينمَا لاحظت وُصولي لإحدى الأبنيَة المُوسِيقيَة الضَخمة في البَلدة، لَكِن قَد هُجِرت بِسبَب غَسيل الأمَوال أو فَضيِحة كَـ هَذِه عَنها لـ تَغُدو مُوحشَة لا يُطالها نورٌ أو صوت.

صُدمتُ قَلِيلًا لـ بُعدها كُلّ البُعد عن مَنزلِي ممّا يَعنِي أنّني قد بالغتُ بسَيري لأصل هُنا، لَكِن ما مِن ضير مِن إكتشَاف المكان، و رُبمّا أجد نوتة سَحريّة تُعيدني للحيَاة و مَا حَياتِي إلّا المُوسيقى.

دلفتُ للدَاخِل بِسهُولة لـ عَدم تواجد أمنٍ أو أبواب حتى ،
فـ المَكان مَهجور لدَرجة أنّ الأبَواب بَدأت بالتَآكل حتى سَقطت أرضًا لـ تُصبِح عديمة الفائدة.

و بدأتُ بـ إسِتكشَاف المَبنى ، كانَ واسِعُا بشكلٍ مهول مِن الدَاخل ، حِيثُ يتألفَ مِن ثلاث طوابق و يتداخل بـ كلّ طابقٍ مِنهم أشجار ضَخمة تُحيط بالمَبنى لـ تِستَحوِذ بـ أغصانها مُعظم الغُرف.

لا يُوجد شيء مُثير للإهتمام حتى سَمعتُ لحن من بَعيد.

أخَذتُ ثوانٍ لأستُوعِب أنّ هَذا صُوتَ البِيانو! شَعرتُ بـ مَزِيجٌ مِن الخَوف و الصَدمة.

المَكان مَهجورٌ بِكل مَا تعنيه الكَلمة!.

تَصنّمتُ لمدة لِيسَت بقَليلة أستمِع للعَزف بينما أُصَارع صوتُين فِي داخَلي ، أحدَهما يُوبّخني كِي أهَرب و الآخر يُحثّني على التهوّر و إتّباع الَعزف.

و رضحتُ فِي نَهايَة الأمر إلى فضولي ، لأمَشِي بخطوات هادئة مُتجّهة لـ مصَدر المُوسيقى.

و كانَ الصَوت يُوضَح شيئًا فـ شيئًا، حتى أقتربتُ إلِى القَاعة الموسِيقيَة في الطَابق الثالث.

عشتُ بَعض مِن لَحظات التَوتر و التَردد فِي الإسِتمرار بالغَباء اللذي أفعله أم التَراجع؟.

خُطوة و خطوتين لأدَخل إلِيها ناظَرة بِترَدد إلَى الأنحَاء..

مَعزُوفة للبِيَانو تُحيط المَكان
و كَان العَزف ذو جمالٍ أخّاذ
لَكِن ما لفتَ رُوحِي قَبلَ عِيناي
كان رَجلٌ غارِقٌ فِي السَواد
يتوسّط القَاعة بِـ ذلك البِيانو الضَخم
يَعزفُ بِكُلِّ دّقَة ، و عِيناه مُتمركِزة عليّ
و كأنّه يَقرأ النُوتَات مِن خِلالَي.

وُجوده فِي مكانٍ كـ هذا لـ يعزف على آلة قديمة أثار تَعجُّبي.

و ما زاد الأمر إِضْطِرابًا بداخلي ، هي عَيِناه شَديدة السَواد و العَمِيقة بِشكلٍ أثار قشعرِيرة بِداخَلِي ، و أسَتصَعب عَليّ الإسِتمرَار فِي تَواصِلنا البَصريّ.

فكّرت بالتَراجع، و شَعرتُ بالتَردد.

حتى رضَختُ لـ رَغبتِي الجامحة بالقُرب مِنهُ.

و توجّهت إليهِ مخالفة للمنطق و بعيدةٌ كُلّ البُعد عن وعيي.

-

المُهم بهذا البارت حبيت أركّز على رِيون و حالتها و مشاعرها الخاصة، يعني الأحداث جاية بالطَرِيق.

و ما عندي تعليق ثاني لـ بارت اليوم فـ ..
إلى لقاءٍ قريب!.

December | دِيسَمبَرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن