2

2.5K 29 5
                                    

قد تأتيك الأقدار كما لا توّد و ترضى ، لتكن مُجبرًا على عيش حياةٍ لا تُناسبك ، تنهار و تقاوم و تنهار و تقاوم فإما أن تَهْلَك قواك أو تُهلكها ، لكنني أنا قاومت حتى أهلكنا بعضنا البعض ، فهذه أنا سلّمت و استسلمت لها و تركتها تهوي بي كيفما شاءت ، لم تعد لديّ الرغبة في المقاومة أو في العيش ، فإنها الحياة أصعب من أن أتلقاها وحدي ، نعم وحدي رَغم الجموع الكثيرة حولي ، رغم الأيادي الممتدة لانتشالي ، لكنني لم أستطع أن أتمسك بها ؛ لأنني لم انسى بعد تلك الصفعات الحارّة التي تلقيتها ، و لم يبرد نار السوط في ظهري ، لازلت أشعر بالألم في رأسي ، و لازلت أرى خصل شعري بين أصابعهم
كنت وحدي عندما اشتدت عليّ
كنت وحدي عندما كان الكُل ضدي
كنت يمامةً كسيرة الجناح و الوجدان عندما كان الكل صقرًا عزيزًا
انتهكت حُرمتي قصرًا عندما كان الكل شريفًا و حرًا
أخطأت ؟ كل بني آدم خطاء
من منّا لا يُخطئ ؟
من منّا لا يُخطئ ؟
ب اختلاف حجم الأخطاء لكن الكُل يخطئ
لما كان لليمامة الحجم الأكبر من الخطيئة ؟
لما كان لليمامة النصيب الأعظم من الخطيئة ؟
لم أكن أنوي الخطأ لأنني كنت أعرف حجم المُعاناة التي س تعتريني بعده
لكنني أخطأت عندما كنت أود مُدارة الأمر بأقل الأضرار
صدقت و وثقت و خذلت ثم كُسرت و قُضيّ عليّ
هل كان لكلمات الحقيقةِ حجمٌ ضخم و وزنٌ ثقيل ؟
هل كان لوَقْعِ الكلمات ألمٌ مزعج و وجعٌ مؤلم  ؟
هل كان الأمر برمته يستحق انتقامك ب أرذل فعلةٍ و أبشع طريقة ؟
اهٍ منك ، و ألف اهٍ منك
لم استطع المضيّ قدمًا بحياتي بعدك ، غدرت بيّ مرتين ، فأي الجَرحين أداوي ؟
ها أنا أتذكر آخر محادثةٍ بيننا عندما غضبت منك و انتقمت أنت لأني غضبت ! فكان انتقامك كارثةً
" - ليه ما مُهاب ، يوم انك قررت تخطب ما لقيت إلا أقرب وحدة لي ؟ من بنات حوّاء كلهم ما لقيت ضيّ ؟
يُجيب مهاب بصدمة : أنا بخطب ضيّ ؟ إنتي عارفة أنا كم مرة قايلك لا تجيبين سيرتها عندي ؟ كم مرة أفهمك تقطعين علاقتك معها و راسك يابس ؟
- كنت أسألك عن السبب بس ما كنت تجاوب ، كنت أقولك ليه مهاب تكرهها ؟ كنت تقول ما ارتاح لها ، بس تمام الان عرفت كيف ما ترتاح لها يوم خطبتها
- صار لي يومين احلف لك اني حت رقمها ما اعرفه و انتي راكبه راسك الا اني خاطبها ، بكذب عليك يعني ؟ انا لو بخطب فعلًا جيت و خطبتك انتي ما رحت لوحدة رخيصة مثل ضيّ
- رخيصة اجل قدرك الرخيص اصلًا هذا انت رايح لها و تنكر ، ما ادري ليش قاعد تنكر و حالف ما تعترف رغم اني شايفه كل حاجة بينكم
- لا تستفزيني زيادة عشان ما اطلع من الدوام و اجيك
- لا تنسى تمر عليها عاد ترا بيتهم بعد بيتنا بشارعين ، اوه صح تعرف بيتهم ما يحتاج.."
اغلق الخط فجأة ، رمت اليمامة هاتفها بجوارها لتنخرط في بكاء عميق و موجع ، ساعتين تقريبًا ، حتى عاد الهاتف بالرنين مجددًا
كان مهاب من يتصل ، لم تستطع الرد ليتصل مر اخرى فلم ترد ، مرة ثالثة و لا مجيب ، أرسل رسالةً مضمونها " ردي لا أنزلك تراني قدام البيت " ليعود و يتصل و ترد و يبان في صوتها القويّ الحنون بكاءًا هدّ جدران كيانه ليهمس لها " انزلي بسرعة انتظرك
تجيب رغم تقطع الصوت في حلقها : وش تبغا ؟ جايّ ، انهبلت انت ؟
- اي انهبلت انزلي بسرعة ، بتفاهم معك
- تفاهمت معاك خلاص ما يحتاج انزلك ، توكل على الله لا يجي واحد من اخواني و يشوفك
- والله العظيم..
- خلاص وجع من ذا الحلف بنزل خمس دقايق بسس و ارجع و الله يستر علي و عليك
تسمح الدمعات و تلتقط حجابها و عباءتها لتنزل
تدور في المنزل فلا أحدٌ هنا سوى تميم لكنه نائم ، اطمأنت نوعًا ما و همّت بالنزول سريعًا
تذكرت أن هاتفها في الأعلىٰ لتعود أدراجها سريعًا تلتقطه و تنزل .

كسرت جناحيّ اليمامة فكان الجرح سندًا مُهاب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن