يقال أن ذاكرة القلب تنعش الروح، وتبقي الجسد على قيد الحياة، على الأقل أنا أقول هذا.
عشر سنوات عجاف، أثرن قحطا بقلبي، فبت كسنبلة وحيدة في حقل لاقا، وإن سئلتم عن لاقا، ومن تكون، سأخبركم أنها مدينتي التي جهلت فيها كل ما آلف، حتى وجوه العابرين.
أسير مغيبة في شوارعها العريضة وحاراتها، بحثا عني، لكنني لا أجد أحد، ولا أجدني، وجوه غريبة تلك التي آراها، كالضباب.
حتى مبانيها العتيقة، التي حفرت لنفسها مكانا على جدران ذاكرتي، اختفت، تلك الشوارع التي ألقاها ماعادت، أسير وكأنني لست في ديري، لست في داري، غابت تلك المدينة عن واقعي، فاعدتها لاقا، عادت لاسم من الماضي في داخلي، لأن المدينة التي اعرفها باتت من الماضي.
لكن ذاك الطيف جاء، ولملم فتات الذكرى من وجوه العابرين، ربط الخيوط ببعضها لأجدك، كذكرى معلقة على حبال جسر معلق، ماعاد معلق إلا في قلوبنا، وأعيش فيك طفولة مألوفة، يافرات أعذب من الشوق والحنين.
أنت تقرأ
اعترافات منتصف الليل
Non-Fictionقلوب حائرة، آثرت الصمت على الكلام، فالصمت أبلغ من جزل الكلام أحيانا. إلا ان الليل يخون عهود الثابتين، ويخيم في لحظة عجز فوق قلبك، فيسري سيل جارف من الكلمات في جوف الليل، ليفضحك.