٥_《لِتَكُنْ أَكْثَرَ جُنُوناً!》

611 102 80
                                    


ثم أردفت إيزابيلا، وهي ترتسم على شفاها ابتسامة ماكرة:
- أتمنى ألّا يستيقظ هذا الوغد... أحبه... هذا مستحيل.

تنهدت وقالت:
- تباً لك... فريديك.

فاجئها السيد جاسبر، حيث كان يقف خلفها مباشرة، كان بطريقه ليخبرها بأن فريديك قد استيقظ من إغمائه المفاجئ، فتظاهرت بالسعادة وبلمح البصر تحولت ملامحها لتظهر كم هي مرتاحة لسماعها هذا الخبر، ولكن بداخلها تلعنه متمنية أن يظل راقداً بالفراش.

دلفت إلى غرفته حيث يجلس الجميع، نظرت له بدفء وقالت:
- عزيزي فريديك... الحمد للرب... إنك الآن سالماً.

قالت ذلك وفريدي يشعر أن قلبه سينفجر بأي لحظة وملامح السعادة ظهرت على وجهه، فابتسم ابتسامة واسعة بلهاء، صديقنا هذا الذي نعلمه جيداً، الرجل صاحب الوجه الخشبي.

ثم قال بخاطره:
- يا إلهي... لم أتخيل أن أرى وجهها بهذا القرب أبداً!  حسناً، إن كان الذي أعيشه الآن حلماً... لن أمانع أن أستمر به قليلاً.

ثم واصل التحديق بها وبنظراتها وحدث خاطره:

- يبدوا أن إيزابيل متيمة بي... أقصد إنها متيمة بالسيد فريديك هذا... مهلاً، هي تراقبني الآن، أيضاً... من دون أي شك، فهي قلقة على حالي.

قال ذلك وهو شارد بوجهها وعيناه متعلقة على عينيها، فأحرجت إيزابيلا وحدثت خاطرها:
- ما الذي يحدث... لما هو صادق وجاد هكذا... ونظراته هذه... أعتقد أنه يتمادى في تمثيله فقط... لإغاظتي.

حمحمت الجدة، وطلبت من جاسبر الانصراف، فلقد شعرت أن الجو العام مهيأ للخطيبين أن يتحدثوا على انفراد, فصرخ الاثنان بالوقت ذاته قائلين:
- لا... لا تفعلي هذا... سنأتي خلفكم...

الجدة لا تعلم حقيقة كلاهما، من تمثل الحب والآخر الذي لا يعرف التحدث إلى الغرباء!

فأردفت الجدة:
- لا تجهد نفسك فريديك... أنت تحتاج إلى الراحة، ثم إني أعلم أنكم لن ترتاحوا إلى التحدث بوجودنا.

فنهض فريدي من فراشه مسرعاً، ثم أمسك بيد جدته، وأخبرها بصوت هادئ:

- أنا بخير يا جدتي، أعتذر عن إفساد فطوركم، وأشعر بالذنب قليلاً لذلك... لذا من فضلكم جميعاً تابعوا فطوركم بالحديقة، اسمحي لي أن أغسل وجهي وما هي إلا دقائق وسألحق بكم.

غادر الجميع، ثم غلق فريدي الباب خلفهم، وذهب للمرآة يرتب شعره الذي تبعثر قليلاً، ووضع يده على قلبه، قائلاً لنفسه:
- كن هادئاً يا فريدي... إنها تحب فريديك وليس أنت! حتى وإن كان ذلك صحيحاً، وأنا أعرفه تمام المعرفة، ولكن قلبي هذا... لن يهدأ...  أيضاً، لطالما كنت رجلا منطقيا، ولكن يبدو منذ مجيئي هنا، وأنا أفقد كل دفاعاتي، تباعا.

صخرة الفِرتاس. ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن