الفصل الخامس

163 18 4
                                    

                                      -٥-
                        *قوة النساء السحرية*

يولد الإنسان بفطرة نقية بريئة ومع أول ذنب يقوم بأرتكابه يفقد برائته، وبمرور الأيام تتفاقم ذنوبک حتى تعجز عن تذكُرها، تتهدل أكتافك من ثقل ما تحمله من ذنوب لــــكــــن هناك من لا يشعر بأنه أرتكب ذنبٍ بالأساس، مسحورًا بروعة الحياة، يأخذ كل ما يريد بشراهة، لا يعتقد أن هناك يومٍ للحساب، تتسلط الحياة عليه فيضيع بلذتها ثُــــــم تُغافله..

" ڤيلا سالم الوزان "

يقف " رشاد " بحديقة ڤيلا رب عمله، رجل الأعمال الشهير " سالم الوزان "، رجل لا يرحم ويعرف عنه قسوة القلب، صاحب أكبر شركة للمقاولات بالبلد لكن كل هذا ما هو إلا واجهة حتى يخفي خلفها حقيقته، " سالم الوزان " من أشهر المُهربين ليس فقط بمصر وإنما بالعديد من الدول، لا يعمل بتهريب المخدرات أو الأسلحة أو الآثار فقط بل حتى بتهريب البشر، كما أنهُ صاحب أكبر " غرفة حمراء " من الغُرف الموجودة على شبكة " الأنترنت المظلم "، يعمل تحت إمرته أكثر من ألف شخصٍ على هذه الشبكة وتعود عليه بالكثير من الأموال تكاد تصل إلى الملايين يوميًا، تذكر " رشاد " الدرس الذي تلقاه على يد رجال " سالم " بالمرة الأخيرة، تلقى ذلك الدرس بسبب الملف الذي وقع بين قبضة أحد المحاميين المعروف عنه نزاهته وشجاعته، وصل ذاك المحامي إلى معلومات أخطر مما جعل " سالم " على وشك قتل الجميع حتى أمر بقتل المحامي لكنه لم يمُت ومن ماتت بدلًا عنه زوجته، أعتقد " رشاد " أنهُم سيضطروا إلى محاولة قتل المحامي مرة أخرى لكنه أختفى، تنحى جانبًا وكأنه خشى أن يخسر المزيد بعد خسارته لزوجته، وبسبب ذلك الخطأ أرسل إليه رجاله وها هو مازال يتعافى من ضرباتهم..

=سرحان في إيه يا " رشاد " وأنا بكلمك!

خرجت تلك الجملة من بين شفتيّ " سالم " ليعود " رشاد " إلى شروده قائلًا بأنتباه:- أنا أسف يا باشا، مع حضرتك.
نظر إليها بتفحص ثُم هتف قائلًا بنبرة يتغلغل بها الشر:- المحامي إياه لسة عايش صح!
أومأ لهُ " رشاد " قائلًا:- أيوة لسة عايش، مراته بس اللي ماتت ومن وقتها وهو مختفي تقريبًا وحتى مكتبه مش بيروحه واللي مسكه دلوقتي المساعدين بتوعه.
جلس " سالم " على أحد المقاعد بالحديقة وهتف قائلًا بتفكير:- بس الملف لسة معاه، وأنا مضمنش إذا كان هيعتبر اللي حصل دة قرصة ودن ويبعد عننا ولالا.
" رشاد " بطاعة تامة:- تحب حضرتك نبعت حد لغاية بيته يخلص عليه!
تنهد " سالم " بضيق قائلًا بنبرة حادة:- كنت بفكر في كدة بس أكتشفت إن مستحيل المحامي دة يكون وصل للملف لوحده، أكيد في حد ساعده ومعنى كدة إن ممكن يكون في حد تاني معاه نسخة تانية من الملف.
عقد " رشاد " حاجبيه بعدم فهم ثُم هتف قائلًا بحيرة:- تؤمرنا بإيه يا باشا وإحنا ننفذه!
أطرق " سالم " برأسه يفكر في حلًا ما وبعد تفكير دام لوقتٍ قصير، نظر إلى " رشاد " قائلًا بخبث:- الراجل دة مينفعش نقتله إلا لما ناخد منه الملف الأول ونعرف مين اللي ساعده وبعدها نخلص عليهم هما الأتنين.
صمت " رشاد " لثوانٍ يفكر حتى نسج الشيطان خيوط خطته بعقله، أبتسم أبتسامة واسعة خبيثة وهمس قائلًا بنبرة تشبه فحيح الأفاعي:- اللي أنت عاوزه هيحصل يا باشا، أتطمن.
نظر إليه بأستخفاف قائلًا:- لما نشوف هتنفذ المهمة صح المرادي ولا هتغلط، وأنت عارف يا " رشاد " الغلطة عندنا فيها قطع رقبة.
أبتلع ريقه بخوف لكنه هتف سريعًا قائلًا:- متقلقش يا باشا، كل حاجة هتمشي زي ما أنت عاوز.
أومأ له " سالم " بخفة دون أن يجيب ولكنه تذكر شيءٍ جعله يهتف قائلًا بتساؤل خبيث:- هي صحيح الحفلة هتبدأ أمتى؟!
أبتسم " رشاد " بخبث مماثل قائلًا:- الساعة 2 بعد نُص الليل يا باشا.
ضحك " سالم " بقوة ثُم هتف قائلًا من بين ضحكاته:- الواحد بيحب النوع دة من الحفلات أوي يا " رشاد ".
أبتسم " رشاد " دون أن يجيب فهتف " سالم " قائلًا بحماس:- جهزلي القناع الدهبي النهاردة.
نفذ ما قاله على الفور وبعد ساعة أستأذن حتى يذهب لقضاء بعض المهام قبل أن تبدأ الحفلة المُنتظرة، كانت واحدة من تلك المهام هي مقابلة " ورد " التي كان ينتظرها بشدة منذُ عدة أيام، حتى أنه أرسل إليها رسالة البارحة يطلب منها أن تقابله من أجل عملًا هام ولكن لم يكن يوجد عمل بأي حال، هو فقط أراد رؤيتها لكن هذه الفتاة تبدوا محظوظة، لقد أختار لها عملًا منذُ قليل ويأمل أن تقوم بتنفيذه على أكمل وجه، بحث خلفها بالأيام الماضية حتى يتأكد من المعلومات التي أعطته إياها وتأكد من صدقها، هي فتاة يتيمة ترعرعت بملجأ ولا تعرف من أهلها، وبعد أن تخرجت من الملجأ لم تجد إلا واقع مظلم، فقر، مهانة، لذلك قررت أن تعمل بالسرقة لكي تستطيع أن تعيش حتى قابلته تلك الليلة بالملهى، كلما رأها يشعر بالرغبة الشديدة تجاهها لكنها لا تُطيعه، تعبث بدواخله بنظراتها الجريئة الوقحة وكأنها تدعوه للأقتراب وبمجرد أن يقترب حتى يتفاجأ بهروبها منه، يستطيع أن يأخذ ما يريد منها حتى لو رغمًا عنها لكنه يتمهل وإذا لم يحصل عليها بأرادتها قريبًا سيحصل عليها رغمًا عن أنفها، وصل إلى الملهى الليلي الذي يتقابلا بهِ بكل مرة وهناك وجدها بأنتظاره، تجلس على طاولة بعيدة عن الأنظار وتبدوا شاردة، لا تنظر لمن حولها هي فقط تنظر إلى نقطة بعيدة فارغة، كم يكره غموضها هذا، أقترب منها حتى أبصرته وعندها رأى ملامحها تتغيير تمامًا من الشرود والجمود إلى الخبث والدلال، أبتسمت لهُ أبتسامة جعلت فاهه على وشك أن يصل إلى الأرض، وصل إليها وجلس بجانبها، كان على وشك أن يقترب منها حتى يقبلها لكنها تراجعت إلى الخلف لتبعد شفتيها عن مرمى شفتيه وهتفت قائلة بعتاب:- " رشاد " أنا قولتلك أنا مش بحب الطريقة دي ومش بتاعت كدة.
زفر بضيق وتراجع أيضًا مبتعدًا عنها قائلًا:- وفيها إيه يعني! ما إنتِ عارفة إني عايزك!
رفعت كتفيها وأنزلتهما بالامُبالاة قائلة ببرود:- وأنا قولتلك من أول ما عرفتك إني مليش غير في الشغل وبس وأي حاجة تانية في دماغك برة عني، لو مكنتش عاوز تشغلني ممكن تقولي ونفُضها سيرة وأرجع لشغلتي القديمة تاني.
شعر أنه تسرع وأخر ما يريده هو أن يخسرها الأن لذلك عادت إليه نظراته اللينة وهمس قائلًا بنبرة ناعمة:- إنتِ عارفة إني مبقتش قادر أبعد عنك، أنا مش هضايقك تاني طالما دة هيريحك.
أبتسمت لهُ بنعومة ولم تتحدث، هتف هو قائلًا:- أنا طلبتك النهاردة عشان عايزك في شغل مهم.
عقدت حاجبيها قائلة:- شغل إيه!
نظر إليها بتفحص أقلقها لكنها لم تظهر لهُ ذلك ثُم أبتسم أبتسامة غامضة قائلًا:- إنتِ قولتيلي قبل كدة إنك مستعدة تعملي أي حاجة مقابل الفلوس، صح!
أومأت لهُ دون حديث فأستكمل هو حديثه قائلًا:- مهمة بسيطة هتعمليها وهتقبضي 100 ألف جنيه، وأهو بالمرة تثبتي ولائك ليا.
أتسعت عينيها بعدم تصديق قائلة بذهولٍ:- بتقول كام!
ضحك على مظهرها وكرر عليها الرقم من جديد، لمعت عيناها بطمعٍ وأجابت بلهفة:- مهمة إيه دي!
هتف " رشاد " قائلًا بجدية:- في شخص معاه حاجة تخص الباشا بتاعنا، وإحنا محتاجين الحاجة دي.
" ورد " بأستفهام:- حاجة إيه وأجيبها منين؟!

عالمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن