الثالث والعشرين

3.9K 322 27
                                    


لا تفهم سميحة سبب التغير الجذرى الذي طرأ على وفاء فجأة، لقد كانت بخير طيلة الرحلة وحين عادتا للمنزل كانت فى حالة نفسية رائعة وكأنها اكتسبت طاقة تكفيها لسنوات قادمة لكنها استيقظت اليوم بحال معاكس تماما لكل هذا واجمة شاردة يخيم الحزن على روحها وإن لم تعلن هذا فيمكن رؤيته بسهولة.

رفعت سميحة الفطور الذى لم تتناول منه وفاء سوى اليسير خوفاً من إثارة المزيد من فضول أمها، لقد كان كل شيء يسير على أفضل حال حتى فتحت مواقع التواصل ليلة أمس تتفقد الأخبار فكانت صوره تتصدر قائمة البحث مع إعلان عن خطبة تمت بالفعل .

لم تهتم بالنظر إلى الفتاة فهى تثق أنه نفسه لم يفعل لكن قسماته هو؛ ذلك الهدوء ، تلك السكينة، الابتسامة المنشقة عن صفاء روحه ونظرات عينيه التى تواجه العدسة بهذه الثقة كل ما فيه يخبرها أنه لم يتوقف لحظة واحدة بعدها لمجرد التجاوز وهذا يعنى أنه لا يحتاج تجاوزها فهى بالفعل لم تكن شيئا ذو أهمية، لقد قدمت له مزينة الحب فلم ير بأسا فى الحصول عليها وعلى قلبها أيضاً.

جلست سميحة وهى تأسف لحال ابنتها
_ مالك بس يا وفاء إيه اللى قلب حالك بالشكل ده؟

ظلت وفاء على حالها لتتنهد سميحة
_ طيب مش قولتى هتدورى على شغل؟

هزت وفاء رأسها وهى تنهض بتثاقل يدل على إجهاد روحها
_ هدور يا ماما انا احسن حاجة اعملها دلوقتى اشتغل بدل ما عمرى عمال يضيع كده

اتجهت إلى غرفتها بينما نظرت سميحة للساعة فاليوم ستتوجه سلمى لرؤية عمها كما أخبرتها عبر الهاتف وكم تتخوف من هذا اللقاء رغم أن سلمى تتميز بعقل راجح إلا أن تجاهل وجودهن طيلة السنوات الماضية كاف تماماً لتشتيت أي عقل.

.............

استيقظت سهى تشعر بألم شديد بسبب النوم غير المريح فوق تلك الأريكة لقد سلب النوم وعيها دون أن تشعر ومرت الساعات سريعاً فهى ترى ضوء النهار يخترق النافذة معلنا عن يوم جديد. تحركت بتأفف تنزع حجابها وتفرك وجهها باحثة عن ذكريات الليلة الماضية حتى عاد وعيها معلنا عن وجوده لتعود عينيها لباب الغرفة.

تقدمت بتردد وهى تخشى ردة فعله بعد طرده لها بهذه الطريقة ليلة أمس، دلفت بتروى لتجده يجلس متوسطا الفراش عاقدا ذراعيه ويركز بصره على أقصى الغرفة
حاولت أن تبدو طبيعية وهى تتحدث وكأن شيئا لم يكن
_ انت صاحى يا عثمان طيب كنت صحينى . دلوقتى معاد الدواء فات وزمانك جعان ينفع كده؟

ارتفع حاجبيه بدهشة وكأنها شخص لا يعرفه بينما تجاهلت نظراته واتجهت للخزانة لتخرج لها ملابس مريحة فيرى أنها تستعد لتبدأ يومها فيستوقفها
_ أيمن جاى بعد شوية هيجيب لى عكازين انا مش هقعد على كرسى ولا هستنى حد يحركنى

شعرت أنه يحاول الاستغناء عن مساعدتها ورغم أنها شعرت ببعض الحزن أظهرت تجاوزه وهى تبدل القطع التى اختارتها سلفا بما يتناسب لاستقبال صديقه
_ وماله يبقى أفضل علشان نفسيتك واعصابك أقل حركة هتريحك

الحب لا يكفي بقلم قسمة الشبيني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن