أمسك أرسلان الصندوق وفتحه، بينما راقبت نَرجِس نظراته التي تحولت إلى غضب.
_ماذا فعلتِ بها؟
قالها أرسلان بصدمة وهو ينظر داخل الصندوق، ضحكت نَرجِس بمكر قائلة:
_لم أقتلها، ولكنني سأقتلها إن حاولت اللعب معي.
نظر لها أرسلان بكُره والتفت ليغادر الغرفة، ولكنه فجأها عندما أمسك عنقها، ولم ترى شيءٍ أخر بعدما أفقدها وعيها.
تركها تسقط واتجه إلى شرفة الغرفة وقطع الحبال، وخرج مرة أخرى وقيد يديها وقدمها، وخرج من الغرفة بعدما اغلق باب الشرفة، واطمئن أنها لا يمكنها فك الحبال.
عاد للملكة بحَيرة، فسألته الملكة:
_ماذا أهديتك؟
_صندوق به سكين مغطى بالدماء، وتهددني بقتل نَرجِس.
سرد لها ما فعله متابعًا ملامح وجهها التي تحولت لغضب.
قالت الملكة بغضب:
_القي بها في السجن فورًا.في المساء كان أرسلان يجلس في غرفته، حائر ماذا يفعل..
هل يقتل نَرجِس كما أخبرته الملكة بعد حبسها، أم يتركها حتى يتوصل لنَرجِس الأخرى؟
ظل يتذكر أوقاتهم ويتخيل أنها ماتت بالفعل، ولم يعي لعينيه التي لمعت من تكدس الدموع بها.
ابتسم عند تذكُر عندما ركض خلفهما سكان المنطقة، فهي كانت متعبة وعندما رأتهم يركضون خلفهما لم يراها بجانبه.
تذكر حديثه مع الملكة في الصباح.
كان يجلس مع الملكة فوق مائدة الطعام، فقالت الملكة:
_ما بك؟
_لا شيء.
_ولكن يبدو عليك الحزن.
تنهد أرسلان بحزن وأردف:
_أنا فقط حزين على نَرجِس، واخشى أن يصيبها أذى.
ابتسمت الملكة ابتسامة جانبية وقالت بخبث:
_هل أحببتها؟
نفى أرسلان برأسه سريعًا وقال:
_لا، هي مجرد هدف بالنسبة لنا، حتى نحصل على الخاتم.
_أرسلان!!
أكمل أرسلان مصححًا:
_إنه إعجاب بسيط.
_بسيط؟!!
_نعم، ولا يمكنني أن أحبها.
_لماذا؟
_لأنني بالنهاية من عالم موازي، قريبًا جدًا سأختفي، أريد أن ابني معها ذكريات كمغامرة وليس عن حب وأجعلها تعاني بسببي مدى الحياة.
ربتت الملكة على كتفه وقالت:
_ولمَ لا تعيش المتبقي معها، وتترك لها ذكريات سعيدة.
_لا أريدها تتذكرني كحبيب فقدته، من رأيي أن هكذا أفضل.
أنهى أرسلان جملته وغادر القصر.
عاد أرسلان إلى الوقت الحالي، وقال برفض:
_لا، لا أحبها.
_________________________________
مر شهر على هذا الحديث، لا يعلم أرسلان مكان نَرجِس عمدًا، فهو حتى يثبت لنفسه أنه لا يحبها ظل يتجاهل معرفة أي شيء عنها، ولكن مع ذلك كانت الملكة تهتم بأن تخبره بأخر الأخبار عنها، وهذا ما جعله يشعر بالحرج من الملكة.دلف أرسلان للغرفة التي بها عرش الملكة، بعدما استدعته.
_نَرجِس اختفت نهائيًا، بعد أن أوشكنا على معرفة مكانها.
همهم أرسلان ببرود وقال:
_وماذا عليّ أن أفعل؟
هتفت الملكة بضيق:
_اكتفي بهذا القدر من البرود وكلف نفسك بالبحث عنها.
_هي ليست صغيرة لأبحث عنها، أنتِ تقولينَ أن الحراس توصلوا بأنها تسكن في حي راقي ورفضت أن تأتي معهم، هي لا تهتم بأمرنا حتى نبحث عنها.
قالها أرسلان بغضب، فبادلته الملكة بغضب قائلة:
_لا تصرخ في وجهي بدلًا من أن ألقيك في السجن، هل نسيت كيف تتعامل معي، اذهب وابحث عنها في العالم الأخر.
نظر لها أرسلان بسخرية وتركها وغادر القصر، بل أنه انتقل إلى العالم الأخر متوعدًا لنَرجِس عندما يراها.
_________________________________
ينظر حوله في المحل، يتذكر شجارهم، وغضبها التي كانت تخرجه عن طريق البرود واللا مبالاة، وأول لقاء بينهم، وعندما أخبرها أنها مميزة، في ذلك الوقت هو لم يكن غامض، هو كان يتحدث بصدق وانها مميزة جدًا بالنسبة له.
قاطع تفكيره دخول أحد الزبائن وقال بترحاب:
_مرحبًا بك سيد أرسلان، الحمدلله على سلامتك.
استغرب أرسلان حديثه ولكنه تجاهل وابتسم له بمجاملة.
مر الوقت وكل شخص يأتي يرحب به ويحمد الله على عافيته.
دخل رجل وعندما رأى أرسلان ابتسم وصافحه:
_نحمد الله على سلامتك يا رجل، كيف حالك؟
_بخير، ولكن لماذا تقول ذلك؟
ربت الرجل على كتف أرسلان وقال:
_الفتاة التي تعمل هُنا أخبرت الجميع بأنك مريض.
ابتسم أرسلان وقال مؤكدًا:
_بالفعل هذا صحيح، ولكنني لم أكن أعرف أنها اخبرت أحد، ولكن لا بأس.
بعد فترة غادر الرجل وعلى الفور تحولت نظرة أرسلان إلى الغيظ.
_يالها من هوجاء، تضعني في مواقف قذرة، تبًا لكِ يا نَرجِس.
_________________________________
في ذلك الحين كانت تجلس نَرجِس في منزل كبير إلى حدٍ ما ويظهر عليه الطابع المرموق، تفكر في ما مر في ذلك الشهر.
عندما كانت تجلس في غرفتها في قصر الملكة، ووجدت نَرجِس الثانية تلج إلى الغرفة.
قبل أن تتحدث، قالت نَرجِس الثانية بتوعد:
_لا تتفوهِ بحرف.
ثم أشارت إلى الشرفة وتابعت:
_أخرجِ من هنا.
لم تهتز نَرجِس وتجاهلت أمرها، قائلة ببرود:
_دخولك إلى القصر بشخصيتي، هذا لا يجعلك تظنين أنني مثلك، لصة، أسرق هوية أشخاص ثانية وأقفز من الشرفة، أنا لستُ وغادة مثلك يا نَرجِس.
غضبت نَرجِس (الثانية) كثيرًا وقالت بتهديد:
_في الخارج يوجد قاتل، وأرسلان يواجه هذا بمفرده، إذا تريدين إنقاذ وحماية أرسلان، اقفزِ من الشرفة ولا تقلقي لن تصابي نحن بالطابق الأول.
_أين يوجد أرسلان؟
قالت نَرجِس بخبث:
_في أوفربورك (أحد أحياء أوتاوا عاصمة كندا وهي أكثر الأحياء التي صنفتها الشرطة بأنها منطقة الجرائم)
_كيف أغادر القصر؟
أخرجت نَرجِس (الثانية) من حقيبتها حبال ومدت يدها لها، لم تفكر نَرجِس واخذت منها الحبال سريعًا، وخرجت من الغرفة.
ربطت الحبال في الشرفة وقفزت دون تفكير، بينما اعتلت نظرة الانتصار على ملامح نَرجِس الثانية.بمجرد أن ابتعدت نَرجِس عن القصر شعرت بخطوات خلفها، ظلت تلتفت حولها بخوف وبتوتر، ولكنها لم تجد أحد، فظلت تركض حتى تعبت وتوقفت، عندها شعرت بأحد يغرس إبرة في رقبتها ولم ترى أي شيء بعدها.
وعند استيقاظها وجدت نفسها في منزل تعرفه جيدًا، إنه منزل جارتها حسناء.
نهضت نَرجِس وهي تشعر بتشويش الرؤية وألم بالرأس، ولكنها تحاملت، حتى وصلت إلى باب الغرفة وظلت تطرق.
مرة، اثنان، ثلاثة، فُتح الباب بقوة مما أدى لدفعها وسقوطها، ودخل والد ووالدة نَرجِس.
قبل أن ترفع نَرجِس وجهها، لطمها والد نَرجِس بقوة قائلًا:
_لا تطرقي مرة ثانية، وكفي عن إزعاجنا.
قالت نَرجِس ببرود:
_إذا كان هذا إزعاج بالنسبة لكما، أتركاني أغادر.
_لا.
قالتها والدة نَرجِس بتحدِ، وغادرت هي وزوجها الغرفة، بينما نَرجِس تعمدت الطرق فوق الباب كثيرًا وإزعاجهم حتى يملون.
مر حوالي أسبوع على وجودها بهذا المنزل، وفي إحدى الأيام خرج الوالدان من المنزل تاركين صغيرهما نائم، ولكن نَرجِس لم تصمُت، وظلت تطرق فوق الباب.
_إهدأي قليلًا وخذِ هذا وابتعدِ عن هذا المنزل.
كان المتحدث هو ذلك الطفل بعدما استيقظ؛ بسبب صوت طرقها على الباب.
نظرت نَرجِس لما دفعه الطفل من تحت الباب، وجدت الخاتم، ابتسمت نَرجِس بفرحة وأخذت الخاتم وقبل أن تتحدث، سمعت صوت الوالدان يصرخان به، ونقلاها إلى منزل في منطقة راقية، لأنهما كانا يعلمان ان الملكة ستصل لها، وأيضًا خوفهما من أن تؤثر على طفلهما.
في الحاضر نهضت نَرجِس من الفراش وفتحت خزانة الملابس الصغيرة وأخرجت منها صندوق وفتحته.
نظرت نَرجِس للسكين المغطى بالدماء، وتذكرت قول والدة نَرجِس لها وهي تعطيها الصندوق:
_هذا ما سنفعله بأرسلان إذا اقتربتِ منه.
مسحت مقلتيها من الدموع، وبدلت ملابسها وذهبت لمحل الزهور.بعد فترة كانت تقف قريبًا من المحل، وتنظر لأرسلان الذي يتعامل مع الزبائن ويبدو أنه لا يهتم بأمرها ولا يتذكرها.
اخرجت زهرة من جيب معطفها وذهبت للعالم الثاني.
اقترب وقت الغروب، وكانت انتهت نَرجِس من تسلق الجبل، جلست نَرجِس على الأرض، وأخذت تحفر ثم وضعت الخاتم و ردمت تلك الحفرة.
_________________________________
على الجهة الأخرى امسك أرسلان الزهرة وحاول العودة إلى عالمه، ولكن الباب لم يظهر، حاول عدة مرات ولكن دون جدوى.
_لقد انتهت اللعنة.