الفصل السابع "غموض"

16 0 0
                                    

الفصل السابع.. "غموض"

"كُنت خيرًا مُنذ الصغرِ، لكن بِأفعال أبي دُمرت كليًا"

الضوء حالك، الفراش متناثر وملقي علىٰ أرضية الغرفة، لا يسعهُ سوىٰ السؤال مرارًا وتكرارًا..
لِما هذا؟!
قرب "أواد" وهو يغمغم بحديثٍ يشق القلب للكثير والكثير، لم يصل لِـ تلك الحالة إلا بعد معاملة لا يستحقها، شابٌ لم يتجاوز عقدهُ الثالث.. لم يرىٰ سعادةً، دلف والده وهو ينير الغرفة، الأوراق متقطعة، الصراخ يتملك منهُ.

أنين القهر حاز علىٰ عقلهِ، لم يجد الصاحب المجاور لهُ؛ خشيةً من إفتعال الأب الحديث الجارح، يشعر بِأنهُ خُلق ليتألم، يُمارس فيبغض.. صدىٰ الصوت بأذنيهِ، وجد عيونًا لا تحس ولا تعرف معنىٰ الحنو..إنفجر "أواد" بِه وهو يقف أمامهِ دون خوفٍ:-

-لو كُنت خلفتني عشان تفرض سيطرتك علىٰ ابنك وهو كبير، فـ حضرتك خسرتني، تعرف كلمة حب كرهتها علىٰ إيدك..هبقىٰ ممتن لو مُت عشان حضرتك عُقدة ليا ولأمي!

تركهُ والدموع تملئ مقلتيه، لا عتابًا يصلح لحالٍ إنغمس به"أواد" لم يدرِ نفسه إلا وهو علىٰ مشارف الطريق، السيارات تمر، عيونهُ تبدلت للحمرة لا يرىٰ، الصراخ تملك منهُ، الوقت قارب علىٰ "صلاة الفجر" لا يصمت فقط يقول بصوتٍ فزع المارة "يا رب"..

ذهب للمسجدِ المقارب لبيت جدهِ، وما إن دلف.. الآذان وصوت الشيخ يخترق قلبهِ، توضأ وإتجه للقبلة، بكىٰ خشيةً من الله، فما نلجأ إليه إلا وينشرح صدر البشر الصادق، نتوب ونرجع خطواتً، لكن القلب هو السر بهذا.

لم يدرِ نفسه إلا علىٰ صوت" نوح" المُفاجأ لـ"أواد"، جذبه برفقٍ.. قاما ليومهم لكن لم يعلما أن اليوم به الكثير مِن الصواعق المُنكبة لسنوات.

"لِما أخشىٰ مَن أحب؟!
الخشية مِن مواكبة الخطأ كثيرًا تجعل العقل مشتتًا، لكن كوني عالقة فهذا خطأً لا يمر مرور الكِرام"

عادت بذكراتها لأمسٍ بعد أن كانت نبرة أباها جادة لهم وهو يقول:-

-"غياب الثالث عنكم جعل لكم حرية أكثر مِن اللزوم"..
قالها وهو على غير عادةً ليكمل..
"آدم" كلمني إنه عاوز يتقدم ليكِ، عرض عليا فكرة هو وأحمد بس كـ تفكير الأولى أنسب وأصح، وأنا عارف إللي في بالك، رأيك يهمني بس بسرعة يا ست هانم، أنتَ بقى بعدين.

أفاقت علىٰ صوت أخيها وهو ينظر لها، عيونها يكسوها الفرحة الخَفية، لكنها لا تحب أن تكون خطًا لـ"معتصم"
لا يستحق منها ذلك، لا القلب يُحب أن نرىٰ تلك الأشياء، ولا العقل الذي توقف، شُلت مِـن ذلك الأدم المُحتل لقلبها، لكن بنفسِ الآنِ تخشىٰ أن تتغير حينما تتقابل الأعين الفاضحة، بلا شك أن الطُرق تيسر لكن الإنسانَ يعقد الأمور.

رياح غادرة "الجزء التاني من إيليف" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن