١ - عشرون سنة في ساعة

101 18 21
                                    


طالت سهرتنا تلك الليلة و عيناي ما زالتا معلقتين على تلك السيدة العجوز التي كانت جالسةً مقابلي و هي تترنح كشجرة قُطِعَ جذعها بانتظار السقوط.. لكن جدة أمي طال عمرها و لم تسقط..

بعينيها الشاردتين في الفراغ معلقتين على شيء غير مرئي.. أخذت نفسا عميقا دون هواء لترسم ابتسامة رضى رغم حالها، عاشت بقلبٍ ميت سنيناً و هي ما زالت عالقة في ماضيها لتبكي دون دموع و لسان حالها ينطق بحالها دون كلمات.. جلست أراقب تجاعيد وجهها و أتسائل عن مقدار جمالها في شبابها! هل كانت جدتي تنتظر ان ينتهي بها المطاف على تلك الحال؟ هل سينتهي بنا الحال محبطين مثلها؟

تسعون سنة عاشتها لكنها توقفت عن العد من الثانية و السبعين، بعد ان فقدت آخر من اهتم بها.. قصَّت علينا قصتها بصوتٍ مخنوق للمرة السابعة، و من بين كل الجمل أركز على جملتها تلك:
- ما زلت أجلس عند الباب كل يوم بانتظاره، و حين المح سيارة حمراء اقف في ترقب.. و كل مرة اكاد اكون متاكدة بأن ابني جمعة قد عاد، لكن تلك السيارة تمر بجانبي لتتركني خلفها اتنفس غبار الأسى و الألم، لقد مرت عشرون سنة لكنني لم أيأس يوما من عودته الي، كيف أيأس و قد قال لي في آخر اتصال له : (أنا قريب يا أمي، آراك بعد ساعة بإذن الله..)..؟!

شعرت بالأسى عليها لاننا جميعا ندرك ان العم جمعة ميت لا محالة و ذلك بعد اختفائه في طريق عودته من بغداد دون أثر، بحثنا عنه طويلا و فقد الجميع الأمل، لكن جدتي لن تصدق أبدا و ستبقى بانتظاره، شيء في ما داخلي يخبرني ان بقائها حية و بصحة جيدة ليست دون سب...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

شعرت بالأسى عليها لاننا جميعا ندرك ان العم جمعة ميت لا محالة و ذلك بعد اختفائه في طريق عودته من بغداد دون أثر، بحثنا عنه طويلا و فقد الجميع الأمل، لكن جدتي لن تصدق أبدا و ستبقى بانتظاره، شيء في ما داخلي يخبرني ان بقائها حية و بصحة جيدة ليست دون سبب، ربما عاد يوما إلى منزله القديم الذي هجره أهله ليجد امه بانتظاره..لربما خيب الجميع أمله لكن امه التي برها طيلة حياته لن تتخلى عنه و ستبقى جالسة أمام اعتاب منزلها القديم الذي قد ينهار فوقها في كل لحظة.. تستذكره في دعاءها بعد كل صلاة.. و ربما فكرت جدتي بالشيء ذاته فها هي تبتسم مرة أخرى..

ما لن يكتمل..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن