الفصل (24)

2K 74 2
                                    

'الفصل الرابع والعشرون'

امسكت منى بكفيه تحتضنهما بين يديها..
- مؤيد..
نظر لها فتابعت : انت كويس؟
اومأ لها ف همست بتساؤل : طب هتعمل ايه؟
- مش عارف يا منى ، بعد اللي عرفته دا المفروض اني اعمل ايه؟!!
- تروح لمامتك..
حرك رأسه بحيرة متسائلاً : اروح أقولها ليه..!!
اجابته بحيرة مماثلة : مش عارفة بس المهم تروح لها.. انت عرفت الحقيقة واتأكدت انها مظلومة وانها مابعدتش عنكم بإرادتها
تنهد بعنف فتابعت : يالا قوم اجهز وانا هروح البس واجي معاك
قطب بتعجب : تيجي معايا فين؟
- عند مامتك يا مؤيد يالا..
ثم تابعت بمزاح : انا من زمان نفسي اقول لأي حد يا حماتي كنت هقولها لحسناء بس هي صغيرة قوي ع الكلمة دي
انحسرت ابتسامته بعد ذكر شقيقته.. لا يعرف كيف سيخبرها
تنهد ثم نهض يفعل ما ارادت وابتاعت الورد في طريقها
وصلا للمنزل ووقف امام الباب حاملاً الورود بين يديه بينما هي واقفة جواره ف نظر لها متأففاً : منى انا حاسس بالورد دا اني رايح اخطب خدي شيليه انتي
اخذته منه وعادت ترن الجرس ف فتحت رزان اليهم جاحظة العينين تناظرهم ف اقتربت منها منى تحتصنها هاتفة : رزان حبيبتي
كانت الاخرى صامتة.. او منصدمة ف لم تستطيع التفوه بشيء
- انا اسفة ع اللي حصل مني ماكنتش اعرف.. امال ماما فين؟
حركت رأسها بتساؤل مندهش : ماما مين؟
- حماتي..
شعرت رزان بأنها داخل حلم غريب سوف تستفيق منه بعد قليل.. لكنها اشارت الى الداخل ف دلفت منى وخلفها مؤيد الذي همس بإبتسامة : معلشي منى واخدها العشم شوية
اومأت له ودخلت خلفهم
- ماما نايمة هدخل اصحيها..
دخلت هي وخرج يزن يهندم قميصه ويدندن بينما يستعد للخروج ليتفاجأ بهم جالسين
نظر اليهم ثم اقترب يرحب بهم : مساء الخير.. انا يزن اخو رزان.. انتوا صحابها
ثم مد يده ليصافح منى اولاً التي ابتسمت والتفتت ل مؤيد سائلة : هو دا اخوك؟
اومأ لها بينما رمقه يزن بعدم تصديق : انت مؤيد.. صح
وقبل ان يبادر الاخر بـ رد اندفع يحتضنه هاتفاً : يااه اخيراً شوفتك.. كنت فين يا راجل من زمان
وابتعد يجلس متابعاً : انا كنت متفق مع صحابي نخرج بس كنسل الخروجة عشان خاطرك
واردف سائلاً : امال فين حسناء..؟
كاد يجيبه لكنه لمح فريدة تقترب منهم ف نهض ناظراً اليها ف قالت بعينين لو استطاعت لأحتضنته بهم : كنت عارفة انك هتيجي
ابتلع لعابه وفرد ذراعيه حائراً : انا مش عارف اقولك ايه ، عمي عمر قالي ع الحقيقة كلها بس حقيقي انا جاي هنا مش عارف اعمل ايه
اشارت على نفسها قائلة : انا هعمل
واقتربت تضمه اليها فأغمض عينيه بقوة.. شعور دافيء إجتاحه بين يديها
كانت لضمتها تأثير قوي على قلبه وكأنها اذابت برودته من ناحيتها.. وكأنه عاد طفل صغير بين احضانها..

***

سارت على اطراف اصابعها لداخل غرفة مكتبه ابتسمت بحنو عندما وجدته غافي فوق المقعد او يغمض عينيه فقط مسترقاً بعض الراحة
وقفت خلفه مباشرةً ثم رفعت ذراعيها واحاطت عنقه فأبتسم دون ان يفتح عينيه
- حاسس بيكي من وانتي ع الباب
كرمشت انفها بتذمر طفولي والتفتت تقف امامه مستندة الى المكتب
- بتحس بيا ازاي بقا
جذب ذراعها ف سقطت فوق قدمه ثم أخبرها : بشم ريحتك
ثم مال على عنقها يستنشقه بقوة هامساً : تجنن..
ابتعدت قليلاً تسأله : لسة الشقة ماخلصتش؟
نفى يجيبها : فاضل حاجات بسيطة بس
اومأت له فتابع غامزاً : انا ليا مزاج اقضي الليلة هنا..
نظرت للغرفة التي شهدت ليلتهم الأولى ثم داعبت وجنته بإغراء جديد عليها وعلى شفتيها ابتسامة عابثة : انت تؤمر يا عبودي
- يا ايه؟
همس بتساؤل غير مصدقاً اراد استماعها مرة ثانية ف همستها بدلال : عبودي
كانت تمط شفتيها وهي تنطقها ف فقد صوابه و نهض متوجهاً نحو باب الغرفة اغلقه جيداً وعاد إليها.. يود لو يبتلعها كلها بداخله.. يظل بأحضانها طوال الوقت ولا يرحل ابداً
غاب معها في لحظات قطعتها الخادمة عندما طرقت على باب الغرفة فإبتعد عنها هاتفاً بغيظ : في ايه؟
اجابته من خلف الباب : اخو المدام برة ومعاه ناس عايزينكم
زفر بعـ ـنف بينما هي قطبت بحيرة وقلق : مؤيد بيعمل ايه هنا دلوقتي
اخذ يعدل من ملابسها بينما يخبرها : اكيد وحشتيه وجاي يشوفك ماتقلقيش كدا
طمئنتها ابتسامته قليلاً ثم أخبرها ان تسبقه للخارج
خرجت لتجد.. شقيقها ، منى وعمها الثلاثة جالسين بغرفة المعيشة ف تقدمت منهم بـ إبتسامة
- ايه المفاجأة الحلوة دي
نهض مؤيد اولاً استقبلها بين ذراعيه ف قطبت بدهشة وهو يقول : وحشتيني يا حسناء
- في ايه يا مؤيد انت لسة شايفني امبارح
ثم ابتعدت متابعة : انت كدا بتقلقني ، فهمني حصل ايه
حرك رأسه : مافيش ياحبيبتي والله
التفتت لعمها سائلة : في ايه يا عمو؟
اشار لها ان تأتي وتجلس جواره : تعالي يا حسناء عايز اتكلم معاكي
دخل عبدالله في تلك اللحظة بينما هي شعور بداخلها اقلقها على ابيها الغائب..
هو رغم ما فعله سيظل ابيها
ف تفوهت بشيء من تردد : بابا كويس؟
ربت عمر على كتفها بحنان : ماتقلقيش ياحبيبتي بابا كويس.. احنا بس جايين ليكي في موضوع مهم
حركت رأسها بتساؤل : موضوع ايه؟
حل الصمت على الجميع للحظات ثم همس مؤيد : ماما عايزة تشوفك
رفرفت بأهدابها لثواني تستوعب ما يقول : ماما..!! ماما مين
اجابها عمر : مامتكم يا حسناء
رمقت مؤيد بنظرة غير مستوعبة : مامتنا..!!
اومأ لها : ايوا يا حسناء.. هي هنا وعايزه تشوفك
- هنا فين.. وعايزه تشوفني ليه انا مش عايزاها.. مش عايزه اشوفها
نهض مؤيد يجلس جوارها : الموضوع مش زي ما كنا فاهمين يا حسناء.. اسمعي الاول
انصتت لما يخبرها به ولم تبين لهم اي رد فعل.. فقط كانت تستمع بصمت وبعد ان انتهى حركت رأسها موافقة : تمام.. انا عايزه اشوفها
دقائق وكانت فريدة تدلف عليهم ترافقها رزان ويزن ف انتفصت واقفة تشعر بالصدمة.. اهذه والدتها ام انها تتوهم..

نظرت للواقفين حولها بتيه ثم عادت تنظر لها تهمس بعدم تصديق : انتي..!! ، انتي امي؟
اومأت فريدة بعينين دامعة وفردت ذراعيها تحاول الوصول إليها.. ضمها لكنها ابتعدت هاتفة : ابعدي عني.. انا مش عايزاكي
- حسناء..
التفتت لشقيقها هاتفة : في ايه ، ايوة انا مش عايزاها.. جاية تعملي ايه دلوقتي.. جاية ليه ؟

نظرت فريدة لعمر صائحة : ماتقولها يا عمر.. احكيلها ساكت ليه
اجابتها نيابة عن عمها : مؤيد حكالي ومش عذراكي.. مافيش اي عذر يخلي ام تقعد السنين دي كلها ماتشوفش ولادها.. روحتي ربيتي بنت مش بنتك وسبتيني انا لقسوته.. تعرفي انتي انا قد ايه عانيت وكنت محتاجة حد جنبي.. كنت محتاجاكي ومالقتكيش انا بكرهـ ـك

هتفت بكلماتها وتركتهم جميعاً الى الاعلى ف صعدت منى خلفها تضمها بقوة وهي ترتعش ببكاء...

***

وقف امام المحل خاصتها يشاهد الصغير وهو جالساً على احدى المقاعد يقرأ بكتاب ف ابتسم بحنين ودلف ليقابله زوجها بينما وقف باسل ينظر له.. فألتفت احمد نحوه يهتف به : تعالى يا باسل
اقترب منهم ف تابع : باباك عايز يخرج معاك شوية

اومأ له بصمت ثم همس بنبرة غريبة فاقت سنوات عمره : انا جاهز
اخذه فتح الله بينما خرجت ميار بعيون دامعة تهتف به : ادتهوله يا احمد.. اديته ابني
ضم كتفيها ثم همس بتعقل : ميار.. باسل كبر وعارف كل حاجة ومن حق ابوه انه يعرفه
حركت رأسها نافية : لا مش من حقه ماكنش لازم تعمل كدا يا احمد.. دا رفضه زمان وكان عايزني اجهضه.. دلوقتي بتقولي من حقه.. لا لا مش من حقه اي حاجة في ابني

اخذت تهذي ببعض الكلمات بينما في سيارة فتح الله التفت لباسل سائلاً : تحب نروح فين؟
نظر له الصغير يجيبه : اي مكان تروحه حضرتك
اومأ له فتابع باسل بسؤال غريب : هو حضرتك متجوز؟
ابتسم فتح الله هامساً : ما بلاش حضرتك دي وقولي يا بابا
قال باسل بتوتر : انا.. مش عارفة انطقها لحضرتك
تنهد فتح الله بحزن ثم اومأ له متفهماً واجابه على سؤال بحنين لتلك التي رحلت عنه : انا كنت متجوز ولسة منفصل من كام يوم بس

- وعندك اولاد؟
وقبل ان يجيبه تابع باسل : لو عندك اولاد بلاش تسيبهم يتربوا لوحدهم.. انا بابا احمد عوضني عن وجودك بس هما ممكن مايلاقوش اللي يعوضهم

اندهش من حديث ذلك الصغير الذي يتخطى عمره بمراحل ثم اجابه : عموما انت هيجيلك اخ او اخت قريب..
اومأ باسل مبتسماً : انا عندي رهف اختي بس هتعرفني عليه؟
اجابه فتح الله بتأكيد : اكيد طبعا اول ما يتولد هعرفك عليه
اخذ باسل يسترسل في الحديث وفتح الله يستمع له بسعادة وشعور غريب يراوده.. شعور بالمسئولية وانه اصبح بالفعل اب ..

***

تغيرت... نعم
الحزن جعل منها مسخ ، ورغم ان ذلك ما ارادته لكنها تشعر دائماً بالنقص في عدم وجوده حولها
كيف لها ان تستيقظ ولا تجد نفسها داخل حضنه
كيف لا تستيقظ على رائحة عطره التي لازالت مُعلقة بها او قبلته ولمساته الماجنة
استيقظت بتثاقل.. لقد مر أربعة أشهر وبروز بطنها ازداد
ارتدت ملابسها وهبطت للأسفل حيث والدتها ف اليوم موعدها مع الطبيبة
ذهبا سوياً لتكن المفاجأة من نصيبها.. رغم بغضها السابق نحو جنينها والذي اختفى مع مرور الايام وشعورها به داخلها لكن في تلك اللحظة تضاعفت لهفتها لرؤيته عندما علمت انها تحمل بين احشاؤها فتاة..

'نهاية الفصل'

قلوب حائرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن