نعود الى ايشما (4)

51 4 1
                                    

نظر الراعي العجوز "إيشما" إلى تلك التحفة الأنثوية النائمة التي بدا أنها نزلت من

السماء إليه وحده.. تلك التحفة الصغيرة التي سمَّاها "سميراميس".. إنه مجرد

راعٍ فقير يجوع أكثر اليوم.. إن مكان هذه الجوهرة الصغيرة ليس بالتأكيد بين

تلك الجدران المتهالكة التي يعيش وسطها.. لابد أن الألهة تدخر لجمالها مكانًا

أكثر أناقة.. وهنا فاجأت دماغه العجوز فكرة عظيمة بشأن "سميراميس".

غدًا سيُقَام سوق "نينوى" العظيم.. والذي يتفق مع موسم الزواج الذي يُقَام كل

عام في بابل؛ حيث يجتمع الشبان والفتيات من كل أرجاء مملكة آشور العظيمة

فينتقي كل شاب عروسًا تناسبه.. ويشتري الكهول الفتيات الصغار لتربيتهن

حتى يبلغن سن الزواج فيتزوجوهن أو يقدموهن لأحد أبنائهم كزوجات. . نظر

إلى عيني "سميراميس" الجميلتين وعقد العزم أن يمضي غدًا إلى "نينوى".

ومضى "إيشما" العجوز حاملًا "سميراميس" الصغيرة على كتفه إلى "نينوى"..

ولو تحدثت الأناقة يومًا لقالت "نينوى".. كان "إيشما" قد لبس أفضل ما عنده

لكنه بدا متسوّلًا بالطبع وسط هذا السوق الذي يتنافس فيه كل ذي جمال

للحصول على كل ذات حسن.. كانت "سميراميس" تضحك ضحكتها الساحرة

التي خطفت أعين الكل وأثارت تساؤلاتهم عن هية ذلك المتسول الذي يحمل
لؤلؤة بين ذراعيه.

في نفس الوقت الذي كان "سيما" ناظر خيول الملك يمر في السوق.. كان يبحث

عن خيول جديدة يشتريها للملك.. وحانت منه نظرة التقطت فيها عيناه صورة

"سميراميس" الصغيرة.. نسي "سيما" الخيول ونسي الملك ونسي كل شيء

وتذكَّر شيئًا واحدًا.. تذكر أنه عقيم لا يلد.. نظر مرة أخرى إلى الصغيرة.. شعرٌ

بُنيّ كأنه الذهب.. كيف يُصبح البُنيّ ذهبًا؟ هذا لا
يمكن شرحه إلا لو رأيت شعر

هذه الفتاة.. عينان تختصران كلمة أنثى إذا نظرتَ إليهما.. شفتان دقيقتان.. ترك

"سيما" كل شيء وتوجه إلى الراعي العجوز.. إلى "إيشما".

نظر "إيشما" إلى ملابسه الملكية في حذرٍ.. وابتسمت له الفتاة الصغيرة في

سحرٍ.. دقت له كل دقات الأبوة الباقية في قلبه.. وجرت لتلقي نفسها بين

ذراعيه.. التقطها ورفعها إلى السماء بسعادة.. وأخرج من جيبه كيسًا من

العملات الذهبية كان سيشتري به أغلى خيل في السوق.. نظر "إيشما" إلى

الكيس بلهفة وسعادة.. ثم إنه قبل يد "سيما".. ومضى في طريقه يغني:

"ولما يأتي المخلّص العظيم.. ستتحررين بالتأكيد "
* * *

¦¦ النمرود ¦¦حيث تعيش القصص. اكتشف الآن