V

31 4 0
                                    

دويّ صوت خطواتٍ في المكان
و ظهر ظل شخصٍ ما، غطى على جسد الفتى المستلقي

"ها انت ذا لقد كنت ابحث عنك في كـ-...."
تجمد إلوما في مكانه، ناظرًا لجسد الفتى الذي لا يتحرك إنشًا و هرع له جالسًا بجانب جسده على الأرض و يهزه

" أأنت بخير! أ.. أأتصل بالاسعاف! اج-" قُطِع كلامه مِن قِبلِ صوت تنهد الفتى

"انت مزعج"
قال بهدوء و هو يستند على يديه بصعوبة ليجلس، مد إلوما يده ليساعده و لكن الفتى لم يأخذ بها و جلس لوحده

بقيا على هذا الجو الصامت و التوتر يملأُ المكان "من فعل هذا بك؟" سأل إلوما كاسرًا الصمت ليرد عليه الفتى بصوتٍ منخفض و نبرةٍ غاضبة

"ألم تتعب؟"
"ها؟"

لم يعلم إلوما ما يقول

"أقول لك ألم تتعب من التمثيل!؟ تمثل انك الشخص الجيد، البطل، المنقذ فقط ليعجب بك الاخرون، تلاحقني لكل مكان و بعدها تعاملني كظلٍ لا كيانَ له!

الم تتعب من النفاق و من الكذب على نفسك و عليّ؟ اكانت هذه خطتك من البداية؟ تسرقُ نقودهم و تجعلهم يأتون ورائي ليضربوني بدلاً عنك!؟ لقد نجحتَ فهنيئًا لك!"

هَاجَ الفتى عليه و نهض من الأرض ينظرُ نحو إلوما الذي وقف بسخطٍ، مع كل كلمةٍ يعلى صوتهُ في المكان الخالي

بدأ يضربُ صدر إلوما بقبضتيه الهزيلتين، لم تؤثر الضربات على إلوما ولو لمرة، و لكنهُ لم يحاول إيقافه أو إخراج كلمةٍ ليدافع عن نفسه

لقد كره الفتى نفسه، كره اللحظة التي وثق به و اعتبرهُ صديقاً، تمنى انه لم يحدث أيٌ من هذا ابداً منذ البداية

تمنى لو لم ينّم في ذلك المكان يومها، لو لم يلتقي قطّ

حاول إلوما اخراج الكلماتِ من جوفه، نظرهُ مركزٌ على الأرض خائفٌ من وضع عينيه بعينيِ الفتى، أراد ان يشرح ان هذا كله سوء فهم و لكنه لم يتمكن، و كأن احدًا وضع يده على فمه، مُسكتاً إياه

لقد كان هذا الذنب

فُتحت عيناه على وسعهما ما إن رفع رأسه، رأى كيف كان جسد الفتى يرتجف و ذرفت عينهُ اليمنى دمعةً وحيدةً مِن شدة الغصة التي كان يكبحها داخله

رأى كيف كان صدره يصعد و ينزل بسرعة و كأنه ركض مارااثونًا كاملاً بدون راحة، ابتسم الفتى بأنكسار و هو يرى كيف كان إلوما صامتاً بدون حرف

"انت فقط مثلها، تراني لعبةً بلا شعور لتفريغ الضغط، تأتي لي متى ما احتجت و بعدها ترميني" صمت الفتى للحظة

هاه...اهاههههههههه" فجأةً إنفجر بالضحكِ بقوة و انحنى واضعاً يديه على معدته، تفاجئ إلوما من التغير الغريب بردة فعله و لم يعرف ما يفعلُه

صدحَ صوتُ ضحكة الفتى في الجو الصامت و دموعه تنزل من عينيهِ بغزارة

  انزل إلوما رأسه للأرضِ مُجددًا عاضًا شفتيهِ السُفلية بقوة، لم يستطع النظر في عينيّ صديقه هكذا، مكسورتان... فارغتان

اتنهت نوبةُ ضحك الفتى و وقف مستقيمًا و هو ما زال يلتقطُ أنفاسه

"لا تنظر في عينيّ مجدداً بعد اليوم، تصرف كأنك لم تعرفني قط، عاملني كالشبح كما الجميع، في النهاية لقد حققت غايتك منّي"

بصق كلماته القاسية على إلوما و غادر المكان، صوت خطواته يتلاشى شيئًا فشيئًا، إلوما كان صامتً ينظرُ للجهة التي مشى فيها الفتى...

'كل هذا ذنبي'

قال لنفسه و امسك رأسهُ بيديه

'هذا كلهُ بسببي'

-
مرَ اسبوعٌ على هذهِ الشاكلة، لم يتحدث ايٌ منهما مع الاخر، حاول إلوما إمساك الفتى في الممراتِ و التكلم معه و لكن لم يستطع إمساكه او اللحاق به حتى

لم يعطهِ فرصةً للشرح، عادا كأنهما غرباءٌ لا يعرفان بعضهما، لم يطل حتى توقف دونيل عن ازعاج الفتى فجأةً من غير مبرر

هذا أراح الفتى قليلاً لانه لم يعد يحتاج للعودة إلى المنزل و تطهير الجروح الجديدة كل يوم

في الوقت الحالي كان الفتى واقفًا خلف الآلة الحاسبة يعد النقود الباقية ليعيدها إلى الزبون، اعطاه ماله و تمتم ببضعة كلماتٍ شاكرًا إياه

رحل الزبون، و بعد بضعةِ دقائق صدح صوت جرسِ باب المحل

"مرحباً بك إلى ماريبوسا للمخبوزات"
قال الفتى مخفضًا رأسه لا ينظر للذي أمامه لأنه عرفهُ مذ لحظةِ دخوله

"اه مرحبًا، اريدُ قطعةً من فطيرة التفاح بالقرفة و قطعة من كعكةِ الليمون"

قال إلوما مباشرةً بأبتسامة و هو يؤشرُ على طلباته خلف زجاج العرض، كاد الفتى يسأله عن سبب
طلبه للكعكة الثانية و لكنه عض شفته موقفًا
نفسه

هذا ليس من شأنهِ بعد الان

قام الفتى بتحضير طلب إلوما و وضعه في علبةٍ صغيرة

"هذا سيكون بخمسة عشر و ثلاثين سنتًا" اردف الفتى بهدوء ليعطيه إلوما ماله و يخرج، عدّ الفتى النقود ليرى ورقةً صغيرة بين النقود

<قابلني في المقهى المقابل، هووهه يبدو ان الأمير قد ندم و أيضاً ما قصةُ خطِه؟ إنهُ سيئ أهو طفل؟> قرأ أوزول الرسالة و قال تعليقهُ الساخِر

"اصمت، سأرى ما لديه و أعود، اهتم بالمحل"
أمر الفتى اوزول و خرج من المحل غير تاركٍ له فرصةً للرد

<ولكني شبح!!>
صرخ اوزول على الفتى الذي ابتعد بالفعل و لن يعود، تمتم ببعض الشتائِم و نهض ليلحق بالفتى

||ظِلالُ الماضيِ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن