لم أكن أعلم أن لنا في الوضوء كل هذا الفضل، فنحن لم نتخذ مكاننا للصلاة بعد، لم نسجد تقربا لله بعد، لم نتذلل أو ندعوا بعد، و إنما كل ما فعلناه أننا نطهر أنفسنا استعدادا لمقابلة الله، و مع ذلك فالله سبحانه و تعالى يأجرنا على فعلنا حتى قبل أن نلقاه، أو أن نقف بين يديه، فإذا غسلنا يدينا خرج من يدينا كل خطيئةٍ كانت بطشتها يدانا مع الماء، و حين نغسل وجوهنا، خرج من وجهنا كل خطيئةٍ نظرنا إليها بعينينا مع الماء، فإذا غسلنا رِجْلينا خرجت كل خطيئةٍ مشَتْها رِجْلانا مع الماء، فالله سبحانه و تعالى يمحو الذنوب بالوضوء و يرفع درجة المؤمن به، و يكمل به الإنسان نصف الإيمان كما يزداد هذا الأجر عند إسباغ/إتقان الوضوء رغم المكاره، كالوضوء صباحا بالماء البارد في فصل الشتاء مثلا،
فضلا على أننا بواسطة الوضوء نتميز عن باقي الناس حتى يتعرف علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم نلقاه بإذنه تعالى، عبر الوضوء نميز بأننا من الأمة المحمدية حتى نلتقي مع الرسول عند الحوض غرا محجلين من أثر الوضوء، يكاد عقلي يتشتت، من هذا الكم من الأجر و النعم و لم تطأ قدمنا المحراب بعد، لم نقم بالواجب المفروض الذي هو الصلاة، و مع ذلك فالله سبحانه وتعالى من كرمه يمن علينا و يأجرنا، و بعيدا عن الصلاة المفروضة، فيكفي أن نسبغ الوضوء امتثالا لرسول الله و أن نصلي ركعتين بخشوع يغفر الله تعالى ما تقدم من ذنوبنا، لم نؤدي الواجب بعد، لم نصلي الصلاة المفروضة الواجبة بعد ومع ذلك فلا مجال للتكاسل أو البحث عن الأعذار، فلا سبب مقبول، و لا عذر يعد به، فهذا الدين ميسر من عنده عز و جل
.
المصدر:
صحيح مسلم كتاب الطهارة الحديث 223
صحيح مسلم كتاب الطهارة الحديث 234
صحيح مسلم كتاب الطهارة الحديث 244
صحيح مسلم كتاب الطهارة الحديث 251