حكاية ١٨

24 2 0
                                    

_ وأنا ليه أعمل كل الحاجات دي يا رؤى وأنا أصلا مش مُلزمة؟!
.الحياة الجامعية لما تبدأ، حياتنا كلها بتتغير ١٨٠ درجة، من فتاة الثانوية اللي كل همها تخلص دروسها وترجع بسرعة تصلي وتاكل أي حاجه عشان تبدأ تذاكر اللي وراها وتجيب مجموع كبير يفرح أهلها، للفتاة الجامعية اللي اتنقلت لحياة تانية، من دراسة لمواد جديدة، وناس جديدة لسه أول مرة تشوفهم، مسئولية تانية مختلفة وصراع ما بين الثبات علي الحق أو الإنجراف ورا الباطل اللي بقي الطبيعي جدًا الأيام دي.
.لما بدأت حياتي الجامعية، نويت لله إني مش هخرج منها إلا وأنا سايبه أثر طيب في كل اللي حواليا، وكانت أول خطوة أعملها هي " الجامع"
مجرد تجمع بسيط أنا وكام بنت في وقت الصلاة، أو بين المحاضرات، بنتكلم عن كل حاجه.....
_ ابتسمت بهدوء وقولت: اسمك اي الأول ؟
_ سما
قومت من مكاني وروحت قعدت قدامها، مسكت إيديها وطبطبت عليها وقولت بضحك: 
_ قوليلي يا سما هي ماما رأيها اي في حكاية مش مُلزمة اللي منتشرة دي؟
_ ضحكت وقالت: ماما شايفة إننا بنات أخر زمن، وإن البنت ملهاش إلا بيتها وجوزها.
_ طب وسما رأيها اي؟
_ أنا مش شايفة زي ماما، ليه يبقي مليش في الأخر غير بيتي وجوزي، ليه ميبقاش ليا حياة تانية وكارير أنا حابة أعمله وأوصل له.
_ سكتت شوية ودموعها نزلت وقالت: ليه يبقي أخري إني أتجوز وأقعد في البيت، أطبخ وأغسل وأربي في أطفال، وفي الأخر أنضرب لو تعبت في يوم، أو غلطت في حاجه من غير قصد.
_ حضنتها لحد ما هديت وبعدين بدأت اتكلم:
_ بصي يا سما يا حبيبتي، احنا لما نيجي نحط قاعدة عامة ونمشي بيها، بنمشي علي الصح واللي ربنا يُؤمر بيه.
ربنا قال اي في كتابه الكريم عن الأزواج، " وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ"
الأصل في الحياة الزوجية هي المودة والرحمة، السيدة حواء خُلقت من ضِلع سيدنا أدم عليه السلام، ومش أي ضِلع دا كان ضِلعه الأعوج، فالأصل إننا بنكمل بعض.
احنا مش داخلين حرب، احنا بنَبني بيت سوا، مين قال إن الست مش مُلزمة، واي المغزي من ورا الظاهرة دي؟
مينفعش أقول إن الست مش مُلزمة وإن الراجل مش مُلزم، الحياة كلها مسئوليات، والزواج مسئولية كبيرة جدًا من مسئوليات الحياة، مينفعش نتهرب منها.
الأصل في الحياة ،المشاركه، الست مُلزمة والراجل كمان مُلزم، لو عايزين نقتنع إن الست مش ملزمة بإنها تشيل مسئولية بيتها وتربية أطفالها، يبقي متتجوزش أفضل، مينفعش نبقي داخلين نبني بيت واحنا أصلا الأساس والأصل عندنا مهدود.
_ بس يا رؤى هي ليه تعمل كل حاجه، وهو في الأخر ميقدّرش؟
_ مين قال إنها لازم تعمل كل حاجه، أنا قولت إن الأصل في الحياة المشاركة، هو كمان مُلزم إنه يساعدها في البيت، وتربية الأولاد، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام كان في عون أهل بيته، وعليه كمان إنه يسمعها ويقدر دورها وتعبها وهي برضو، هو له القوامة، والقوامة مش إنه يعمل كل اللي هو عاوزة وهي عليها تستحمل..
لأ احنا اللي فاهمين الدين غلط، القوامة بإنه هو المسئول عن مصاريف البيت كلها، ولو هي بتشتغل مرتبها ليها هي، ولو هي حابه تساعد وتشاركه في كل حاجه في حياته حتي في النقطة دي، يبقي واجب عليه إنه يقدّرها ويبقي قدرها عالي عنده، مش يبقي شايف إنه واجب عليها تصرف علي البيت، وإنها ازاي متعملش كده.
وكمان بإنه يقدر يحتويها ويفهمها ويسمعها، لو حصل خناقة يقدر يلم الموقف، وهي كمان واجب عليها ده.
مينفعش أقول إن الست مش ملزمة، أنا كده بهد منظومة جميلة موجودة من قديم الأزل، لو صدقنا واستمرينا في الطريق ده، بشكل أو بآخر احنا كده بنضيع الدين من إيدينا، وبندعو لفتن وبلاوي كتير ربنا يصرفها عننا.
ومش معني يا حبيبتي إن فيه فئة معينة فاهمه الزواج غلط، يبقي ناخدها هي الأساس ونبني عليها مبادئنا، احنا بناخد مبادئنا من الإسلام، مش من الناس، فهماني يا سما ؟
_ مسحت دموعها وقالت: أيوه فهمتك، بس هل دا يتعارض مع إني عايزة أعمل كارير وحياة ليا؟
_ ابتسمت بهدوء وقولت: لأ طبعًا مين قال كده؟
بصي يا حبيبي الحياة أولويات، يعني مثلا وإنتِ لسه بتدرسي، بتبقي الدراسة في أول أولوياتك، لكن لما ربنا يأذن بخطوة الزواج، لازم تعرفي إن بيتك وزوجك هيبقوا رقم واحد عندك، ومش بقول تلغي حياتك اللي عايزة توصليلها عشان كده، بس بقول إنك تعرفي أولوياتك وترتبيها، مفيهاش حاجه لما أكمل دراستي وأنا متزوجه لو هتقدري علي ده، أو أشتغل وأكيد الداعم الأول ليكِ هيبقي زوجك، لو هو شخص سوي وكويس هيبقي حابب إنك تنجحي وهيدعمك، لكن أول لما ألاقي إن شغلي هيجي علي بيتي يبقي لأ، لازم أعيد حساباتي من الأول وأعرف مين أهم، ولازم برضو تعرفي إن هدفك الأول والأساسي هو إنك تبني بيت يرضي ربنا ورسوله، وتربي أطفال يرفعوا من شأن الإسلام.
سيدنا عمر رضي الله عنه كان بيقول اي" إنما نتزوج ليُخرج الله من أصلابنا ذرية تعبده".
_ بنت تانية سألت وقالت: طب اي رأيك في الزواج عن حب؟
_ التفت وقولتلها : الجميلة الأول اسمها اي ؟
_ هاجر
_ بصي يا هاجر، أنا مقتنعة إن مفيش أحلي من الزواج عن حب، أنا أهو مكتوب كتابي وبحب زوجي جدًا، والحب علي فكرة حلال مش حرام أبدًا، الحرام في الحب هو تصرفاتنا اللي بنعملها عشان نعبر عن الحب، الطبيعي فينا إن أي ولد وبنت بينجذبوا لبعض ودي فطرتنا، لكن مش معني كده إن اي اتنين يحسوا بالإعجاب ناحية بعض يروحوا يتكلموا ويتصاحبوا تحت مُسمي الحب، دا الحرام بقي.
الحب بالنسبالي بيجي بالعشرة، بالمواقف والتصرفات، بأنه من الأول يخاف ربنا فيا، فيخاف عليا من نفسه، فميطلبش يكلمني واحنا لسه مفيش بينا أي رابط رسمي، الشخص اللي بيحبك بجد هو اللي هيجي يخبط علي باب بيتك ويسعي إن ربنا يجمعكم سوا في الحلال، مش يسعي إنكم تغضبوا ربنا سوا.
كفاية بقي انهاردة لحد كده وأشوفكم الأسبوع الجاي إن شاء الله، هتوحشوني.
.................................................
_ السلام عليكم، ازيك يا رؤى، روحتي ؟
_ استني يا ابني أخد نفسي وأعرف أرد عليك، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمدلله يا سليم، لأ لسه هروح أركب أهو.
_طب اي اللي أخرك لدلوقتي؟
_ أبدًا يا سيدي كنا بنتكلم أنا والبنات علي إن ازاي الست مش ملزمة وإنها كراسة في الأصل.
_ ضحك وقال: إنتِ مش هتتغيري أبدًا، دايمًا أي حاجه تهزري فيها.
_ اضحك يا عم اضحك محدش واخد منها حاجه.
_ ماشي يا ستي، خدي بالك من نفسك ومتتأخريش، عايزة حاجه أجبها وأنا راجع؟
_ صوتي هدي وقولت: لأ سلامتك بس عايزة أسالك سؤال قبل ما اقفل.
_ أكيد قولي
_ هو أنا لو مت، هتتجوز بعدي ولا لأ؟
_ يا ستي مش لما نتجوز الأول.
_ سَليم أنا مش بهزر جاوبني لو سمحت.
_ في اي يا رؤى مالك؟
_ مفيش حاجه جاوبني بس.
_ رد بنبرة قلقانه وقال : لأ اكيد مش هتجوز، هو أنا هلاقي شبهك تاني فين، أنا رسمت حياتي كلها علي إنك فيها، مش بعيد أموت وراكي أصلاً.
_ رديت بهدوء وقولت: بس أنا عايزاك تتجوز بعدي يا سليم، تبني البيت اللي كنا بنحلم بيه، وتربي أولادك زي ما كنا متفقين هنربي أولادنا ازاي، وتحكيلهم عني.
سكت شوية وبعدين ضحكت وقولت: بس اوعي تحكي لمامتهم عني عشان هتتخانق معاك.
_ رد بقلق وقال: رؤى إنتِ كويسه، بتتكلمي كده ليه، قوليلي إنتِ فين وهجيلك.
_ أنا زي الفل يا سليم مالك، بتكلم معاك شوية بس، يلا سلام بقي عشان هعدي الطريق، هتوحشني أوي، مع السلامة..

حكاوي رؤى وسليم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن