كحاله المعتاد، رجل وحيد يفضل العزلة عن المجتمع وصخبه، جٌل ما يستهويه هو كوب من الشاي مع قراءة الصحف او الكتب على قارعة الطريق، يتأمل في لحظات اراحة عينيه من القراءة في المارة، يسرح في خياله عن ماهية اقصى همومهم.. هل هم بحاجة الى سد ديونهم؟ ام انهم يفقدون احباءهم ؟ ام ان لديهم هموم من نوع آخر؟ هو لا يعلم بحق عن ماهية الهموم الحقيقية التي يعيشها الاقل طبقية منه، فمنذ مولده وهو يلعق حساءه المفضل في طبق من ذهب كما يُقال، كيف لا وهو إبن احد اشهر العائلات في مدينته.. " عائلة الاكرمان " وهذا ليس الامتياز الوحيد الذي يحظى به، ف عائلة الاكرمان هي اكثر عائلة مرتبطة بالعائلة الملكية الحاكمة للمدينة، وكم يشعر بإن هؤلاء الناس سيحسدونه على حياته في تلك القصور لو علموا انه من تلك السلالة، وهو كم يحسدهم على بساطة حياتهم وشوارعهم الفارغة من رائحة الزهور، حياة بسيطة يمكن للمرء من خلالها شُرب مشروبه في الهواء الطلق دون اي منغصات.
اثناء تأمله للمارة، مشت من امامه فتاة وقد رمقته بدلال محاولة جذب انظاره، بدا فاتن في نظرها بسبب طابعه الكلاسيكي في الهندام رغم حداثة العصر، في الحقيقة هو لا يزال يحب ارتداء ملابس تُمثل سلالته الاكرمانيه، البدلات الرسمية الخالية من الالوان الزاهية، تقتصر في كثير من الاحيان على الابيض والاسود.. لكن الاجيال الآتية بعد ذلك قد بدت في الاستزادة اللونية فأقحموا الرمادي والبني حتى اصبح من العادي ان ترى ابناء السلالة الاكرمانية يرتدون مثل عامة الشعب، هذا لم يرضي غرور الفتى الثلاثيني ليفاي فهو يحترم تلك القيم التي بناها اجداده، تجاهل نظراته فقد اعتاد على مثل هذه المحاولات الفاشلة في جذب اثارته، في الحقيقة هو لا يفكر في الارتباط لسبب يجهله، ربما بسبب غرابة الطريقة التي نشأ فيها..
ارتشف اخر دفعة من الشاي وترك الحساب مع كمية لا بأس بها وكثيرا من ما يسمى بالبخشيش.
نهض بهدوء وبدأ يسير كعادته نحو الطريق المتفق عليه ان يبقى سائقه الخاص في انتظاره عنده، اثناء سيره، كان ينظر بإستمتاع الى غروب الشمس وترتسم على شفاهه ابتسامة صغيرة، لاحظتها تلك الفتاة التي تقف على بعد مترات بسيطه منه، ثم قطع تأمله صوت انثوي صاخب
" لقد التقطت لك صور، هل تمانع ؟ "
نظر نحو الصوت، امرأة لا تبدو تصغره كثيرًا في العمر، طويلة القامة وبشعر بنُي لامع مُدلى على كتفيها، يعلوه طوق قد رفع كل شعرها للوراء، ترتدي نظارات طبية كانت تحمل منها نسختين، نسخة على عينيها ونسخة تتدلى على صدرها ممسوكة بحبل في نهايتها
أردف بتعجب " عفوًا ؟ "
لتقترب بإبتسامة مشرقة ممدة اليد في اشارة للتصافح
" هانجي، هانجي زوي.. مصورة فوتوغرافية "
أنت تقرأ
قطرة من دَمك || ليفايهان
Romance- إياك والانصياع خلف تلك الملامح البريئة.. ليس كل ما نراه حقيقي.