الفصل الثامن والعشرون

10.4K 402 4
                                    

Part 28
في كل لحظة سعادة جانب سوداوي عميق ك بئر لا قرارة له ، تتحول تلك السعادة إلى لحظات خوف ودهشه وفقد ثم تخلد في ذاكرتنا إلى الأبد ، لتمحي كل أثر سعيد قبلها ، ك من تناول الحلوى قبل ميعاد الغداء ، أو من تسلل إلى خلية نحل ليتذوق العسل ف أصيب بعدة لدعات
أما هي لم تكن تريد سوى يومآ عاديآ لا تمر به لحظات رائعه أو لحظات تعيسة ، فقط مجرد يوم هاديء تشعر به أنها تزوجت عن حق وأصبح لها منزلها الدافيء الذي تنظفه بحب وتقف في مطبخها تعد طعام الغداء لزوجها ثم بعد يوم منهك وطويل تأخذ حمامآ دافئآ وتعد كوبآ من القهوة ترتشفها بلذة بعد ذلك التعب ، يومآ بلا أحداث سيئه ولا أخبار سعيدة أفضل مائة مرة من يوم تظل تردد به أن كل شيء سيكون على ما يرام فقط لتهدأ قلبك وروعك من هول ما يحدث  ..
#بقلمي

إرتجفت يده التي تحمل زجاجة المياة من الغضب ، وهو يحدق بوالده بنظرات مليئه بالبغض والإتهام ، كاد والده أن يسرق من عمره أهم اللحظات وأجملها ، وقد جاء اليوم تقريبآ ليعكر صفوه مع زوجته في يوم رائع كهذا ، تجاهل كل معايير الأدب والمنطق التي تنص على أن معاملة الوالدين بالإحسان واجبة وقال بطريقه فظه لا تنم عن ود : إيه اللي جابك هنا  ؟ ليك عين تيجي !
قام والده ببطيء من خلف الطاولة ليقف أمامه بمنتهى البرود ويقول بصوت نم عن الضيق : مكنتش أتوقع إن إبني ووريثي الوحيد يكسر كلمتي ويتجوز البنت دي لا وكمان مش جواز على ورق بس ! دا إنت دخلت عليها إمبارح
كتف تميم يده بعد أن وضع زجاجة المياه على الطاولة ثم قال بعينين زائغتين من الغضب : مش دا حلال ربنا وحقي ؟ ولا إنت كنت عايزني أبقى بقرون وأعمل كدا مع رانيا وأتجاهل إنها فرطت في نفسها قبل ما تتجوز
نظر له والده نظر مجهولة ثم ضيق عينيه قائلآ : مين جاب سيرة رانيا دلوقتي ؟
رد تميم مدافعآ غاضبآ : طالما بتقول على مراتي البنت دي يبقى من حقي أعرفك الفرق ، لإنك واضح يا كاشف بيه إنك بتاخد بالمظاهر الخارجية وبتهتم بيها جدآ ، أنا برضو كنت زيك كدا عشان كدا وقعت في جوازتي الأولى بس خرجت سليم وملمستهاش ، لكن لما لقيت بنت بسيطه تلقائيه فاتحه قلبها للحب وللناس وللحياة وحبيتها وسرحت ومخوفتش أبدآ أقع على جدور رقبتي معاها إنت رفضت بس ، وإمبارح بالليل تيقنت إنها أجمل بنت ربنا خلقها وحافظت على نفسها وقلبها عشان واحد شاريها وطلبها بالحلال ! فهمت الفرق ؟ المظاهر والمستوى الإجتماعي دول صفر على الشمال قصاد إنك تلاقي واحدة بنت اصول محافظه على نفسها تشيلها إسمك ، وكونك أبويا دا ميدكش الحق تبعتلها بلطجيه قبل الجواز يضربوها ! هي دلوقتي بقت شايلة إسمي يعني مش هسمح لحاجه تأذيها أو تمسها
ضحك الكاشف بسخريه ثم قال بنبرة تحمل التهديد : هحرمك من الميراث ، لإني مش هموت وأسيب البنت دي تتهنى بمليم من فلوسي
ضحك تميم وهو يضع أصابعه بين خصلات شعره ثم قال : أنا عندي شركه بفلوس شغلي عاوز تحرمني من فلوسك معنديش أي مانع
رفع والده اصبعه في وجهه ثم قال : إفتكر أنك تخليت عن إسم عيلتك وعني عشانها ، بس متلومنيش يا تميم في اللي هعمله
تميم بنيرة غير مبالية : المهم متقصرش
خرج والده من البيت غاضبآ ، تأفف تميم ثم استمع إلى صوت أقدام تنزل الدرج بهدوء ، وجد ذكرى أمامه ترتدي قميصه وترتجف وعيناها متسعتين
وضع يده على عنقها ثم قال بنبرة لطيفة  : مالك يا حبيبتي ؟ شوفتي كابوس !
نظرت له ذكرى بخوف ثم قالت : هو الكاشف بيه كان هنا ؟
عقد تميم حاجبيه ثم قال وهو يقترب بوجهه من وجهها : متقوليش بيه ، إنتي اللي ست هانم وست البيت دا
إبتعدت عنه بذعر ثم قالت : أنا مبهزرش يا تميم أنا خايفة
إقترب منها ثم لفها بذراعيه وهو يقول بهمس في أذنها : إنتي مراتي يعني اي حد هيدوسلك على طرف مش هعمله إعتبار ، مش عايز أسمعك بتقولي خايفه دي تاني
إبتعدت  عنه برفق ثم قالت : طب أنا جعانة أوي
رفع تميم يده لينظر للساعه ف قال : الساعه ٨ الصبح ! هتاكلي دلوقتي
لوت فمها وقالت : أيوه بقولك جعانه
إنحنى تميم ورفعها عن الأرض وهو يصعد بها ثم قال : إحنا نرتاح شويه وبعدين نصحى ناكل بقى
وضعت رأسها على كتفه ثم قالت : طب لما نصحى هناكل ايه
تميم وهو يصعد بها : أنا شخصيآ هحلي بيكي قبل ما أكل

* في شقة سيف أنور *
صوت صراخ الطفل أيقظه من نومه ف صرخ بمي غاضبآ : ما تسكتيه ولا نيميه أنا نفسي أنااام حرام عليكم
مي بعصبية : في إيه يا سيف أنا بغيرله ! رضعته وبغيرله قوم إغسل وشك وإلبس يلاا بدل ما إنت نايم من غير تيشيرت كدا
إعتدل سيف على الفراش ثم قال : ليه خير هنروح فين
مي وهي تحمل رضيعها : إنت ناسي إن إنهارده صباحية ذكرى وتميم ، مش ناخدلهم فطار حلو كدا
سيف بنبرة مغتاظه : وأحنا مالنااا هنبقى نباركلهم أمها عي اللي هتاخدلها الفطار
مي بنبرة عطف : حرام عليك يا سيف البنت مرعوبه جداا ورقيقه جدا زي ما انت عارف محتاجه تحس ان ليها ناس كتير بيحبوها
قام سيف وقال : بس هاخد شاور الاول
مي بابتسامه : يلا يا حبيبي ربنا يهديك
سيف وهو يغلق باب الحمام خلفه : هاتيلي هدوم من الدولاب لحد ما أخلص

* في شركة الكاشف *
كان يجلس أمامه رجلآ يبدو ك المشردين ، نظر له الكاشف بأستحقار ثم قال : شوف هتعمل إيه إنت ورجالتك وأي فلوس محتاجينها أنا جاهز ، المهم لو إتمسكتوا وسيرتي أتجابت هقطع خبرك وخبر عيلتك كلها
مسح الرجل أنفه بيده ثم قال : طب لامؤاخذه يا باشا البت دي ضايقتك في ايه
غضب الكاشف ثم قال : وإنت مال اهلك ، إنت تنفذ اللي بقولك عليه وبس مش عاوز كتر كلام ، إخرج من الباب الخلفي بتاع الشركه عشان محدش يشوفك ، وخليك على تواصل معايا

* في منزل تميم *
كانت ذكرى تجلس على الأريكه في الغرفة وهي تبكي ، بينما تميم يجلس أرضآ أمامها وهو يعتذر قائلآ : أنا أسف ، حقك عليا
وضعت يدها على وجهها ثم قالت بتأثر : إنت كأنك كنت بتطلع غضبك فيا ، أنا مش عيزاك كدا يا تميم
مسح تميم وجهه بيديه ثم قال : طب أنا أسف يا حبيبتي أنا بس مخنوق من مقابلتي مع الكاشف الصبح
قالت ذكرى بنبرة متفهمه : هو كلمك ف إيه طيب ، قالك إيه عشان يضايقك كدا ؟
وقف تميم ثم قال : مقالش ، غيري الموضوع بقى دا يوم صباحيتنا مش هننام ونقوم في سيرته
تنهدت بضيق وهي تعلم أن رأسه مشتت بينها وبين والده
رن هاتفه ف ألتقطه ليرد قائلآ : أيوه يا سيف إحنا صاحيين
قال سيف بنبرة خائفه : تميم هي لولي عندكم ؟
نظر سيف لذكرى التي رفعت رأسها ونظرت له بذعر ف قال تميم : لا !! يعني ايه ؟؟؟

#تائه_في_عيناها
#روزان_مصطفى

..  تائه في عيناها..( مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن