٤_《إيزابيلا》

651 106 50
                                    

كاد يُغشى على صديقنا فريدي، حقاً كيف له أن يتماسك، يتملكه الشك الأقرب إلى اليقين أن يكون إدوارد وإيزابيل بعالمه هذا، تماماً كما يرى حارس العَقَار في هيئة الخادم جاسبر أمامه، فأخذ يردد في نفسه ألا يكون ذلك صحيحاً، من المحتمل أن يكون إدوارد هنا، لكن إيزابيل... مستحيل، لقد كان بالكاد يرد السلام عليها... الآن هي خطيبته. أخذ يجول ذهاباً وإيابا... لا يعرف ماذا يفعل، ثم قاطعه جاسبر:

- هيا يا سيدي الجميع... ينتظرك.

أجابه فريدي بأنه يأخذ حمامه الآن وسيلحقه بعدها، دخل إلى حمامه الخاص، كان الحمام فاخراً بشكل مدهش، يوجد مرآة طولية بكل جوانبه الأربعة ¸ وحوض الاستحمام الواسع من الرخام به ماء دافئ وضع به القليل من زهور الربيع الصفراء، وكانت المرآة الرئيسية عليها مختلف أنواع الزيوت والعطور الطبيعية، أدهش فريدي من جمال التصميم وقال:
- حقاً... أقر بعبقرية التصميم... أيها المصمم أحييك!.

ثم تنهد، ونظر إلى نفسه بالمرآة وأردف:
- أي حياة كنت تعيشها يا سيد فريديك، أي كانت هذه اللحظة حلماً أم عالم اللعبة، ما كل هذه الزيوت والعطور! بالتأكيد حياتك مختلفة عني، أنا من ينهى استحمامه فقط في خمس عشرة دقيقة.

ثم أردف:
- مهلاً... هل اعتدت على الوضع، فلتفق يا فريدي، هذا فقط حلم وسينتهي.

انتهى من استحمامه المطول، ثم ارتدى الملابس التي وضعها الخدم قبلاً، كانت البذلة ثلاث قطع، قميص من الكَتَّان لونه أبيض، سترة زرقاء ذات ياقة عالية، بأزرار فضية منقوش عليها نقشات خفيفة منسوجة بخيط فضي وسروال ضيق من القطن والذي لونه أزرق خالص، قام بارتدائهم ثم خرج من الحمام، ليجد جواربه وحذاءه بجانب المَقْعَد الذي يكون أمام مرآة غرفته، فأخذ حذاءه الأسود الجلدي، الذي يكون عالي الرقبة تصل إلى حد الركبة، ارتدى ملابسه ثم قام بتمشيط شعره الأسود الذي كان أكثر لمعاناً وصحية، ثم نظر إلى نفسه بإعجاب، قائلاً:
- هل السبب أني لم أهتم إلى النظر بالمرآة هو ضعف نظري، أم لما أنا الآن أقف أنظر إلى ملامحي بتمعن، هل أنا أصبحت نرجسي؟.

ثم قاطعه طرق جاسبر، فأردف قائلاً:
- حسناً... حسناً... لقد انتهيت.

قام فريدي بدفع الباب ليجد جاسبر أمامه مباشرة فقال له: -
-هل لك أن تترك مساحتي الخاصة، لا تقف ملازماً لي هكذا... فقط على بعد خمس خطوات... هل فهمت؟.

موقفه هذا جعل جاسبر يرتبك من الحَيْرَة، فجاسبر يعرف أنه لطالما كانت طريقة تعامل فريديك معه مختلفة تماما، لكنه مجددا أخذ يذكر نفسه بأن فريديك الآن ليس بحال جيد... لذا نفض الموقف من ذاكرته سريعاً ثم أردف:
-سيدي من هنا.... هذا ليس الاتجاه الصحيح للحديقة.

حيث اعتمد فريدي على ذكائه، ولكن لم يفلح الأمر، كان يسير باتجاه غرفة جدته عوضا عن الحديقة، لطالما كان فريدي يعاني من هذه العادة أيضاً، عندما يتوتر يفقد اتجاهاته، ويصبح شارداً وأحيانا يقف كالصنم بلا حركة!.

صخرة الفِرتاس. ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن