سفيـنةٌ طائرة...

352 27 47
                                    

عطر اليود كان أكثر ما يشد الحواس...
ثم الصمت الذي حل على السفينة فجأة ما إن وطأتها..

"..الرحمة..."..سمعت صوتاً رجولياً ينطق هذا بهمس كما إعتقد فالجميع بالإضافة لي سمعه...

"..بارني هل أحضرت معك إمرأة فعلاً؟!..يالك من معتوه الشرير سيرميك وسط المحيط إن رآها..."..
صرخ رجل ببشرة سوداء وملامح غاضبة..

"..سنجعلها ترتدي بعض الملابس الرجالية هي تبدو طفلة صغيرة أصلاً،سنجعلها تتنكر ونساعدها للوصول لموطنها..."..

تجاهلت الإهانة المتضمنة لحديثه وأنصت بإمعان لحوارهم الهزلي بالنسبة لي فأنا قد دفعت ثمن إقلالي عبر المحيط...

"..إجعلها فتى الكبينة ينقصنا واحد.."..صرخ أحدهم،
ماهته الفكرة المبتذلة؟! فكرت وأنا أكرمش ملامحي أنقل نظري حولي علي أرى مكاناً أجلس به وأراقب الحوار الدائر بين طاقم السفينة...

"..سأعيرها بعض ملابس جورج دعوها تنظف السفينة..."..صرخ رجل بدين يحمل منشفة وقد بدى على ملامحه الحماس..

"..أجل فكرة جيدة..."..تحدث الرجل الثمل فانتفضت
أدافع عن يداي الناعمة من مشقة فرك أرضية السفينة
"..لقد دفعت ثمن السفر لن أنظف شبراً واحداً..."..
".. ذلك كان ثمن السفر وعملك سيكون ثمن الطعام الذي ستتناولينه.."...

برر أحد الرجال بملامح صارمة...
"..لم يكن هذا إتفاقنا.."..تمتمت بحنق أنظر للرجل الذي إنتهى برفقته خاتم خطوبتي...

"..عليك العمل إن لم تكوني تريدين الموت جوعاً.."..
كان هذا الواقع المؤلم..يا إلهي،أريد فرقة موسيقية تعزف مقطوعة حزينة في الخلفية ومغنية تنوح حظي الأشبه بحظ البرتقالة اليتيمة المتبقية بآخر الصندوق،ستقدم مجاناً لأي عابر سبيل...

مسحت جبيني أتبع الجميع،كان الأمر مسلماً به...
تحركت السفينة مبتعدة عن الرصيف،وتحت أنظاري إبتعدنا عن السلالم الخشبية التي بقية واقفة هاهناك تودعني...

جررت ساقاي خلف الرجل الذي رمى بوجهي بعض الملابس المهترئة،هل هذا تنكر بحق الرب؟

ولما يعلم الجميع بوجودي إلاّ صاحب الشأن مالك السفينة؟!...كانت التساؤلات تشغل عقلي منذ مدة ..
توترت أعضائي حين فتح الباب وأطل وجه إمرأة عجوز تلتحف برداء كان رمادياً في ما سبق...

لحسن حظي قمت برمي الفستان ما إن أزلته،وكعبي العزيز بالطبع،كل ما بقي بحوزتي من كياني السابق هو الورقة التي كان يفترض بها أن تكون خريطة لكنها باتت كيساً أخفيت به حليي المتمثلة بحلقٍ زمرديٍ زاخر بالذكريات....

لحسن حظي لم أرمي الورقة وإلاّ كان إنتهى المطاف بهما مفقودتين....

"..من أنت..؟!..."..تحدثت العجوز وهي فطنة لهويتي كإمرأة...

"..أنا مسافرة حتمت عليها الظروف العودة إلى موطنها عبر سفينتكم..."..تحدثت بهدوء...

"..هل تقيمين بإحدى المجرات؟!..."...سألتني فأجفلت...

مـارسِلينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن