"أُمي، سأذهب إلى المدرسة"
صدح صوتُ الفتى عبر المنزل، مرت ثوانٍ من الصمت, كأنهُ يأمُل ان يرد عليه صوتٌ من خلالِ الجُدرانشقت إبتسامةٌ كاذبة صغيرة طريقها إلى شفتيه و ضحكةٌ مكتومة خرجت من حنجرته،
اختفى صوت ضحكاته المتشبعة بالبرود تدريجيًا و إلتبس وجههُ الجمود مجددًا
"اه صحيح، انتِ ميتة…"
تمتم لنفسه و استدار خارجاً مع حقيبته ذاهبًا للمدرسة-
تجول نظر الفتى بين المباني و الاولاد الذين بنفس عمره، بعضهم يتكلم مع أصدقائه و الاخر يراجعُ امتحانه، و هناك ذلك الأحمق الذي سهر يلعبُ العاب الفيديواعاد النظر إلى الطريق مركزًا على قدميه
'انا لستُ ذكيًا في الموادِ الأكاديمية او في الرياضات و لستُ مشهورًا حتى، في الواقع أظن ان الفتى الذي امامي لا يعرفُ إسميّ حتى..قوطِعت افكارهُ من الضوءِ الأحمر الذي أمره بالتوقف، لكن ما لفت نظره اكثر من الضوء هو العجوز الذي حاول عبور الشارع
في هذه اللحظة، إنمكش وجهُ الفتى بأستغراب و كأنه يتسائلُ إن كان العجوزُ واعيًا او خرفًا
'ألن يساعدهُ احد؟، سيُدهسُ قبل ان يصل لنصف الطريق، ربما أستطيعُ مساعدته! لكن حينها
انا من سيُدهسّ...و ربما أيضاً سأكونُ قد اعترضتُ على قدره المحتوم!... انا- انا اريدُ المساعدة ولكن هل يمكنني؟ هل استحقُ أن أساعدهُ حتى؟..'
ما كاد ان يخطو خطوةً إلا و قد مر شخصٌ بسرعة بجانبهِ هارعًا للعجوزِ منقذًا إياهُ قبل ان يموت
رفع الناس نظرهم من هواتِفهم و كأنهم يصحونَ
الان على ان شخصًا كاد يموت!لينظروا نحوَ (البطل) الذي ساعد عجوزًا ضعيفًا، حتى ان بعضهم كان يصور و من بينهم الفتى الذي كان يمر بصراعٍ مع نفسه
و انتهى بأن اللوم سيكونُ رفيقه في هذا اليومِ الطويل، إنكمش بطنهُ من فكرة أنهُ لم يكن قادرًا على المساعدة
مع انه كان يستطيع، و ما ان اصبح الضوء أخضرًا، حتى اكمل مشيهُ بخطواتٍ اسرع محاولاً الوصول إلى المدرسةِ قبل أن يقرعَ الجرس
-
كان الطلابُ جالسين على مقاعِدهم، لا صوت، لا حركة ولا اي نفسٍ يسمع في الصفكان اختبار تعبيرٍ في مادة الأدب، و اللتي لم يكن احدٌ يفضلها إلا لو كان مهووس كتب
كمثال الفتى الذي كان يجلسُ عند اخرِ الصف، كان قد أنهى التعبير للتو و يال فخرهِ به! نظر نحو تعبيرهِ برضى، قلب الورقة على ظهرها الأبيض لحين إنتهاء الوقت
و بينما كان يحملقُ بالفراغ بملل، حتى غطى عليهِ ظلٌ طويل، حثهُ على رفع نظره رغم رفض عقله لهذا لانه يعلم ما ينتظره
"أرى انك إنتهيت يا سيد...." لم يكن الأسم الذي قالهُ المدرس واضحاً و لكنه قد كان يمدُ يده له
و استجاب الفتى لهذا التصرف و أعطاهُ الورقة و هو الفخر يملئُ صدره لأول مرةٍ
منذُ مدةٍ لم يتذكرهالكن! ما ان مرت ثوانٍ على إعطاء الورقة حتى انمحت نظرةُ الفخر من على وجهه و غطا عليها وجهٌ متوتر من نظراتِ المدرس الغيرِ مبشرةٍ بأيي خير
جفل الفتى في مكانه مع خروج صوتِ المُدرس "هذا حقاً عملٌ مبهر.." لم يسعفهُ الوقت للراحة بفضلِ إكمال المدرس لجملته
"و هذا لو كنا في المدرسة الأبتدائية"
ضحكات و همسات الطلاب غطت على سمعهِ بينما كان المدرس يشرح له و يخبره كيف انهُ احمقو لا يعرفُ حتى تهجئة كلمةٍ بسيطة!، حبس الفتى دموعه، فأخرُ ما يريده ان تتم مضايقته من قبل الجميع لأنه بكى و لكن من يلومهُ يا ترى؟...
أنت تقرأ
||ظِلالُ الماضيِ||
Short Story"إذا لم اكن البطل، فلا معنى لوجودي" في طريقٌ مجهول، هل سيجدُ (الفتى) نفسهُ، ام سيضيعُ بين إشاراتِ الطرق تائِهاً بين طيّاتِ ماضيه، هل سيجدُ طريقه و حاضره في شخصٍ أخر؟ كُل الحقوق تعود لي كمؤلفة، لا أسمح بأي إقتباس او نسخ من أيّ نوع القصة خالية من أي...