الفصل الثاني "تنهيدة مؤلمة"

1K 71 23
                                    


غرام ترانزيت

الفصل الثاني [تنهيدة مؤلمة]

تجلس قرابة الساعة تنظر لتفاصيل ردائها الأبيض المعلق على مقبض الباب، ابتسمت ساخرة من سذاجتها، تمحي دموعها الهاربة من مقلتيها اللامعة فمنذ أن أنهت حديثها مع والديها دلفت تستعد للسفر، لم تختار ثوبها الأبيض لتطل به كالملاك بل أجبرت عليه، وبالرغم من أنها شعرت بأنه ثوب كرداء الإعدام الأحمر عليها ولكنها الأن تشعر بألم يحرق قلبها لتضع يدها على صدرها والأخرى على فمها تكتم شهقاتها  المتتالية، كانت ستعيش داخل قفص كبير ذهبي ولم ولن تختار شيء بحياتها، كل شيء سَتُجبر عليه حتمًا، نهضت لتلقي بالفستان أرضًا وتكمل تحضير حقيبتها لتأخذ خطوة نحو تحقيق حلمها، وضعت ذهب وهدايا خطيبها السابق في صندوق كرتوني كبيرة تضعها بجوار الباب بإهمال كأنها قمامة لتخبر والدها بأن يعطيها لطارق بعد هروبها خارج قفص والدته، ودعت أمها الغير راضية عن قرارها تتمنى بداخلها رغم غضبها أن يحفظها من كل سوء، و أيضًا والدها الذي ظل يوصيها أن تحافظ على نفسها وأنه سيظل فخور بها وأنها أتخذت القرار الصحيح، وشقيقتها الصغرى الحزينة على ألمها، لتحمل حقيبتها وتنزل الدرج مبتسمة مستعدة لحياة أخرى، ليس بها "طارق" خطيبها الأبله الخاضع لسلطة أمه طوال الوقت.

أنهت إجراءات السفر سريعًا، لتجلس على طاولة مقهي المطار أمام "منال" مساعدة مديرها "سُفيان" والمسؤولة عن جزء كبير من العمل معه، تسألت "منال" بفضول بنصف ابتسامة:
-قوليلي بقى ياستي حصل إيه؟

تنفست بعمق ترفرف بأعينها محاولة حبس دموعها فهي أحبته حقًا ولكنه لم يكن رجلًا فيه من الصفات ما تمنت:
-بصي يا "منال" هو بجد كان في الأول إنسان محصلش، طموح، ذكي، حنين، متفهم، كنت علطول بشوف الود مابين بابا وماما وأتمنى راجل يصوني زي بابا، يعتبرني شريكة حياته مش قطعة أثاث في البيت.

ضمت "منال" شفتيها بأسف، لتربت على يدها المسنودة على الطاولة أمامها تحتوي فنجان القهوة، فهي لم تنم ولن تنام حتى تتخلص من إرهاق قلبها، قالت "منال" بحزن:
-أنا أسفه يا "تولين" مكنش قصدي أزعلك بس كنت فكراه مش فارق معاكي.

ابتسمت نصف ابتسامة ساخرة، فكان كل حياتها، كانت تتمنى أن يحسن معاملتها كأبيها، ولكنها فهمت الأن كيف أستمر زواج والديها كل هذه السنوات، ف"الود غالب"، لم ترى وِد من "طارق"، لم ترى نفسها سوى قطعة أثاث، قالت بإبتسامة أخرى فاقدة للحياة:
-مش فارقة.
ابتلعت غصتها المريرة لتكمل:
-أنا دلوقتي في مرحلة الMove on "المضي قدمًا" أعتبريني كويسة يا "منال" هكون كويسة، على الأقل هعرف أحقق حاجة دلوقتي في المؤتمر.

عدلت من خصلات شعرها الطويل لتتنهد بعمق وهي ترفع يديها المرتجفة تضم شعرها داخل كعكة وتقسو برباط الشعر لتثبيته، تسألت "منال" تحاول إجراء محادثة أخرى غير تلك القاسية على الفتاة المشتته أمامها:
-صح حضرتي كل اللي محتاجة تقوليه في المؤتمر.

غرام ترانزيت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن