الفصل الثاني...............
كان منزل العمة منى مزدهرا بالمصابيح الساطعة و تنبعث من ارجائه الموسيقى الهادئة و اكتظ الشارع بسيارات المدعوين و بدأت اجواء المرح تعم الارجاء ..... وقفت جنى تحت ظل الشجرة في حديقة المنزل و هي غير مرتاحة لفستانها الاسود الجذاب و مظهرها الحالي....... ليست معتادة على وضع هكذا ماكياج و تصفيف شعرها الطويل بهكذا تسريحة ...... لماذا فعلت ذلك؟........ أ تريد ان تجذب احدهم فعلا؟......... معقول انها تزينت و تعطرت لتحيى بليلة جديدة مثلا؟....... أسمعت كلام صديقتها المقربة و اختها و ارادت التجربة ام ان نداء بداخلها اراد منها ذلك؟....... انت تريدين ذلك يا جنى؟........ تريدين التغيير و قلبك يريد ان يفتح ابوابه و يستقبل احدهم؟
راقبت المدعويين ........لحد الان لم تعرف اي من الاشخاص الذين يدخلون من الباب الكبير ........ كل رجل يدخل مع امرأة ونادرا مارأت شبابا او فتيات بمفردهم...... ابعدت الاغصان ببطء و برزت بوسط الحديقة المنيرة الاضواء الصاخبة و تحلت بقليل من الثقة حتى سمعت كلمات الاطراء و الاعجاب من معارفها الذين بدئوا يقبلون ........ لديها معارف و اصحاب بفعل عملها و اختلاطها بشخصيات مختلفة حتى تعززت ثقتها بنفسها بعد سماعها كل هذه الكلمات و الثناء على مظهرها الليلة ........ هذه المرة تمردت على نفسها و قررت الخروج من قوقعتها .....
شهقت لين عندما رأتها و قالت بدهشة اقرب للصدمة: "لا اكاد اصدق مظهرك...... انت ......... انت جنى ...... رباه اكاد افقد صوابي........ احسنت ........ احسنت صنعا جنى ....... تبدين مذهلة حقا...... الفستان يظهر جمال قوامك ....... تعالي معي ....... تعالي لندخل و ستتفاجئ عمتي حتما بجنى الجديدة"
مضت ساعة و شيئا فشئيا بدأت جنى ترتاح و تستجم حتى اتخذت جانبا من القاعة و جلست تحتسي الكولا المثلج و تبتسم للين التي تراقص شابا من اقاربها ....... اقتربت منى و هي امرأة اربعينية مرحة و عفوية و مفعمة بحب الحياة و السعادة و تفعل ما تريد متى شاء و كيف تشاء و تضرب العادت و التقاليد و الاعراف عرض الجدار ان ارادت ان تحقق رغبة او هدف في بالها ...... هكذا هي العمة منى ... امرأة قوية و افكارها متحررة و تميل الى الانفتاح و التغيير لكن مع كل ذلك بداخلها قلب حنون يسع الكون....... قالت و هي تدخن سيجارة: "الكولا يا جنى؟....... الليلة انسي كل شيء ....... انسي تاريخك و مستقبلك و عيشي اللحظة ........ خذي هذا الكأس و انسي معاناتك واضحكي بقوة و بهستريا و افرغي كل شحنات الغضب بداخلك ...... ارقصي و غني و اطلقي العنان لجسدك ............. دوري حولنا و اركضي ان شئت و اكسري ذلك الحاجز اللعين بداخلك"
اطلقت جنى ضحكة و هزت رأسها و هي تقول بارتياح: "غير معقولة انت يا عمتي ..... ماذا تقولين؟"
منى و بجدية: "كل ذلك تستطيعين فعله و بدون تلك الكائنات الغريبة التي تسمى بالرجال...... الكائنات التي تقتات من دماء قلوب النساء.... انا معك دائما لانك معتزلة الرجال منذ سنوات لكن لست معك و انت مهملة لجمالك و مغلقة على نفسك ........ افعلي ما يحلو لك و بدون اي رجل ......... لا تصدقي احدا يقول لك عليك بشريك يصاحبك و بدونه لا تستطيعين المواصلة ......... اسمعي العمة منى فقط....... حياة بلا رجال جنة بلا شياطين"
أنت تقرأ
رواية انتكاسة قلب لكاتبة هند صابر
Romanceلين و هي تدفع وجهها بانفعال و تنبيه: "ايتها المجنونة ماذا دهاك؟....... اصحابك استغربوا موقفك...... جنى.... اين سرحت؟..... اين شردت هذا ليس معقولا!" عضت على شفتها و ادارت بصرها الى لين و كانت عينيها غارقتين بالدموع و حمراوين بشدة ثم قالت بصوت مبحوح و...