_وماذا عن البصمات الموجودة على السترة؟
سأل الضابط بتوجس، فأجاب العسكري برسمية:
_إنها موجودة بالجهاز وخاصة بنَرجِس إبراهيم الوزير.
أومأ له الضابط وطلب منه المغادرة واستدعاء نَرجِس، وبعد دقائق دخل العسكري ومعه نَرجِس.
نظر الضابط لنَرجِس بشر واقترب منها قائلًا بتوعد:
_ألن تعترفي من القاتل؟
أجابت نَرجِس بقوة وجراءة:
_نعم، لن أعترف عن جريمة لا أعرف عنها شيء لمجرد أن تنهي عملك السخيف.
كرر الضابط جملتها بتعجب:
_سخيف!
نادى الضابط على العسكري بغضب شديد، فدخل العسكري على الفور.
قال الضابط بشر وهو يُشير إلى نَرجِس:
_خُذ هذه و عود بها إلى الـ"زنزانة" ولن أُصيك عليها.
أومأ العسكري وأمسك بنَرجِس من ملابسها بعنف وأخذها.
_________________________________
في المساء اجتمع أرسلان ونَرجِس أمام الملكة.
بدأ أرسلان بفتح أمر الخاتم قائلًا:
_لدي خطة.
انتبه إليه كلا من الملكة ونَرجِس، فأكمل:
_غدًا ننتظر الوالدان أن يذهبا خارج المنزل وندخل ونأخذ الخاتم.
_وماذا سنفعل إن لم يذهبا إلى الخارج؟
قالتها نَرجِس بتساؤل، فأجاب أرسلان بهدوء:
_سنعود، ونذهب في اليوم التالي.
صرخت بهما الملكة بغضب:
_ستعودان!!
أنا أريد إنهاء اللعنة وأنت تقول ستعو، ماذا إن استخدموا الخاتم؟ سيتفاجىء الجميع بتغيير الزمان مثل دخول نَرجِس للعالم من قبل!
قال أرسلان بسرعة ليُهديها:
_ولكن يا سيدتي نَرجِس الثانية بتأكيد في السجن بسبب موت السيدة حسناء.
تدخلت نَرجِس فجأة وقالت بشك:
_من أين تعرف الخالة حسناء؟
_سأخبرك في وقتٍ لاحق.
قالها أرسلان لنَرجِس، ثم أكمل ناظرًا للملكة:
_ما هو رأيك يا سيدتي؟
أجابت الملكة بحدة وعدم اقتناع:
_افعل ما تشاء يا أرسلان ولكن إن فشلت تلك الخطة، سألقي بكما في السجن.
_حسنًا يا سيدتي.
مدت الملكة لأرسلان يدها بالزهرة فأخذها وذهب هو ونَرجِس للعالم الأخر.
_________________________________
وقفا بجوار المنزل يراقبان الوالدان، فقالت نَرجِس:
_ماذا سنفعل إذا خرج أحدهما والثاني ظل بالمنزل؟
_سننتظر حتى يخرجا سويًا.
أومأت له وأكملا مراقبة، حتى بدأت الشمس في الغروب، فقالت نَرجِس بتعب:
_لقد مرت ساعتان والشمس ستغرب ولن نستطيع العودة.
أخرج أرسلان مال من سترته ومد يده لها قائلًا:
_إذهبِ واشتري طعام واعطني مفتاح المنزل، وإذا جئتِ ولم تجديني، انتظرِ وأنا سأءتي.
وافقته نَرجِس وأعطت له المفتاح وذهبت هي لتجلب طعام.
ظل أرسلان يراقبهم حتى رأهم يخرجا من المنزل ومعهم طلفهم ويهرولون، فظن أن ممكن الطفل متعب، ولكنه أسرع ودخل المنزل.
أدخل المفتاح في الباب ولكنه لا يفتح، ظل يحاول ولكنه لم يُفتح.
نزل الدرج وجد نَرجِس تنتظره، قالت نَرجِس بلهفة:
_هل وجدته؟
هز أرسلان رأسه بنفي قائلًا:
_لم استطيع من الأساس، لقد بدلوا الكالون.
اسندت نَرجِس يدها على حائط المبنى قبل أن تردف بتعب:
_لقد تعبتُ، أريد أن أرتاح.
قبل أن يتحدث أرسلان، وجدا كل سُكان المنطقة تقريبًا تهرول نحوهما ويقولون في آن واحد:
_إلحقوا بهذا اللص.
لم تستوعب نَرجِس ما يحدث لأن أمسك أرسلان يدها وجرى بسرعة، ظلا يركضان حتى تعثرت نَرجِس، فنظر أرسلان خلفه وجدهم مازلوا يلاحقوهم، فحمل نَرجِس على ظهره وأكمل ركض حتى وجد أشجار عديدة تبدو وكأنها مترابطة، فاتجه إليهم وأنزل نَرجِس خلف الأشجار وجلس أمامها.
سألها أرسلان وهو يلهث:
_هل أنتِ بخير؟
أومأت له وقالت بخفوت:
_شكرًا لك.
صمتت دقائق ثم قالت:
_من أين تعرف الخالة حسناء؟
نظر لها أرسلان مطولاً ثم أجاب:
_من يوجد معه الخاتم يمكنني قراءة ذكرياته وبمَ يفكر.
سألت نَرجِس بحدة:
_وهل قرأت أفكار وماضي نَرجِس الثانية؟
ضحك أرسلان بخفة وأردف:
_هل هذا ما لفت انتباهك، أنا أقول لكِ أنني أقرأ أفكارك.
_هل تقرأ أفكار وماضي نَرجِس الثانية؟
هز أرسلان رأسه بنفي وقال:
_لا هي واحدة فقط التي استطيع أن أقرأ أفكارها في العالمَين، وأيضًا العالمان يتشابهان في وجود الاشخاص كشكل فقط.
همهمت نَرجِس باقتناع ثم سألته ثانيةً:
_ماذا سيجرى عندما نأخذ الخاتم؟
_سننهي اللعنة.
_وماذا بعد؟
_سينتهي العالم.
وضعت نَرجِس يدها على فمها بفزع:
_ماذا!!
هل ستموت؟
ربت أرسلان على منكبها قائلا بابتسامة:
_لا تقلقِ أنا بالنهاية جئت من عالم موازي.
صمتت نَرجِس ولم تتحدث بعد.
مر الليل ببطىء على أرسلان فهو ظل مستيقظ؛ خوفًا من أن يأتي حيوان او حشرة وتقترب من نَرجِس التي أسندت رأسها على الشجرة وغفت دون أن تشعر.
عند شروق الشمس وجه أرسلان الزهرة لها، ثم حمل نَرجِس وذهب..
_________________________________
دخلت نَرجِس إلى مكتب الضابط وجدت أهلها، فضمتهم بشوق وقالت بشوق:
_لقد اشتقت لكم كثيرًا.
بادلها والداها وأخيها العناق، ابتعدت نَرجِس عنهم وقالت ببكاء:
_أريد الخروج من هنا، يضربني الضابط والعساكر كل يوم حتى أعترف، ولا يصدقون أنني لم أقتلها.
ضمتها والدتها مرة أخرى وظلتا يبكيان، فهتف والدها بحنو:
_لا تبكِ يا عزيزتي، يومين بالتأكيد وستخرجين، لأن لا شيء يُثبت عليكِ.
ظلوا يتحدثون، ثم ودعوها وغادروا.
_________________________________
فاقت نَرجِس وجدت أنها في غرفتها التي في قصر الملكة، نهضت ونزلت إلى الأسفل وجدت الملكة، فاتجهت إليها.
حيتها نَرجِس ثم قالت بهدوء:
_لماذا أنا فقط التي يستطيع أرسلان أن يقرأ أفكاري رغم أن عائلة نَرجِس الثانية معها الخاتم، ومازال معها، ومع ذلك مازال أرسلان يقرأ أفكاري؟
_كيف علمتِ أن أرسلان مازال يقرأ أفكارك؟
_لأن عندما جئت إلى هنا قبل البارحة ظل ينظر لعيناي كثيرًا، واليوم قال أنه يقرأ أفكاري.
_إذًا إسألِ أرسلان عندما يستيقظ، واذهبِ الآن؛ لتأكلِ.
أومأت نَرجِس بابتسامة واردفت وهي تذهب:
_حسنًا.
_________________________________
ظلت نَرجِس تنتظر استيقاظ أرسلان وعندما علمت باستيقاظه من الخادمة، ذهبت سريعًا إليه هو والملكة.
قال أرسلان لنَرجِس:
_هل قدماكِ تؤلمك؟
هزت نَرجِس رأسها بنفي وقالت:
_لا أصبحتُ بخير.
أومأ لها ثم وجه نظره إلى الملكة:
_لقد حفظ أهالي المدينة ملامحنا يا سيدتي.
نظرت له الملكة بغضب شديد وقالت:
_وماذا ستفعل إذًا؟
لا تذهب إلى العالم الأخر مرة أخرى يا أرسلان.
_حسنًا يا سيدتي.
خرج أرسلان بعد جملته، فخرجت خلفه نَرجِس ونادته.
التفت إليها وقال بضيق:
_نعم، هل تريدينَ شيء؟
شعرت نَرجِس بنبرة الضيق في صوته، فقالت بابتسامة:
_لا أريد شيء منك، ولكن لا تقلق سيعود الخاتم.
أنهت جملتها ودلفت مرة أخرى إلى القصر.
_________________________________
مرت الأيام وتقربت نَرجِس من أرسلان والملكة كثيرًا، ولكن مازال خوفها من أن يحصلوا على الخاتم وتنتهي حياتهما.
في إحدى الأيام، اجتمع أرسلان ونَرجِس عند عرش الملكة مثل كل يوم.
قال أرسلان للملكة:
_هل وجدتِ خطة لأخذ الخاتم يا سيدتي.
أومأت الملكة له، وقالت لنَرجِس:
_لقد طلبت إحضار مستحضرات التجميل، غطي ملامحك على قدر المستطاع.
ثم نظرت لأرسلان وأكملت:
_وأنت سترتدي ملابس بالية حتى لا يعرفكما أحد.
أومأ الاثنان وقالا:
_حسنًا يا سيد.....
لم يكملا جملتهم عندما شعروا بهزة أرضية وعرش الملكة يهتز بقوة، فصرخت الملكة بغضب شديد:
_لقد استخدموا الخاتم.مواعيد النشر الثلاثاء والجمعة الساعة 12 صباحًا .