«لدي أمنية.»
قالت من العدم ما ان جلست على الكرسي الخشبي.
«لست بجني علاء الدين، أجيد قراءة المستقبل واستقبال أنباءه.»
ردت عليها قارئة الطالع وهي ترتب أوراق الجوكر.
«ما هي هذه الأمنية؟..»
سألت قارئة الطالع بملل بعد أن علمت من ملامح الفتاة -التي استقبلتها بنظرة خاطفة- أنها مصرة على ما تريد.
«أن أرى خيالي يسير في الواقع.»
أجابت الفتاة بنبرة ثابتة مغلفة ببرودة الطقس ونظراتها مغروسة في وجه قارئة الطالع.
«الأمر سيتطلب ظهور الشمس.»
قالت قارئة الطالع بعد ضحكة خفيفة وبعض الصمت، ثم أخرجت ورقتين على الطاولة من حزمة الأوراق.
«ما قصدك؟»
سألت الفتاة وهي ترمي بنظراتها إلى محتوى الأوراق فلمحت واحدة تملك رسمة الشمس والأخرى تجسيدا لشخص باللون الاسود.
«الظلال لا تظهر إلا بوجود مصدر ضوئي بالقرب لأنها تتغذى منها لتكبر على أرضية الواقع.»
شرحت قارئة الطالع بهدوء مقصد كلامها ثم ابتسمت وهي تنظر للفتاة وأردفت:
«لكن أنت .. لن تحتاجي للانتظار.»
«ما قصدك؟»
سألت الفتاة ونبرتها ما تزال تعصف بردا بينما ملامحها جامدة منذ بداية الحوار.
«أنت هي الضوء نفسه.. أنت تكونين الشمس.»
قالت قارئة الطالع وهي تضم الورقتين للحزمة مجددا.
«بالتالي.. كيف أجعل خيالي يسير في الواقع؟»
سألت الفتاة وهي تدير برأسها للشمال تنظر للسماء عبر النافذة تبحث عن الشمس إلا أن الغيوم المعلقة هناك في الهواء كان لها رأي آخر.
«أنيري الأركان بنظراتك وستجدِينه.. الظلال تحب العتمة والظلام.»
أجابت قارئة الطالع ثم نهضت من مكانها.
«ما علاقة الظلال بخيالي؟»
سألت الفتاة مجددا وهي تدير رأسها نحو قارئة الطالع ثم تتبعها بعينيها.
«هذا ما عليك أن تصنعِيه أنت.»
ردت عليها قارئة الطالع وغادرت للغرفة الداخلية تاركة الفتاة في حيرة غريبة.
شمس وظلال.. خيال وواقع.. سؤال وألغاز، الوضع لا يبدو بهذه السهولة ولا يبدو مريحا أيضا. كومة من الضياع الفكري في فضاء يملؤه السكون والسكوت، أن تجد نفسك ضائعا داخلك ليس بالأمر الهين.
لم تتحرك الفتاة من مكانها بل بقيت جالسة تنظر للفنجان وسط الطاولة ثم في هدوء مدت يدها نحوه وجذبته ناحيتها لترى ما يوجد في الداخل، ما نوع الأسرار التي يتكلم عنها قاعه.. أتوجد بوابة صغيرة سحرية تؤدي لمكان ما حيث يتواجد المجهول.. المستقبل.. الأعماق؟ ..
ليس فعلا..
فقط بعض ترسبات الشاي على محيط القاع الدائري للفنجان تسبح في القطرات المتبقية من المشروب.
«إن كان المنتصف شمسًا والمحيط ظلالًا.. إذن أنا محتجزة.»
تمتمت الفتاة بصوت خافت ثم أدارت رأسها نحو النافذة ما إن استقرت بعض من أشعة الشمس على سطح الفنجان وراحت في التزايد إلى أن غمرت كل الطاولة والفتاة معا.. بنورها ودفئها.
«لكن الشمس قوية والغيوم ضعيفة.. لا يمكن حجزها طويلا ستخرج من سجنها في آخر المطاف.»
أضافت الفتاة بصوت هادئ وهي مغمضة العينين تستقبل الشمس بوجهها المتجمد لعله ينصهر ولو قليلا فتستطيع بذلك بدأ عملية اختفاءها كما تمنت منذ زمن في سرها.
*****
أنت تقرأ
سيريس
Romanceالعاطفة بحر لا قاع لها لا سماء لها لا حدود لها العاطفة كون ما لا نهاية فضاء نطفو فيه نغرق بداخله للابد العاطفة كون يتعدى خمسة أبعاد كون لديه ما لانهاية من الأبعاد لكننا حاولنا.. -لأسباب نريد دهسها بالمهراز- أن نلخصها في بضع فقرات داخل قصة تحمل رؤ...