(5)

35 4 0
                                    

كانت هناك منصة كبيرة دائرية ذات رخام أبيض وذهبي.. تحيط بها التماثيل

البابلية الموحية.. وفي منتصف المنصة نافورة مزخرفة تسحب الماء من النهر

وتضخه بشكلٍ خيالي لا يمكنك أن تصدق أنه كان موجودًا بهذه الدقة قبل أكثر

من أربعة آلاف عام.. غضَّ بصرك عن كل الفتيات العاريات الممددات أو الواقفات

هنا وهناك بجوار فتى في غاية الوسامة يجلس وسطهن بهدوء.. انظر إلى قوة

وفتوة ووسامة هذا الفتى.. انظر إلى سحر الطبيعة وسحر البناء البابلي من

حوله.. أنت في أحد القصور الملكية ببابل.. وهذا الوسيم هو "زاهاك" ابن الملك

كوش بعد مرور مئة سنة على ولادته.. لا ترفع حاجبيك في استغراب.. فأعمار
البشر حينها كانت مابين خمسمئة وألف.
ها أنت تدير عينيك يمينًا ويسارًا لتملأهما بجمال هذا المنظر الساحر.. إن أجمل

منتجع في هاواي يبدو بشعًا مقارنة بهذا السحر.. لكن عينيك توقفتا فجأة على

شيء أفسد استمتاع عينيك؛ رجل عجوز كسيح.. أكثر أسنانه ليست في فمه..

تخرج من ذقنه شعرات معدودة مجعدة طويلة بشكل عجيب لم ترَه في أشد

الصور غباء.. يرتدي عباءة سوداء ممزقة من هنا وهناك.. وهاهو يقترب من
المنصة بخطوات عرجاء.

صعد الرجل العجوز إلى المنصة الرخامية.. قابلته نظرات امتعاض أنثوي من
العاريات.. ضيًق "زاهاك" عينيه الوسيمتين ونظر إليه بهدوء.. وبادره بلهجة
ساخرة واثقة:

- كيف دخلت هنا أيها المسخ الأجرب؟
نظر له العجوز بعينين فيهما بريق وحيوية مريبين.. وقال بصوتٍ هو اقرب لصوت
الحيه:
- مررت بعرجتي هذه عبر مسوخ جُرب كثيرين يرتدون قلنسوات
مضحكة ويقفون كأن على كروشهم الطير.. يحرسون ما يلقبونه
بابن "كوش" العظيم.. فتملكني فضول لرؤية ابن "كوش" هذا.. وإذ
بي أجده مستلقيًا كأنه البغل وسط الأناث حتى صار واحدة منهن.. لا
سيف يُسن.. ولا رمح يُعد.

¦¦ النمرود ¦¦حيث تعيش القصص. اكتشف الآن