الفصل الرابع

189 19 6
                                    

                                       -٤-
                        *امرأة بلون الحُب* 

القسوة دائمًا ترافقها البرودة بينما الحُب يرافقه الدفء..

حاولت أن تفتح عينيها لترى نفسها بين أحضان شابٍ ما شديد الوسامة ينظر إلى بنظرات صارمة وحاجبين معقودين قائلًا بنبرة جافة:- إنتِ مين!
لم تستطيع أن تفتح عينيها أكثر ولكنها أستطاعت أن تهمس بنبرة ضعيفة خافتة قبل أن تفقد الوعي بين ذراعيه:- أنـــا " يــــاســــمــــيــــن ".
تفاجأ " مراد " من ذلك الجسد الصغير القابع بين ذراعيه، كان يحاوطها بين ذراعيه بشدة لذلك أستطاع أن يشعر بدفء جسدها يتخلل برودة جسده هو، لم ينتبه إلى المعركة التي تدور حوله بل شرد بوجهها البريء الخالي من مساحيق التجميل حتى وقعت عينيه على وجنتها الحمراء بشدة فأدرك أنها أُصيبت بلكمة تسببت في أغمائها، بنظرة سريعة أدرك أنها ليست مع هؤلاء النسوة، وبحركة أسرع حملها بين ذراعيه وسار بها بأتجاه مكتبه، حمد ربه أن الجميع يحاولون إنهاء المشاجرة بالخارج فلم ينتبه إليه أحد، مددها على الأريكة ووقف يتأملها بصمت، لا يعلم كيف يتعامل مع هذا الموقف الصعب، تذكر أن بحوزته زجاجة عطر يمكن أن تساعد الأن، أحضر الزجاجة وعاد إليها، أنخفض بجسده قليلًا ثُم وضع بعض العطر على كفه وقربه من أنفها لتستطيع أستنشاقه، في البداية لم تستجيب لكن بعد ثوانٍ بدأت تستيقظ، رمشت بأهدابها عدة مرات ثُم فتحت عينيها، أتسعت عيناه على وسعهُما عندما نظر إلى عمق عينيها من هذا القُرب، عينان بلون الشيكولاتة تجعلك ترغب في الذوبات بهما، يحيط بهُما أهدابٍ كثيفة زادتهُما جمالًا، شعر بنبضة من نبضات قلبه تفلت منه دون أن يستطيع أن يمنعها، بينما هي بعد أن فتحت عينيها ووقعت نظراتها عليه عرفته على الفور، لقد رأته مرة من قبل عندما كانت تمر على " علياء " لتصطحبها معها لكنه لم يراها وبالتأكيد لم يعرف من هي، شعرت بالتوتر من نظراته المصوبة نحوها، نظرات غامضة غير مفهومة بالنسبة لها، حاولت أن تعتدل وبمجرد أن فعلت شعرت أن جميع أنحاء وجهها تؤلمها، شهقت بألم وهمست قائلة ببكاء وهي تتحسس وجهها:- آة وشي حصله إيه! وشي باظ صح!
لا يعلم من أين أتت تلك الأبتسامة البلهاء التي أرتسمت على وجهه بمجرد أن أستمع إلى نبرة صوتها، نبرة تشبه زقزقة العصافير في الصباح، تفحصها للمرة التي لا يعلم عددها من أعلاها إلى أسفلها ثُم عاد بنظراته إلى عينيها مجددًا قائلًا بنبرة هادئة حتى لا ترتعب منه:- لا وشک سليم مفيهوش حاجة، دي مجرد كدمة بسيطة ويومين وهتروح.
رمشت بأهدابٍ مبللة ونظرت إليه ببراءة وشك وكأنها تزن حديثه لتعرف هل تصدقه أم لا، أتسعت أبتسامته أكثر بعد أن رمقته بتلك النظرة، حاول أن يسيطر على دغدغة الفراشات التي تحدث بداخله الأن ثُم تنحنح قائلًا بنبرة جادة:- بس مقولتليش إنتِ مين وبتعملي إيه هنا!
عادت إلى واقعها وتذكرت المهمة التي أتت إلى هنا من أجلها، بالتأكيد إن أكتشف " مراد " الأمر سيسجنها الأن ولن يرحمها أحدً من بين براثنه، عضت على شفتيها بتوتر في حركة شهيرة تقوم بها كلما شعرت بالأرتباك ثُم تلجلجت في الحديث قائلة:- أنــ..ا أنــا " يـا.. يــاسمين ".
"  مراد " بهدوء:- مانا عارف إنک " ياسمين ".
شهقت بفزع قائلة:- إيه، عرفت منين!
تعجب من ردة فعلها لكنه أجاب قائلًا:- إنتِ قولتيلي أسمك قبل ما يغمى عليکِ.
تنفست الصعداء لكن محنتها لم تنتهي بعد بالتحديد عندما هتف قائلًا بتساؤل:- مقولتليش إنتِ جاية هنا ليه!
كانت تجلس على الأريكة الجلدية السوداء على مسافة أمنة بعيدًا عنه بعد أن أعتدلت من نومتها، تضم ركبتيها معًا وتتشابك أصابع يديها ببعضهُما، بدأت تفرک أصابعها بتوتر ولم تجيب، شعر " مراد " بشيءٍ مايحدث وبالتأكيد لن يعجبه، لا يعلم لماذا وصلت إلى أنفه رائحة " علياء " تفوح بالمكان، أو بمعنى أصح رائحتها تفوح بذلك الأمر، أختفت البسمة من على وجهه، عادت النظرات الشرسة إلى عينيه، ازداد التجهم على وجهه، صاح قائلًا بنبرة حادة:- هو إنتِ من طرف " علياء " الصحفية!
تلك الشهقة المُرتعبة التي خرجت منها جعلته يتأكد من شكوكه نحوها، وقبل أن تجيب كان ينتفض ويقف بطوله المهيب أمامها مما جعله يبدوا كالحائط المنيع بينما هي رفعت رأسها إلى أخرها لتستطيع أن تنظر إليه، أرتعش جسدها خوفًا منه وقرأ هو أرتعاشها بوضوح لذلك حاول أن يتحكم بنفسه وهتف قائلًا بسخرية سوداء:- والهانم مجاتش بنفسها ليه! أنا والله شميت ريحتها في الموضوع.
همست قائلة بأرتباك:- هو مش أنت و " علياء " شغالين مع بعض وعلى وفاق، صح!
أبتسم ساخرًا ثُم هتف قائلًا:- دة المفروض بس الأنسة لسة برضه بتشتغل بطريقتها ومش عاملة أي أعتبار لشغلنا مع بعض.
زمت شفتيها بطفولة ثُم همست قائلة بنبرة خافتة دون أن تنظر إليه:- ما أنت كمان لئيم معاها ومش بتقولها كل حاجة.
توسعت عيناه بشدة، تجمدت ملامحه، لم يستوعب حتى ما سمعه لذلك أقترب منها قائلًا بنبرة مخيفة:- قولتي إيه! سمعيني كدة تاني!
أبتعدت بجسدها قليلًا إلى الخلف بخوف ثُم همست قائلة بحذر:- مقولتش.

عالمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن