8

1.5K 13 2
                                    

تمرّ الأيامُ بسرعة فائقة ، اسبوع مرّ بعد خِطبة مناف لليمامة ، و دخول عليّ في نوبةِ سكر من هول الصدمة
اليوم يستعد تركي لزيارةِ خالد والد مهاب ، بعد أن اتصل به همام و أخبره بذلك
عليّ لا يكلم محمد و تركي
و كثيرًا ما يتجاهل تميم و سلطان
جاءه محمدًا قبل يده و رأسه ، يصبح عليه دون أن يرد ، و يمسي كذلك و هو يعتصم الصمت أمامه حت نطق : شيبتهم جاي ما ودك تستقبله ؟
نظر عليّ لمحمد رمقه بنظرةٍ ثم تجاهله كما هي عادته من أسبوع و قام من جواره
يعود محمدًا لتركي يتنهد بألم : ابوي شايل كثير و لا هو راضي حتى يرد السلام
يربت على كتفه : لو جا الرجال بيجي ماهو تاركه ، لكنه مرح يرد و شيء طبيعي انه ما يرد اصلًا
ساعة و نصف
وصل همام و والده و عمه  لهم ، كان في استقبالهم عليّ و محمد و تركي و تميم
استقبالٌ باردٌ و حار
دون مشاعر كذلك
فالكل يحمل في داخله من التوتر و القلق و الترقب ما اللهُ به عليم
خالد لا يدري ب أي كلمات الاعتذار سيعتذر ، و لا يعرف لما جاء من الأساس دون مهاب !
عبدالعزيز هاله الموقف أكثر من كل شيء ، لا يدري على أي كتفٍ سيربت ، لكنه يعرف تمامًا أنه يودّ لو يقتل مهاب على سواد وجهه
همام يشعر بقلق على كل شيء و على الجميع
تركي لا يعرف كيف يحدد مشاعره اتجاههم ، لكنه و لأول مرة يشعر بكرهه لهم حتى همام !
عليّ يترقب بصمتٍ و قلق كيف سيُنقذ سمعة العائلة
تميم الذي يود لو يشعل فيهم المجلس لو لم يكونوا ضيوفًا لمجلس والده لفعلها دون أن يتردد
أما محمد الذي يقاوم شعور الأبوّة في صدره ، كيف سيأخذون ابنه منه ؟ لأول مرةٍ يتمنى لو ينهال على تركي بالضرب المبرح فهو أساس هذا الاجتماع البغيض !
ترحيب و سلامٌ مُقيت و تبادل أخبارٍ وهميّ
ثم صمت و لا شيء غير الصمت
من فرط الهدوء يكاد كلٌ منهم يسمع دقات قلبه ، أو يشعر أن تفكيره يُسمع
تتردد الكلمات كثيرًا على شفتي أبو عبدالله لكنها لا تخرج ، يحرك يديه في حجره كثيرًا
لا يدري بأي كلمات الموساة سيرمي
ماذا يقول ؟ و هل سيكفي القول ؟
هل يهوّن الاعتذار عليهم مصابهم ؟
هل يمكن للاعتذار أن يُبسّط تعقيد المصيبة ؟
ماذا ستقول يا خالد ؟
ينطق أبو عبدالله على استحياء : جيتكم و أنا شايل خيبة ولدي ، و لا داري وين أودي وجهي من ربي و منكم ، اي والله
أنا داري ان حقكم و حق لحاكم و حق بنتكم في رقبتي و ورقبة ولدي ، يعلم الله اني مستحي منكم و من ربي قبل كل شيء
هذاني جيتكم و اللي تامروني فيه انا حاضر و تم و ان بغيتوا راسه جبته لكم لين عندكم
يتنهد عليّ قائلًا : جيّتك ع العين و ع الراس يا ابو مُهاب ، لكن العتب عليك كبير و على ولدك أكبر
يفزّ محمدًا خارجًا و يعتذر من الحاضرين
خمس دقائق حتى عاد و أخرج معه والده
تتفاوت الاسئلة في عين الجميع ليقول تركي بهمسٍ مسموع لمن داخل المجلس : عمي ما يدري باللي صار ، قلنا له متزوجها بالسر
ثم نطق تميم بغطرسته و سخريته المعتادة : حلوه الفكرة يا عمي صح ؟ منها نستر بنتنا و نغطي غلطت ولدك !
نطق همام : و الزواج بيصير ب اذن الله و علن ماهو بالسر
يجيب عليه تميم : و اخوك ليه ما جاء ليه متخبي وراكم الجبان ؟
عبدالعزيز الذي استفزته كلمات تميم القليلة و تبيّن من خلالها أنه ينقصه القليل من الأدب نطق بمدارةٍ له : لا والله الا في دوامه و لا  يدري اننا جايين
عاد محمدًا و والده للمجلس
تعمّد إخراج والده بعد أن همس لتركي أن يخبّرهم أنه لا يعلم
شعر عليّ بحرجٍ كبير و هو يغادر المجلس معتذرًا ليهمس بغضبٍ في وجهه محمد : خير وش بلاك مطلعني من وسط الرجال ؟
نطق محمد بتوتر و قلق : نسيت ما أكلم العيال يودون الذبايح
لينطق والده بغضبٍ أكبر : و مطلعني عشان تعلمني ليه ما تعرف تتصرف ؟ دق عليهم ذلحين يودونها بسرعة
يوّد محمدًا إطالة الحديث أكثر أخبره أنه اتصل بهم و لا يجيبون ليتصل هو موبخًا له و لهم
ثم عاد للمجلس
وجهه عبدالعزيز خطابه لأبو محمد : انت فصل و احنا نلبس يا ابو محمد ، و اللي تبونه حنا حاضرين و تم
يرد عليه عليّ : ان شاءالله ما يصير الا كل خير و يرضي الطرفين .." ثم همس في اذن محمدًا : هذا ولده ؟
ليُجيبه : لا هذا الكبير ولده مداوم و لا يدري انهم جو
نطق تميم ب اسلوب أرعن : ما ودك تشوف حفيدك يا خالد ؟
لينتفض عليّ و ينطق بفزع : ولد !!!
و يرد عليه أبو عبدالله : والله مب اصغر عيالك ، نادني أبو عبدالله ما بغينا كلمة يا عم ، بس احترم شيباتي يابوك
ليرد تميم : طيب وش قلت ودك تشوفه و الا لا ؟
يود همام لو يحطّم وجهه تميم لقطعٍ صغيرةٍ لا تُرى نطق ب لعانة  : جيبه ، و جهّز له أغراض  أب أخذه معي هاليومين ، و اذا بنمشي بجيبه
تفاجئ الجميع من القرار المطروح من قِبل همام
فقد كان قرارًا و أمرًا لا طلب
يقفز قلب محمد إلى حنجرته
تبرد أطراف تركي الصامت في أغلب الوقت
يتوتر تميم قليلًا
ينطق عليّ ب استغرابٍ كبير : الولد صغير و لا هو متعود على وجيهه غريبة
ينطق عبدالعزيز : حنا هله مب غرب
تميم : اي بس ما يعرفكم توكم تشوفونه و بتاخذونه ماهو جاي
قال همام ب استفزازٍ أكثر : مب مشكلة يتعرف علينا و يتعود ، في النهاية الولد ولدنا
يقول تركي بهدوء : بجيبه تسلمون عليه لكن منتو ماخذينه معاكم ، الولد يبغا امه و يبغا احد وراه ، عن اذنكم
خرج لينتهي النقاش البغيض بالنسبة له
يأخذ سند و يأخذ معه راكان للمجلس
تلمحه النجلاء لتسأل : وين ماخذ الصغار ؟ غريبة من عندكم لكم فترة كل يوم ناس جايين !
ينطق و هو خارج : اهل سند
نطقت برعبٍ : وش ، اهله !! حنا اهله .." لتركض و تمسك ب سند و تشده نحوها الدموع تنهمر فوق وجنتيها
تخرج والدتها بقلق : وش فيكم ؟ وش فيك انتي ماسكه الولد
يقول تركي بغضب : يمه خذي بنتك من هنا فكيني منها
ترد النجلاء بصوتٍ غاضب و باكٍ : يوم انه ولدهم ذلحين جايين بعد سنتين ؟؟ والله ما ياخذونه
تُمسك والدتها بتركي تشده للداخل بصدمة : وين ماخذ الولد ؟ اهله مين اللي جو ، وش دراهم فيه !!
يعود للداخل ، يجلس في صالة البيت واضعًا سندًا في حضنه ويقف راكان بجانبه
يخرج هاتفه يتصل بمحمد ما إن جاءه صوت محمد حتى نطق بغضب : تعال فكني من زوجتك
دقيقة واحدة حتى جاء محمدًا
يسمع صوت النجلاء تبكي ، و تحلف ألا يأخذوا الصغير ، و يسمع والدتها تتسائل و تستفسر عن كل شيء
يضرب بيده على الباب : يا ولد طريق
يركض راكان نحو والده ، و يقف تركي ماسكًا سند بين ذراعيه : خش خش
دخل محمد و هو يحمل راكان لتركض نحوه نجلاء باكية : شوف تعال شوف بياخذون سند ، ليه توهم يتذكرون ان لهم ولد ؟ وش يبغون فيه ، ليه جايين الحين والله انه تركي اللي اتصل بهم
يقيّد يديها بين يده و يحتضن كتفيها بقوة ، حتى تمكن تركي من الخروج
يلحق به محمد بعد أن طمئن النجلاء أن الصغير سيعود
و أخبر والدتها بالأساسيات المُهمة في اجتماعهم
في المجلس أول ما وطأت قدما تركي على عتبات الباب اختنق الهواء في رئتي أبو عبدالله
وقف و هو يمد يديه في الهواء أمامه لينطق بصوتٍ ملأه الوجع : يا ويلي عليك ، يا ويل قلبي منك و من أبوك يحاول حمله رغم عراك سند الخفيف
يتعلق بعنق تركي معارضًا ، يقف عبدالعزيز و همام ، يبتسم همام بحب و يحاول شد انتباه الصغير المُعارض
حمله أبو عبدالله و احتضنه برفق
تنهال الدموع على وجهه الصغير ، يمسح همام دمعه ، يصفق ب اصبعيه له راجيًا أن يسكت
يفزّ تميم ينتشل سند من يدي خالد و يخرج مسرعًا و هو يقول : هلكتوا الولد و هو يبكي
في الحقيقة الكل استاء من تعامل تميم معهم ، حتى تركي يودّ لو يعاقب تميم على تصرفاته الصبيانية
يخرج خالدًا مكبًا على وجهه و هو يستند على عبدالعزيز
ثم لحق بهم همام بعد أن همس في أذن تركي : ما تركت الولد الا عشانك و علّم اخوك يتمادى اكثر بيشوف وجهي الثاني طالما اني الى الان ساكت عنه

كسرت جناحيّ اليمامة فكان الجرح سندًا مُهاب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن