نحن البشر تميزنا عن باقي المخلوقات بوجود العقل نستطيع التفكير والفهم والأستيعاب، لا يوجد شخصٌ غبي كلٌ منا لديه شيء يميزه عن غيره.
نستطيع معرفة الصحيح من الخطأ وأتخاذ القرارت المناسبة لمستقبلنا، ونتعرف على ما ينفعنا وما يضرنا...
لكن هذا ما لم أفعله أنا في سنواتٍ كثيرة من حياتي
قد أضعتُ بعضاً من عُمري على أشياء لا تساوي ديناراً،
شعرتُ أنني لم أكن في وعيي عندما توقفت عن السعي للتقدم، وكنتُ سعيدة بذلك ولم أفهم الحقيقة على الرغم من كل النصائح التي تلقيتها من عائلتي إلا أنني لم أهتم بكلامهم وأستمررت باللهو واللعب حتى حصل ما حصل!!
أبتسم بهدوء وقلت:
- أنا سدرة وأنتِ؟
قالت الفتاة:
-أنا نور، لديكِ أسمٌ غريب.
أتسعت أبتسامتي، على الرغم من أن كلمتها ليست بغريبة إلا أنها أسعدتني:
-شكراً لكٍ.
نهضت نور وهي تحمل حقيبتها عندما سمعت رنين الجرس معلناً أنتهاء الدرس الأخير، لوحت لي قبل أن تخرج مسرعة وأنا بدوري التفت لأحمل حقيبتي الوردية من الأرض وأخرج للمنزل الذي كان قريباً من المدرسة.
عندما دخلت المنزل كانت والدتي في المطبخ تحضر الطعام وأصوات أخوتي تتعالى في غرفة الجلوس،
رميت بحقيبتي على الأرض وأتجهت إلى التلفاز لتشغيله على مسلسلي المفضل واندمجت معه.
في تلك الأثناء أتت أمي وقالت بأنزعاج:
-سدرة أنهضي وغيري ثيابك ثم تعالي لمساعدتي وأخبريني عن يومكِ الأول في المرحلة المتوسطة.
قلت وأنا غير مُبالية:
-أنتظري دقائق حتى أنتهاء المسلسل.
لم أشعر حتى أنطفئ التلفاز وأمي تنظر بغضبٍ لي ثم صرخت:
-أنهضي بسرعة.
نهضت بأنزعاج وصرخت:
-دعيني أرتاح قليلاً ماهذا !!
أخذت حقيبتي وصعدتُ للأعلى وأمي تتكلم في الأسفل بصوتٍ مرتفع وتعاتبني على صراخي عليها.
غيرت ثيابي بسرعة ونزلت للأسفل ثم أتجهت للمطبخ لأساعد أمي وأخبرها بهدوء:
-اليوم الدروس كثيفة وتعرفت على العديد من الفتيات وكانوا لطيفات.
أبتسمت أمي:
-نعم أريد درجاتك هذا العام مرتفعة كما السابق وأنا لن أدرسك بعد الأن عليكِ الأعتماد على نفسكِ.
حركت رأسي:
-لكِ ذلك.
أبتعدت وأنا أضع طبقاً على الأرض وأمي نادت أخوتي الذين أتوا راكضين لتناول الغداء وجلسنا جميعاً.
أمي وهي تأكل الأرز:
-تناولوا جيداً وأرتاحوا حتى العصر صم أدرسوا من اليوم ولا تهملوا دروسكم.
قال أحمد بحماس:
-ماما اليوم درسنا الرياضيات والعربية أما باقي الدروس فقط عرفونا بأنفسهم ولم نأخذ شيئاً.
أبتسمت أمي وأخبرته:
-هذا جيد اقرأهم اليوم.
حرك أخي رأسه وتناول طعامه أما أنا فلم أكن مهتمة بأمر الدروس او القراءة فقط كُنتُ أريد مشاهدة مسلسلاتي والتسلية، بعد دقائق أكملت غدائي وصعدت لغرفتي في الأعلى بأسرع ما يمكن لأمسك بهاتفي الذي أشتراه أبي لي قبل أشهر قليلة وبدأت أضع ارقام الفتيات الذي أخذته منهن وابدأ بمراسلتهن واحدة تلو الأخرى وطال الحديث حتى منتصف الليل فشعرت بالنعاس وأغلقت الهاتف لأنام، في تلك الأثناء جاءت أمي لتتفقدني فرأت أنني نمت فأغلقت الضوء وتطمنت عليّ ثم خرجت.
صباح اليوم التالي،
نهضت على صوت أمي لأغسل وجهي وأرتب ملابسي وشعري استعداداً ليومٍ طويل، كان أبي يتناول الفطور في المطبخ وأخوتي يتجهزون للمدرسة مثلي،
خرجت من المنزل وأنا اسير في الطريق قابلت أحدى صديقاتي وقلت:
-مرحباً سارا، كيف حالك؟
-أهلاً أنا بخير وأنتِ؟
-بخير، لنذهب معاً.
-حسنًا.
نظرت لي سارا وقالت:
-هل درستِ البارحة؟ كان درس الرياضيات مزعجاً قليلاً.
-لم أدرس ولا نية لي في ذلك، أريد الاهتمام بأشياء أخرى بما أنني أصبحتُ في المتوسطة.
لم تجب سارا والتفتت للجهة الأخرى، دخلنا الى المدرسة مبكراً وبعد الحديث الجانبي مع بعض الفتيات دخلنا الدرس وكانت مادة الرياضيات والصدمة أن المدرسة قالت:
-اخرجوا اوراقاً واقلام لديكم أمتحان!!
تعقدت الأمور لدي وشعرت بالأرتباك خوفاً من والدتي فأخرجت ورقة وقلم ووضعت الكتاب أسفل الطاولة حتى أستطيع أن اغش من خلاله وهذا ما حصل لقد أخذت السؤال الذي أختبرتنا به ونقلته من الكتاب دون شعورها.
بعد الدرس نهضت سارا وأقتربت مني:
-كيف أجبتي؟
أبتسمت وأنا أميل برأسي بغرور:
-جيد لقد كان سؤالاً سهلاً.
رأيت الدهشة على ملامح سارا التي نطقت بربكة:
-أنتِ لم تدرسِ كيف حللته وهو صعب ؟
نطقت بهدوء:
-تذكرته عندما حلته المدرسة.
أبتعدت سارا بغضب لتهمس قبل رحيلها:
-كاذبة، المدرسة لم تحل هذا السؤال وأعطته لنا كواجبٍ وأنتِ غششته.
لم تعطني الفرصة لقول شيء وأبتعدت أما أنا فشعّرتُ بالقلق والخوف لئلا تخبر سارا احداً فبقيت اليوم كله أحاول التكلم معها لكنها كانت تتجنبني وبنهاية اليوم وقبل الخروج أستطعت التحدث.
رأيت سارا تخرج من الصف وهي تحمل حقيبتها فلحقت بها وأمسكت بعضدها ولففتها بأتجاهي:
-سارا!! كُفي عن تجاهلي وأسمعيني.
أبعدت يدي:
-ماذا أسمع؟
-لم يكن لدي خيار أنا لم ادرس ولهذا السبب..
-لا أخبر أحداً!!
-نعم.
-أنا لم أخبر أحداً ولن أفعلها ستكشفين مهما طال الزمن أو قصر فحبل الكذب قصير.
أبتعدت راحلة بهدوء وأنا أنظر لها بأستنكار لكلامها ولم أهتم ثم عُدت للصف حتى أخذ حقيبتي وأخرج.
عندما وصلت المنزل حصل المعتاد وبدأت بسماع محاضرات أمي اليومية بأني عليّ الدراسة بجد وأن تكون درجاتي أفضل من ذاك وتلك وماشابه...
أبتعدت خطوتين وأنا أشعر بالأنزعاج:
-ماما!! يكفي أرجوك هذا الكلام أنا اسمعه كل يوم ولقد مللت منه توقفي عن ذلك.
كانت ملامح أمي توحي الصدمة فقالت بصوتٍ منخفض:
- أنا من أجل...
قاطعتها:
-أعرف من أجلي لكنك تهتمين لكلام الناس أكثر مني وتضغطين عليّ كثيراً فتوقفي وأتركيني أفعل ما يحلو لي.
صمتت للحظات ثم أبتسمت:
-حسنًا، أنا أثق بكِ وستفعلين ما أرسد دون القول لهذا الكلام.
حركت برأسي تأكيداً على كلامها ثم أتجهت لغرفتي وأنا أتكلم مع نور على الهاتف:
-أهلاً نور، كيف حالك؟
-أهلا سدرة، الحمدلله وأنتِ؟
-بخير، اليوم لم تأتي للمدرسة؟
-نعم لم أستطع، أشعر بتوعك ولهذا السبب.
-اوه، أتمنى أن تصبحي بخير قريباً.
-شكراً لكِ.
وهكذا أستمرت محادثتنا طويلاً وكان الزمن يجري ممي دون شعور ولم أكن أهتم لما أفوته وجزاء ما سيحصل لي بعد هذا التفويت كله.
مرت أيام عديدة منذ أن أصبحت أمي تعاملني كفتاة ناضجة ولم تتدخل كثيراً بدراستي لكنها بدأت تلحظ وجودي على الهاتف بكثرة وعدم ثض بالدراسة وشعّرت بمدى قلقها وخوفها من أنحدار درجاتي لكن لم ١ لتطمئن لأنني أردتها أن تعرف أنني لن أحقق ما تريدها هي، وكانت الأمتحانات الشهرية قد بدأت وقضيت تلك الفترة في القليل من الدراسة والباقي كنت أغشه رغم ذلك لم أكن أحصل على درجاتٍ جيدة وفي يوم أختبار الرياضيات لم أدرس أبداً فقد التهيت في تعلم وضع المكياج مع نور وقد نسيت أن لدي أختبار فأجبرت على وضع الكتاب أسفل الطاولة لأنقل منه الحلول وفي منتصف الأختبار رأتني المدرسة فجُن جنونها، سحبت الورقة من بين يدي وصرخت:
-ماذا تفعلين يا فتاة؟
بدأ جسدي بالأنتفاض وأنا أتمسك بحافة الورقة قائلة:
-ماذا؟
سحبت الورقة حتى تمزقت وهي تنخفض لتسحب الكتاب كذلك ثم رمتهُ أرضاً وصرخت غاضبة:
-أذهبي إلى المديرة .
نهضت بهدوء ثم خرجت من الصف ولحقت بي فتاة قد أنهت امتحانها لتأخذني إلى مكتب المديرة.
عندما دخلت المكتب تحدثت معي المديرة قليلاً ورأت أنني لن أجيبها فأضطرت لقول:
-أريد رقم ولي أمرك.
شعرّت بالفزع للحظات لكن أختفى عندما سمعتُ صوتاً في عقلي يخبرني أنها فرصتي المثالية للكشف عن حقيقتي أمام والداي، رفعت نظري للمديرة ورددت ببرود رقم والدتي:
-٠٧٧********.
أتصلت المديرة وأنا وقفت جنباً منتظرة قدوم أمي، سمعت صوت المديرة بعد دقائق قائلة بعتاب:
-أمك ستحضر وهي بغاية القلق الأن بسببك، هل كان الأمر يستحق؟
كانت نظراتي باردة وخالية من المشاعر أردتُ الأبتسام وأخبارها بأنني مُمتنة لأستاذة الرياضيات لأنها ليست طيبة القلب ولم تتستر على فعلتِ وكشفتني أمام المديرة حتى ينتهي الصراع والقلق الذي أراه في عيون أمي كل يوم،ستنتهي تلك المحاولات اليائسة في معرفة ما يجول بخاطري وما أفعلهُ بيومي وسيوفر عليّ وقتاً طويلاً بالشرح لأمي أنني لن أكون ما تريد.
دخلت والدتي إلى غرفة المديرة بعد أن طرقت الباب لتتقدم وتنظر لي بأستغراب ثم نظرت إلى المديرة وأبتسمت قائلة:
-مرحباً يا حضرة المديرة، أتصلتِ بي وطلبتِ مني القدوم!!
أبتسمت المديرة بأسف:
-أنظري نحن نهتم بمصالح طلبتنا كثيراُ وسدرة مثل أبنتي وأنا لا اقبل ما فعلته في أمتحان الرياضيات، سدرة أمسكتها الأستاذة وهي تغش ومع الأسف أنا لا اقبل بمثل هذه الأمور وأطلب منكِ ان توقعي على تعهد أن سدرة لن تفعلها مرة آخرى.
كانت أمي تنظر للمديرة بصمت وملامح الصدمة تعلو وجهها وقد توقعت ذلك حيث أمسكت القلم بهدوء وسحبت الورقة التي قدمتها المديرة ثم وقعت، نظرت لي مرة آخرى لكن هذه المرة كانت مليئة بالحسرة وعينيها تدمعان ثم أبتعدت للخارج والمديرة أشارت ببدها لي للعودة إلى الصف.
أنتهى اليوم الدراسي والأن أنا اقف أمام باب المنزل، أبتلعتُ ريقي بهدوء وأنا اعدل بالثوب المدرسي وأشد على حقيبتي ثم أرخيت يدي ودخلت كان الهدوء يعمْ جدران المنزل فقط صوتاً يصدح قادم من غرفة أمي.
مررتُ بالمطبخ لأدخل الصالة وأتضح انه بكائها الشديد مع صوت الأستغراب من أخوتي الصغار، طأطأت برأسي للأسفل ثم صعدتُ لغرفتي وأغلقت الباب بالمفتاح.
كان رأسي يؤلمني بشدة و الدموع تسيل من عيناي دون شعور، وضعت يدي على أحدى وجنتاي ثم نظرت للمرآة قائلة بهدوء:
-لماذا أبكي وأنا أردتُ هذا منذ زمن!!
مسحتُ دموعي بقسوة ورميت بالحقيبة أرضاً ثم أتجهت لأنام دون تغيير ثيابي.
نهاية الفصل
أنت تقرأ
نحو القمة
Kısa Hikayeسدرة فتاة دخلت إلى الأعدادية بعدم الأهتمام وبدأت رحلتها المدرسية بالأنحدار يوماً بعد يوم لكن ستتغير حياتها بعد سماع كلامٍ يجرحها.. ماسيحصل معها؟ وكيف ستواجهه؟