المُـعتَقـل

جَذوة

" الفَـصل الثانـي "

أعزائي العابرون على السطور خذو كلماتي عظة لمن يستطيع أن يتعظ، ودرسًا لمن يُحسن أن يفهم عن الحُزنِ و الأيام و ماتلقيه علي من الدروس.

- يَـعـقـوب الغَـريـب -

____________________________

رحت أتعثر في طريقي أليهِ، وقَلْبي مثقلً بالألم والخوف.
حتى أصبحتُ محاطًا بدفء،وبعدها ماوجدت إلا الدموع وهي تتدفق بحرية من عيني مبللًة أحضانهُ.

وبدأت توسلاً يائسًا :

"من فضلكم.. "

بصوت رهيم أجشُ من العاطفة :

"مِن فضلكَم ،أعيدوني إلى أمي، لقد أرتكبتُ خطأً.. لقد وقعتُ في الخديعة اتوسلكم أمي سيدي.. أنها لاتستطيع العيش بدوني.. "

ثُقل الضيق الذي شعرت به كان ساحقًا، وهو كان يداعب شعري برفق، محاولًا تهدئة جسدي المرتجف، ثمَ أمسكَ بكفي وضمني بدفء خطوط يده وسار حيث رجلا ً يدعى غَريب وهمس في أذنه  :

" أعدهُ إلى المعاقل "

_

ولى الليلُ عابسًا مزدرياً لم يرفِ لسُوبين جفنً ولم يزرها الرقاد، عينيها تائهتان، تشهدُ وجعاً في الذاكرة لا يقبل الرحيل، تجلس وخَدُها تَحتَ كَفِها كزهر ذابل لم تلامسهُ القطرات، مرهقًة من النحيب عند أعتاب باب غرفتها.

كيف تنام وطفلها ليسَ موجود، تايهيونغ قضى الليلة كلها خارجًا معاقب تشعرُ بالذعر وحاولت مراراً وتكراراً  فتح الباب، لكنهُ مغلقًا بإحكام وحينَ بزغزت نويرات الشمس أستقامت وطرقت مجددًا.

وصرخت بالنائم خارجًا بلا مبالاة :

" جنافي!!! أفتح ياجنافي يكفيك أتوسلك أين أنتَ!! "

فز فؤاده أثرً طرقاتها ،فمسح سيل اللعاب عن خديه ونبس منزعجًا :

" واللعنة بكِ من أمرأة لمَ تصرخين في الصباح الباكر!! "

" أفتح أرجوك يكفي أخرجني دعني اطمئن على أبني أنني لم أعد أحتمل نَغزات قَلبي عليه."

تضطربُ في صدرها نبضاتُ فؤادها، يئنّ قلبها، تشعر به وكأنه ينغرزُ بوخزاتٍ خفيّة، طعناتٍ تسري ببطءٍ في عروقها، شيءً يحدثها بأن مكروهًا ما قد مسَّ وليدَها. تضعُ يدها على صدرها، لن يفهم مخلوق ماتحس ألا أنه شعور كأنما روحها تقف على أطرافها.

الليل كُله تسمع في صمت الغُرفة صرخاتٍ لا تُرى، وكأنَّ خفقاتِ قلبها أمست رسائل من قدرٍ خبيء. في خيالاتها  سواد، وفي أنفاسها خوفٌ مصائب الأمهات، تلك التي تشعر بها القلوب قبل أن يبوح بها الزمن.