Part 9

19 2 34
                                    

"ركضت أختبئ بأحضانك خوفًا من الظلام، فما وجدت ظلامًا الا بقلبك "

بعد تلك الصدمة الشديدة التي تلقتها سي-لا وقفت بلا أية تعابير على وجهها ، رتَّبَت ثيابها و شعرها ، جمعت اغراضها عن المكتب ، ارتشفت بضع رشفاتٍ من المياه ، و خرجت من الجامعة متجهةً الى المنزل ، تسير بلا روح ، تجر اقدامها كأنها تأبى العودة الى حيث هذا الحقير ..

لكن لمَ لا تزال تريد أن ترى وجهه كأنها ستنعم بالجنة داخل عينيه بينما هو ألقى بها داخل حِمَم البركان بلا رحمة دون سابق انذار ..

أي انذار تحتاج أكثر من كونه وغد طوال تلك السنوات ، منذ المرة الأولى التي رأته بها؟

لعدة سنواتٍ كانت تدرس علم النفس ، تتعامل مع المرضى من مختلفِ الحالات ، تتعلم على يد كبار الاساتذة و الاطباء ، لكنها كانت مرتها الأولى التي تدرك فيها معنى الادمان ، تساءلت كثيرًا عن "ما الصعب في ترك الكحول او المخدر ؟" ، اليوم وجدت الاجابة ، قد يكون المريض على علم تام بأن ما يدمنه يقوده للهلاك لكن ماذا يفعل ان كان لا ينعم بالحياة الا به ، و هي حتى ليست بحياة .

كان أول ما قابلها عند فتح باب المنزل هو زوجها ، يجلس على الاريكة المقابلة للباب ، واضعًا قدما فوق الاخرى على الطاولة أمامه و حاسوبه المحمول على فخذيه ، بجانبه كوب من القهوة الداكنة كقلبه " و عيناه " ، متحدثًا الى احدٍ على الهاتف .

" أرسلت لك جميع الملفات التي تخص ذلك الامر ، تحرَ الدقة في اختيار العاملين عليه لا أريد اية اخطاء ... حسنًا ، نتحدث لاحقًا "
رفع رأسه اليها في آخر كلامه ناظرًا اليها بينما يبتسم ابتسامة جانبية سخيفة

أغلق الخط ، و نهض من مكانه متجهًا إليها بخطواتٍ بطيئة حتى وقف أمامها مباشرةً

كانت لا تزال شاردة حتى أنها لم تدرك أن الباب لا زال مفتوحًا ، أنه يقف على هذا القرب منها
اغلق الباب بقوةٍ لتستفيق من شرودها ثم قرَّب وجهه منها حتى لم يبقَ سوا بضعة إنشات بينهم ، ابتسم بهدوء ناظرًا في عينيها بتمعن .

" أوه ، هل بكيتِ ؟ هذا يعني أنكِ رأيت المقطع بالفعل ؟ هل أعجبك ؟ كنتِ بغاية الجمال "
أنهى كلامه برفع خصلها خلف اذنها واضعًا راحة كفه على وجنتها و لا زال على وجهه تلك الابتسامة المثيرة للاشمئزاز

" لتتعلمي ألا تفعلي سوى ما أريد ، أنتِ تعلمين أنني أحميكِ من أولئك الأوغاد ، يجب أن أبعدهم عن محيطكِ حتى لا تتأذي عزيزتي ، هم ليسوا سوى اوغاد "
اقترب منها تلك الخطوة الفاصلة ليضمها الى حضنه ، بينما هي بدأت تشعر بالدفئ أعطاها عقلها انذار ، و بلا تفكير .. أصابته بركبتها بمعدته ثم ضربته بحقيبة يدها على رأسه عدة مراتٍ متتالية بينما تبكي و تسبَّه .

Identityless | فاقد للهويةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن