مشهد "نوح"
"اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وعلىٰ آله وصحبة أجمعين"
بعد حادثٍ عصيبٍ مر بِه "أواد" وكشف "نوح" أمام "يوسف" دبَّ الرعب في قلبهِ خشيةً مِن غضب والدته التي لم تعبر الحديث مِنه، حك رأسهِ مستعينًا بِالله ومِن ثُم دلف لغرفة"رؤى"؛ كي تقترح حجةّ يطيب بها قلب أمهَ وأبيه، وجدها تذاكر نظرًا لتقصيرها وقرب زواجها الذي كان علىٰ يد "نوح" وإفاقتها بعد خوفها علىٰ "أواد"، حمحم لتنظر لهُ وهي تعي طلبهِ، تمتمتْ بصدقٍ:-
-مش هقول عاوزة مقابل بس تروح الجامعة بتاعتي وتقولي الأخبار!
رمقها بجانبِ عينيه؛ ليومأ بِالموافقةِ، جذبتهُ مُن يديه ومِن ثُم دلفتْ؛ لغرفة والدتها:-
-بصي يا ست" لارا" ليكِ حق تخافي علىٰ ابنك الكبير، بس معلش هو مش غلط يا أمي، ده متعلم عشان هدف نيجي إحنا نزعل، هو عارف بالدليل إن شغال مع بابا وفي شغله، يلا ارضي عنهُ بقى يا ماما، وحياة جوزك إللي هو أبويا، بلاش قلقك ده..قلقك زمان كان سبب حزنك!
متستغربيش أنا عمتي قالتْ لينا كُل حاجة، مرض نور، وعمو "نزار" والراجل الشرير.ضحك"نوح" علىٰ تلقائيتها التي تجلب لها المشاكل، كان واقفًا علىٰ الباب؛ ليُمسك"يوسف"ثيابهِ، تمتم بعفوية:-
-يا بابا حرام عليك الشعلقة دي، أنا مش صغير ده أنا غلبان والله، كان عندك حق يا أحمد!
قامتْ"لارا"محتضنةً ابنها بعد أن غمزتْ لها، جذبتْ"نوح"ومِن ثُم بكتْ؛ لتبتسم"مليكة"علىٰ تِلك العائلة التي يمر بها الكثير، فقط يتركوهم يفعلون ما يريدوا؛ كي تُختبر حياتهم بِحلوها ومُرها، ومَن أراد الهدف يسعي إليه، لا بنتظر الغير، وبالعائلة التي تقدر الابن والإبنة تُحقق الأحلام، قبل"نوح"جبينها واعدًا إياهم بعدم الكذب مرةً أخرىٰ، فقد سار والدهُ لهُ بخطبةِ "رؤى" بعد أن ألح عليه.
وضع المسدس الخاص بِه بِالبنطالِ ومِن ثُم توجه أولًا بعد أن أخبر "أواد" بشراء ما تحتاجهُ "مليكة"، وصل لوجهتهِ منتظرًا إياه.. لكنهُ وجد" رؤى" أمامهِ تناظرهُ بغيظٍ وهى ترتدي غطاء الرأس عليها مردفةً بعصبية وهي واضعة يدها بِخصرها كحركتها الطفولية:-
-بتراقبني حضرتك!
إستعاذ بالله مِن الشيطان بعد أن حمد الله علىٰ هدوء الشارعِ، لتُكمل وهي ترفع بِالسبابة:-
-بقولك إيه أختك مجتش يبقى تروح شغلك، هنا مش شغلك.
-ما تهدي بقىٰ يا "رؤى" صوتك عالي لو واخده بالك، بعدين من امتىٰ حضرتك واخده بالك مني، علىٰ العموم كُل البنات تتمنىٰ واحد زي!
فرتْ تحت أنظارهِ، لكنها تراجعت محدثةً بتحذير:-
-كُنت هقول لبابا يوافق علىٰ طلبك بس بعد الحركة دي، خليك قاعد مستني سنتين عشان تكتب الكتاب.
تطلع إليها بنفاذِ صبرٍ ومِن ثُم لمح "أواد" يعطيه ما تحتاج أختهُ؛ ليأخذه للطبيب كي يرىٰ يديه التي كُسرتْ، قص عليه ما حدث مُنذ قليلٍ؛ ليهون عليه ضيق صدرها وأسلوبها الفظ معهُ، كانتْ صحبة "أواد" تدلف لمسلك اليقين الذي تمنىٰ"أواد"الحصول عليه كانتْ هي عائلتهُ الجديد بعد فقدان روحهِ، عالج"معتصم"ضعف قوتهِ، أما "نوح" فقد ترك العمل كلهُ لأواد؛ ليكون ظابطًا فحسب لا غير ذلك.
تذكر مدىٰ القوة التي دلفتْ لجسدهِ طيلة أيام البعد عن البيت، خلق حياةٌ لهُ بها الحياة أو الموت، لا يرىٰ سوىٰ أنهُ يجب عليه العمل طوال الوقت، إن كان التِّعلم سهلًا فليس مِن السهل التأقلم، وإنْ كان الجهل محيطًا بنا فهو علامة لا تمحو مِن الجبين، تبكِ العين حينما ترىٰ الفشل المفاجئ.
أنت تقرأ
رياح غادرة "الجزء التاني من إيليف"
General Fiction"آهٍ مِن الأوجاعِ التي تظهر أمامي بَين جفوني وقلبي، الإتيان الذي توقعتهُ بَينكم صار سرابًا"