الفصل الثالث عشر

270 13 0
                                    

الفصل الثالث عشر...........

دخلت بخطوات بطيئة و اناملها تحيط الكوب بقوة و توتر..... كان يرسم بكامل هدوئه و استقراره و ملامح تنم عن قوة ومتانة شخصية ........ لم يرفع بصره اليها رغم انها وقفت امامه و بقي يحرك الفرشاة ببطء على اللوحة و كأنه لا يشعر بوجودها امامه.
داعبت الكأس و تطلعت به مركزة بعينيه المنسدلة الاهداب نحو لوحته...... عندما رفع اهدابه فجأة و التقت عينيه الثاقبتين النظر بعينيها المثقلتين بالماكياج سرى شعور سخيف من الخوف بداخلها و بردت اوصالها لكنها حاولت الصمود و بدلا من اظهار اضطرابها ابتسمت له بفتور ...... اعاد بصره الى اللوحة و عاود التلوين بالفرشاة قائلا بلا مبالاة: "ظننت لا احد في المنزل"

هي و بنبرة منخفضة: "فعلا.... لا احد غيرنا"
استمر بعمله متجاهلا لانوثتها و نبرة صوتها المعبر عن الكثير من المعاني و قال ببرود: "كان عليك ان تذهبي مع فادي"

اقتربت خطوات من التمثال و مررت يدها على جوانبه قائلة بنعومة و دفء: "فادي ليس بحاجتي ما دام مع امه....... ربما هناك من يكون بحاجة الي اكثر"

التفت اليها ببطء و خفقت اهدابها بقلق لما قالته لتوها و ادركت انه لو اقترب منها الان ستفسد كل شيء وربما تلوذ بالفرار.

تطلع الى فستانها و قال بتأمل: "كأنك متأهبة للخروج بهكذا ساعة؟"

احتست جرعة من الشاي وابعدت خصلة شعرها و قالت بعيون جذابة: "كنت افكر بذلك...... لكن غيرت رأيي بوصولك..... ربما تكون بحاجة الى شيء"

بقي مركزا بعينيها بوجه بارد و قال بنبرة هادئة جدا: "لديك اصحاب هنا؟"
هي و بتعمد: "نعم"
هو وباهتمام: "رجل؟"
لم تجبه على سؤاله حتى قال بعدم اكتراث: "ان كان لديك رفيق علي ان اعرف بذلك...... انت من العاملين عندي هنا و عملك كمربية محترمة و فاضلة يحتم عليك التزام الحشمة و الوقار"

ارادت ان تضحك عاليا و هو يتكلم عن تلك المثل و المباديء الا انها ابتسمت بفتور و قالت بشيء من التحدي: "عملي عندك لا يمنحك حق التحكم بحياتي الخاصة...... لست ملكا لاحد"
وضع الفرشاة على الطاولة و قال بنبرة صارمة: "حياتك الخاصة لا تهمني بتاتا...... المهم عندي سمعة المنزل و احتشام المربية التي اضع ابني الوحيد بين يديها..... يبدو انني اخطأت الاختيار عندما وافقت على طلبك بالعمل هنا....... رغم ان اوراقك سليمة و لا غبار عليها الا ان شخصيتك لا تؤكد لي ذلك ........ انصرفي الان.... لست بحاجة الى شيء"

شعرت بانفاسها تتسارع و ابتلعت ريقها... كلامه صريح و مزعج ...
ليست معتادة على ما تفعله و ليست معتادة على سماع مثل هذه الكلمات ...انها تتقمص شخصية لا تعرفها و لا تفهمها و لم تجربها و تدرسها... الاغواء و الكهن ليس ثوبها ...... لقد تورطت و مطلوب منها ان تجيد الدور لكنها لا تعرف ......... انها ساذجة.... لا تقدر على مجاراته..... خائفة من ان تتصرف تصرف غير مدروس و تخفق.

رواية انتكاسة قلب لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن