الفصل الثاني عشر

136 15 4
                                    

                                     -١٢-
                          *جريمة بحق الحُب* 

" الحياة عِبارة عن لُعبة، قد تكون تلك اللُعبة غاية في السهولة عِند البعض، وقد تُصبح أشد ضراوة عِند البعض الأخر، لــــكــــن القاعدة العامة التي يجب عليك اتباعها في كلا الحالتين هي أن عليک الحذر فور أن تصل إلى المرحلة النهائية بلُعبتک، کــــالأن.. "

الغضب والأنفعال أصبحا نمط حياته بالأيام الأخيرة، تحديدًا منذُ أن أختفت ولم يعُد يعرف عنها شيءٍ، لا يعرف لها اسمٍ كاملًا أو عنوانٍ، كل ما لديه رقم هاتف لعين مغلق طوال الوقت، لقد بحث عنها كثيرًا محاولًا الوصول إليها بكل شكلٍ من الأشكال لكن لا أثر لها، كأنها لم تكُن موجودة يومٍ بالحياة، كأنها كانت شبحٍ تظهر لهُ هو فقط ولم يراها أحدًا سواه، صفعة قوية تلقاها " رشاد " الأن على وجهه من قِبل " سالم الوزان " الذي يقف أمامه بتلك اللحظة عيناه تلمعان بغضبٍ عاصف ثُم هدر قائلًا بشراسة جنونية:- غـــبـــي.
تحسس " رشاد " مكان الصفعة بغضبٍ مكتوم لم ولن يستطيع أن ينفث عنه ثُم نظر أرضٍ يخفي مشاعره التي تعصف بنظراته الأن، بينما هدر " سالم " قائلًا بنفس شراسته:- أنا مش هروح في داهية وأتحبس عشان واحد غبي زيك مش عارف يشوف شغله صح، فكرك لما تخبي عليا موضوع البت الصحفية دة أنا مش هقدر أعرف، أنت نسيت أنا مين يا " رشاد " ولا إيه! أنا " ســـالـــم الـــوزان ".
رفع " رشاد " رأسه ونظر إليه قائلًا بغضب مكتوم:- يا باشا أنا أول ما عرفت إنها بتفتش ورانا أمرت بقتلها على طول، ذنبي إيه أنا إنها طلعت بسبع أرواح ولسة عايشة!
أبتسم " سالم " بسخرية سوداء قائلًا:- ذنبك إنك بقيت كسلان يا " رشاد " وبتكسل تعمل كل حاجة بنفسك زي زمان، عامل فيها كبير وزعيم وقاعد مكانك بتؤمر في الرجالة اللي حواليك، مش كدة ولا إيه!
كاد أن يتحدث لكن أوقفه " سالم " بإشارة منه قائلًا بنبرة حادة كحد السيف:- البت دي لازم نخلص منها في أقرب فرصة.
هتف " رشاد " بتفكير قائلًا:- بس لو عملنا كدة هنفتح عيون الداخلية علينا، وهيفتشوا ورانا وبالذات الظابط اللي اسمه " مراد " دة مش هيسيبنا، أنا عرفت إنه قريب منها وكمان خاطب صاحبتها.
صمت " سالم " يفكر في الأمر من جميع الإتجاهات وبعد قليل هتف قائلًا بجدية:- ممممم، سيب الموضوع دة دلوقتي شوية، أنا هفكر وأرتب وهبلغک بالخطة اللي تمشي عليها.
أومأ لهُ بطاعة وكان على وشك أن يرحل عندما أوقفه " سالم " قائلًا بنبرة غامضة:- إيه اخبار " ورد " يا " رشاد "!

يجلس الأن بداخل الملهى الليلي شاردًا، واجمًا، بداخله الكثير من الغضب يرغب في أن ينفث عنه بأحدًا ما والأن، تذكر سؤال " سالم الوزان " عن " ورد " قبل قليل، صمت حينها ولم يعرف بما يجيب مما جعل " سالم " ينظر إليه بسخرية أحرقته وبدون حديث أشار لهُ ليرحل، الحقد وحشٍ ينمو بداخلك، من الممكن أن تجعل منه وحشٍ كاسرٍ إذا جعلت من غضبک وسيلة لتغذيته، احذر قد يفتک بک ذلك الوحش يومٍ ما، عاد من شروده على لمسة أصابع ناعمة على كتفه، نظر بجانبه بفتور لكن توسعت نظراته بصدمة عندما رأها بجانبه، تجلس براحة وملامح وجه هادئة تبتسم لهُ أبتسامتها الجذابة التي يشوبها دائمًا بعضٍ من الغموض، تنظر إليه ببراءة وكأنها لم تفعل شيءٍ، تحولت ملامحه إلى أخرى جامدة غير مقروءة التعبير ثُم قبض على أصابعها وضغط عليها بقوة ألمتها لكنها لم تظهر لهُ ذلك وهتف قائلًا بنبرة جافة مُبهمة:- كُنتِ فين!
أدركت فحوى سؤاله ولم ترغب أن تتلاعب بهِ بتلك اللحظة لذلك همست قائلة بنبرة ناعمة وهي تتجاهل ألم أصابعها بين قبضته:- كنت مسافرة.
عقد حاجبيه بضيق قائلًا بنبرة ساخطة:- مسافرة! وسفرك دة يستاهل إنك تختفي كل الأيام دي، وكنتي مسافرة فين بقا!
حررت أصابعها من قبضته أخيرًا وأسترخت بجلستها أكثر ثُم ألتقطت الكأس الذي أمامه وتجرعت ما بهِ دفعة واحدة ثُم هتفت قائلة بنبرة غامضة ونظراتها شاردة في اللاشيء:- كنت في البلد بتاعتي، بدفن شخص عزيز عليا.
لم تنفک عقدة حاجبيه وهتف قائلًا بضيق:- ومين الشخص دة؟!
همست قائلة بنفس نبرتها وهي مازالت على شرودها:- مش مهم هو مين، المهم إن هو مات، ريح وأستريح.
صمتت وصمت هو الأخر يتأملها بملامح واجمة، ملامح لا يظهر عليها أي تعبير، لا يظهر لها هل صدقها أم لا لكن وصلت إليها الإجابة عندما أقترب منها حتى لفحت أنفاسه بشرة وجهها فنظرت إليه تنتظر حديثه الذي جاءها سريعًا وهو يهمس قائلًا بنبرة جافة قاسية:- أنا وقت ما هعرف اللي إنتِ مخبياه عليا هقتلك يا " ورد " صدقيني.
لم تتوتر أو تتأثر بل أبتسمت لهُ بدلالٍ وهمست قائلة بنبرة ناعمة مغوية:- ولغاية ما تعرف أنا مخبية عنك حاجة أو لا ياريت تتعامل معايا بأسلوب أفضل من كدة لإني محبش إنك تتفرعن عليا يا " رشاد ".
جز على أسنانه بغضب وقبل أن يجيب نهضت هي من مكانها قائلة بالامبالاة:- بما إنك مش طايقني دلوقتي فأسمحلي بقا أنا لازم استأذن، أنا بس جيت عشان أقولك إني أكتشفت مكان تاني بيشيل فيه المحامي ورقه وأول ما هتأكد من المكان دة وإن الملف هناك هجيبهولك عشان نرتاح من القصة دي كلها، سلام.
رحلت وتركته ينظر إلى أثرها بغضب وهو عازمٍ على شيءٍ واحد فقط....

عالمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن