محادثة مقيتة

13 2 2
                                    

لامتني صديقة على تظاهري بالقوة رغم كثرة بكائي.

استغربت رغبتها الشديدة بجعلي أصدق كم أنا عاجزة، واستغربت أكثر حنقها مما أبديه من صلابة.

وقتها لم أستطع تمييز مشاعرها، أهي قلقة بشأني أم أنها تفرغ غضبها علي لعدم مغادرتي المنزل... أوليست هذه بادرة قلق أيضاً؟

قلقٌ كان أم غضب، كلماتها تلك كانت مخيفة ومؤلمة، ذكرتني بكل الأيام التي بكيت بها على الهاتف معها، وبكل مرة تهربت بها من مغادرة المنزل حرصاً على سلامتي العقلية والنفسية من معاشرة البشر.

لكنها في نهاية كلامها قالت أن هذه كلها حجج حقيرة، بدت متيقنة أني أعيش في وهم. وأن صحتي وحالتي النفسية ليسا سوا دميتان أحركهما كما أريد في قصتي الواهية التي أحيكها.

تابعت بإخباري أنها تعرفني جيداً، لم يسعني سوى الضحك على عبارتها هذه حيث أني شخصياً فشلت في التوصل لحقيقة من أكون؛ وها هي تحاول الوصول إلى أكثر النقاط الحساسة بي متظاهرة بأنها تعرفني حق المعرفة..

ثم إني عندما قلت لها أني لم أرغمها قط على البقاء والتعامل مع هرائي كما دعته هي، وجدت نفسي في موضع الشيطان في نظرها.

"ها أنت تتخلين عن صداقتنا عند أول عائق" مررت على هذه الكلمات، وفي ذهني آلاف المواقف التي ضحيت بها بأمر أو اثنين لأجلها.

كان هذا حين قررت الصمت، حبست الكثير من الكلام في قلبي حتى أنه أصبح مكتظاً بعبارات تندرج تحت عنوان "أشياء أتمنى لو أني قلتها" يكاد ينفجر.

يجدون أنه من السهل تحجيم ألمك ومعانتك كما يرغبون وفق مبادئهم وتجاربهم الخاصة، وينغمسون بالحديث عن ألمٍ لم يتعرضوا له قط بحكمة ظاهرية ونبلٍ عظيم؛ والخبراء منهم من سيخبرك أنه حسبك أفضل مما أنت عليه، أو أنك تغيرت وكذا من الأساليب المقرفة في جعلك تنقلب على نفسك.

حسنٌ إذا... إذا كان هدفهم النبيل إخراجنا من قواقعنا، فأعتقد أنهم يحشرونا بها أكثر ويحكمون إغلاق الأغلال حول أرواحنا..

ما الحيلة؟

مجرد قصاصاتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن