1:5

9 2 0
                                    

جلست على أحد المقاعد في الحديقة بعدها، قبالة شجرة قيقب كبيرة هناك، كل ما يفصل بينهما هو طريق معبدة تفصل بين المقعد وموضع الشجرة.

عقدت قدميها وجلست كما لو أنها تتربع على عرش من ذهب، ترتشف تارة من عصيرها وتبحلق تارة أخرى في البقعة الترابية الموجودة أسفل الشجرة..

«أنا أبلي جيدا في رحلتي حتى من دون انطلاقة سليمة، أربطة أحذيتي مفكوكة وها أنا لم أتعثر.. وها أنا أنام بعمق حتى وأنت مدفونة هناك..»

قالت محدثة الساكن في ذاك القبر الذي حفرته بيديها العاريتين تحت أمطار غزيرة في يوم قديم من الماضي، دون أن يرف لها جفن أو يأكل التردد جزءا من عقلها، فقط ابتسامة جانبية وهزة خفيفة برأسها تؤكد لنفسها أنها على ما يرام.

ما إن أنهت شماتتها وتفاخرها بما تفعله ألقت برأسها للخلف تراقب السماء من بين أوراق الشجرة المتدلية من خلفها، ثم أغمضت عينيها لوهلة تحاول إلغاء وجودها وسط أصوات الطبيعة، لكنها فشلت ما إن سمعت ضحكات طفلة تنتشر في المكان، فتحت عينيها واذا بها ترى الطفلة تركض قرب ذاك القبر حاملة بالونا أصفر اللون، ناداها أحدهم فاستدارت نحوه ولوحت باليد التي تحمل البالون متناسية أنها تمسك به بين أصابعها فما كان عليه سوى التحليق بعيدا عنها.. في اتجاه الغيوم.

«لم يخبروني أن المغادرة نحو السماء بهذه البساطة.. يستدعي إرخاء قبضتك فقط..»

تمتمت وهي تحدق بالبالون يطير عاليا ولمحة انكسار طفت في عينيها، شيء داخلها اهتز جعل قبضتها تعتصر علبة العصير المعدنية ثم نهضت تغادر الحديقة، الشمس اختفت في الأفق والبالون اختفى في السماء.. الظلام سيحل ويمكن لها أن تختفي أيضا.

لكن ليس هو.. إنه وقته ليكبر ويحتل كل شيء، لهذا لم يغادر من المقعد بل بقي أكثر قليلا يتمتع بلحظات الذروة خاصته.

****

سيريسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن