الفصل الثالث "فوق السحاب"

501 33 5
                                    


غرام ترانزيت
الفصل الثالث [فوق السحاب]

رفعت خصلاتها القصيرة تعقدها على شكل كعكة وتثبتها بـالرباط المطاطي  وتناولت فرشاة بيدها الأخرى لتجلس زافرة بسخط أمام سجادة والدتها المفضلة، تفرك البقعة الصفراء بالفرشاة بعد وضع القليل من الماء المخلوط بسوائل التنظيف بداخل إناء صغير، تستغفر ربها وبعدها تسب المتسبب في تلك الحادثة وتعود للاستغفار، فُتح الباب ودخلت آخر شخص كانت على انتظاره قبل أن تمسح آثار الجريمة، ظهرت والدتها الغالية وعندما تعمقت داخل الصالة رأت الصغيرة راكعة أرضًا _تلوي ثغرها بقرف_ لتنصدم بتنظيفها لبقعة صفراء عميقة لتقول بصراخ:
-هببتي أيه يا "أسيل"؟

رفعت رأسها تشهق من المفاجأة واضعة يدها على صدرها، تنظم أنفاسها:
-بسم الله الرحمن الرحيم، يا ماما هو فيه حد يخض حد كدا!

بدأت في فك حجابها لتجلس على طرف الأريكة لتكمل "أسيل" عملها بجهد أكبر:
-ما هو لو أنتِ عاقلة مكنتش هخضك كدا، بس كل ما أنزل أرجع الأقيكي عاملة مصيبة.

دافعت "أسيل" عن نفسها سريعًا، لتجلس أمام والدتها أرضًا:
-أبدًا والله يا ماما مش أنا دا "طارق"، وبعدين خلاص خلصت مبقاش فيه حاجة أهو، هجيب الأستشوار وهنشفها.

انتبهت "رقية" بكل حواسها عند ذكر "طارق" لتتسأل:
-وهو "طارق" جيه؟

اومأت "أسيل" بفرحة شامتة تخبرها:
-وخد حاجتهُ وهددنا أنه مش هيسبها ونزل، بس بابا خد حق "تولين" وزيادة.

ضربت "رقية" بكلتا كفيها على فخذيها تقول بأسى:
-عملت أيه يا رب عشان جوزي وبناتي يعملوا فيا كدا؟

زفرت "أسيل" عالمة بأن وصلة من النواح قد بدأت للتو وستلازمها لشهور عديدة إلا لو حدثت معجزة وعادت "تولين" بعريس آخر أفضل من هذا النذل:
-على فكرة يا ماما أنتِ متعرفيش حاجة، تولين ممثلة تستاهل أوسكار.

سكتت قليلًا حائرة من حديثهل ثم قالت بقلة حيلة:
-أقولك حاجة بيني وبينك بابا ميعرفهاش، وأنا وعدت "تولين" إني مقولكيش ولا لبابا بس لازم أقولك يمكن تعذري "تولين" شوية.

سكتت نادمة على ذلة لسانها بينما تابعتها أعين أمها بفضول لتتسأل بحدة:
-ما تنطقي يا زفتة.

زفرت "أسيل" من حدة "رقية" ومن غبائها المعتاد لتسرع بإفراغ ما بجوفها:
-بصي يا ماما بصراحة كدا "طارق" مد أيده على "تولين" قبل كدا.

شهقت "رقية" بأعين متسعة، تمد يدها بعلامة تساؤل تتأكد من ما سمعتهُ:
-حصل إيه وأمتى وإزاي متقوليش، طيب أختك غبية وكتومة بس أنتِ راديو متنقل سكتي ليه؟

لمعت أعين "أسيل" بتأثر، تتذكر تلك الحادثة وكأنها ليلة أمس:
-كانوا خارجين سوا في عيد ميلادهُ وقابلهم صحابها من الشركة وأتخانقوا عشان سلمت عليهم، قالها يلا هروحك وهما في العربية أستفزها ومتسأليش قالها إيه عشان معرفش، وضربها بالقلم، هي حاولت تسيبه وأنتِ اللي أقنعتيها تكمل، ولما أشتكت لأمهُ قالتلها أبني مش غلطان وأنتِ أكيد اللي أتمديتي، بس والله يا ماما "تولين" عمرها ما اتمادت ولا ليها في شغل البنات المايع دا.

غرام ترانزيت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن