البدايه (1)

294 8 0
                                    

"سأغنّي هذه الاغنية للإله.. عندما يأتي المخلص العظيم.. وهذه الفتاة البريئة

القلقة الجميلة.. هيا تعال وحررها الآن " أغنية بابلية قديمة بصوت عجوز ولغة

بابلية قديمة كان يغنيها.. ويحرِّك رأسه طربًا.. كان صوته رخيمًا جميلًا.. لكن

موسيقى الخلفية لم تكن متوافقة مع جمال صوته.. لقد كان يغني على صوت

أغنام تسرح في المرعى.. أغنام يهش بعصاه عليها من آنٍ لآخر.. لقد كان

سعيدًا.. ومن ذا الذي يمشي في مثل هذه الطبيعة الساحرة ولا يكون سعيدًا..

نحن في مملكة آشور القديمة قُرب مدينة بابل.. أعظم مدينة رأتها عين إنس أو
جن في التاريخ.. وهذا الراعي ذو الصوت الرخيم هو العجوز "إيشما".

"ولمّا يأتي المخلص العظيم.. ستتحررين بالتأكيد "
قبل أكثر من أربعه آلاف عام.. كانت الأرض غير الأرض.. والسماء غير السماء..

كان "إيشما" يمكنه أن ينظر إلى البِركة التي يمشي بجوارها فيرى كل

أسماكها وأصدافها وكأنه ينظر إلى الطيور في السماء.. قبل أكثر من أربعة

آلاف عام .. كل شيء كان طاهرا شديد النقاء.. ويبدو أن "إيشما" العجوز قد

قرر أن يستريح قليلًا.. فتوجه إلى شجرة قريبة اعتاد أن يترك عندها طعامه.. ولما
وصل إلى طعامه نظر إليه بدهشة.. لقد كان مفتوحًا.
هؤلاء اللصوص الفقراء لن يتعلموا أبدًا.. لو أنهم سألوه طعامًا لأعطاهم..

لكنهم يؤثرون السرقة.. تأبى نفوسهم مسألة الناس وترتضي سرقتهم.. لكن

"إيشما" قد استغرب جدًّا لما أعاد النظر إلى الطعام.. فبرغم أن الكيس مفتوح..

إلا أن الطعام موجود والحليب موجود.. لكن الجُبن مأكولة منه قطعًا صغيرة

جدًا.. والحليب ناقص نقصًا يسيرًا لا يُسمِن ولا يُغني من جوع.. جلس "إيشما"

وأكل وشرب واستراح في ظِل الشجرة.. ثم قرر أن ينزل ليغتسل في البركة..

وكما يفعل الرعاة الذين يستحمون في البرك في كل الممالك القديمة.. خلع
مالبسه كلها ونزل إلى الماء

بينما "إيشما" العجوز يستحم.. كان ينظر إلى متاعه من آنٍ لآخر نظرات لا
شعورية.. وفجأة أتى سِرب من الحمام جميل المنظر وحط عند طعامه.. وأخذ
الحمام ينقرون الجبن نقرات صغيرة ويملأون مناقيرهم الصغيرة بالحليب في
مشهد غريب ثم يطيرون ويحطون في مكان غير بعيد.. ويمكثون بضع دقائق
هناك ثم يطيرون عائدين إلى طعامه.. فينقرون ويملأون مناقيرهم ثم يطيرون
إلى المكان ذاته.

¦¦ النمرود ¦¦حيث تعيش القصص. اكتشف الآن