أعياد الميلاد هي فترة يحتفل فيها المسيحيون بميلاد المسيح عيسى عليه السلام، الذي نعتبره نحن المسلمين مجرد رسول من الله،
بينما يعتبره المسيحيون، إلها أو ابن إله، على حسب مذاهبهم، ويحتفلون به في 25 من شهر دجنبر على اعتبار أن هذا اليوم هو الذي ولد فيه،
مؤخرا كثرت ظاهرة احتفال المسلمين بهذا العيد، منهم من قد يحتفل عن قصد وهو مدرك لفعله، ومنهم من قد يحتفل فقط لمجرد أنه ميلاد عيسى عليه السلام، دون اعتبار لأي تبعات، أو تفاصيل هذا الاحتفال،
ومن الناس من يختلط عليه الأمر فيحتفل بهذا العيد على اعتبار أنه احتفال بالعام الجديد المقبل،
لكن هل فعلا 25 دجنبر هو يوم ميلاد عيسى؟ وما علاقة شجرة الصنوبر بهذا العيد؟ وهل يجوز احتفال المسلمين به كميلاد للنبي الله عيسى عليه السلام؟مجيبا على آخر سؤال وباختصار، لايجوز بإجماع العلماء، أما تفصيلا فكالتالي، دينيا، فهو يعتبر عيدا مسيحيا، لا يجوز للمسلم الاحتفال به،
كما يحرم لمقصده، فالمسيحيون لا يحتفلون بهذا اليوم كميلاد النبي عيسى عليه السلام، بل هو ابن الإله بالنسبة لهم،
قال الله سبحانه وتعالى في سورة مريم :{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا (88) لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا }
كيف لي أن أحتفل بأمر تكاد تتشقق السماء، تنشق الأرض وتتكسر الجبال بسببه، فزعا من عظمة الله عز وجل
وإعمالا للعقل أيضا، إن كنا كمسلمين لسنا مطالبين أساسا بالاحتفال بعيد ميلاد نبينا وخاتم الأنبياء محمد عليه أفضل الصلاة والسلام الذي هو رسولنا وبعث لنا وأقرب لنا من باقي الأنبياء والرسل فكيف لنا أن نحتفل بميلاد نبي لم يبعث لنا أصلا.
الأمر الثاني، لماذا شجرة الصنوبر بالتحديد، وما أصل هذه العادة، يستخدم المسيحيون شجرة الصنوبر، للرمز إلى الحيوية والحياة المتجددة،
أما أصل هذه العادة فهي وثنية، استخدمها الرومانيون للاحتفال بمولد إله الشمس عندهم "سول إنفكتوس" (والذي سنعود لذكره في التالي) وبهذه المناسبة كان الرومان يتبادلون الهدايا ويزينون منازلهم بأغصان شجرة الصنوبر،
أما بالنسبة للسؤال المتبقي، هل فعلا ولد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام في 25 من شهر دجنبر، ما دفعني لهذا التساؤل هو مقطع رأيته للشيخ أحمد ديدات رحمه الله، يناقش فيه هذه المسألة بالتحديد،
بحسب الكتاب المقدس، ليس هناك تاريخ محدد لولادة عيسى عليه السلام، إذن من أين وقع الاختيار على هذا اليوم، بكل بساطة من آباء الكنيسة الذين اتفقوا على هذا اليوم،
ويذكر أن الخامس والعشرون من دجنبر كان قبل ذلك عيدا وثنيا يحتفل فيه الرومان بميلاد إله الشمس عندهم، "سول إنفكتوس" الذي ذكرنا سابقا،
والذي كان الناس حينها أيضا يزينون منازلهم بأغصان الصنوبر، وتبادل الهدايا،
إذن متى كان ميلاد المسيح عليه السلام، قرآننا يقربنا من جواب هذا التساؤل في وصفه لميلاد المسيح عيسى عليه السلام،
قال الله تعالى في سورة مريم : {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}
أمر الله سبحانه مريم بتحريك النخلة كي يتساقط عليها الرطب أو التمر، أي أن تلك الفترة كانت تعرف نضج التمر، والذي عادة ما يكون خريفا، وللتحديد أكثر، ما بين منتصف شهر غشت إلى نهاية أكتوبر،
أي بحسب هذا التحليل البسيط، فولادة عيسى عليه السلام كانت خريفا والله أعلم.
ليس فقط أن عيسى عليه السلام في الغالب لم يولد في 25 دجنبر، بل أيضا هذا اليوم يصادف عيدا وثنيا، والذي اعتاد الناس الاحتفال فيه بنفس الطريقة التي يعتمدونها اليوم فيما يسمونه ميلاد المسيح
لذلك أعتقد أن الصورة أصبحت واضحة الآن وليست بحاجة للمزيد من التفسير والشرح.