_ما هو؟
سأل أرسلان بلهفة، فأجابت نَرجِس بتقاطع:
_اسمه الزبردج أو الزبدرج.
قاطعها أرسلان مصححًا:
_الزبرجد، حجر الزبرجد.
_نعم هذا، بحثت عنه على الإنترنت علمتُ أنه في جزيرة الزبرجد أو سانت جونز في مِصر.
_متأكدة من هذه المعلومات؟
_نعم.
_حسنًا سنذهب غذًا، هل لديكِ "باسبور"؟
_نعم في المنزل، سأذهب وأجلبه.
غادرت نَرجِس بعدما أومأ لها أرسلان.في اليوم التالي كانت نَرجِس تراقب تحليق الطائرة إلى السماء، ثم التفتت إلى أرسلان وقالت:
_أنت شخص مثالي وهذا يخيفني منك.
_لماذا؟
_ليلة أمس أنت قمت بتجهيز كل شيء من أوراق والـ "باسبور" وأيضًا بحثت عن مترجم، في حين أنني كنتُ نائمة في منزلي ولم انتبه لتلك الأمور.
_وما المخيف في ذلك؟
_لأنك تنتبه لكل شيء، وتستطيع التعامل مع كل المواقف، وتقرأ أفكاري، وتستطيع فعل أشياء كثيرة جيدة، لم أرى موقف منك سيء، وهذا مخيف بالنسبة لي.
ابتسم أرسلان وقال:
_أنا حقًا نسيت أمر قراءة الأفكار هذا، ولكن إن كنتُ مثالي بالنسبة لكِ، فهذا ليس شيء مخيف، بل مميز.
لم يصل له ردها، فنظر لها وجدها تنظر له بشرود، اتسعت ابتسامته ووضع يده في شعره يعيده للخلف.
انتبهت نَرجِس لحركته فأشاحت وجهها عنه وهي تُمثل الاستحقار، وظلت تتأمل السحاب من حولها، فهي أول مرة تركب طائرة، ولم تتخيل أنها تذهب إلى مصر الذي يُلقِبها الجميع بـ"أم الدنيا".بعد تقريبًا إحدى عشر ساعة كانت الطائرة تهبط في مطار القاهرة.
ترجل أرسلان ونَرجِس من الطائرة، فقالت نَرجِس بتساؤل:
_أين المترجمة؟
_لا أعرف، لقد أخبرتني بأنها ستنتظرني هنا.
التفت أرسلان يمينًا ويسارًا، ثم قال:
_سأذهب أسأل أي شابة هنا، من الممكن أن تكون إحداهن.
أومأت له نَرجِس، فاتجه لأول فتاة رأها.
_مرحبًا، هل أنتِ المترجمة؟
التفتت إليه الفتاة باستغراب وقالت بغضب:
_يا حيوان، بتعاكسني في المطار قدام الناس، أما أنت بجح بصحيح، لولا أنك نضيف وابن ناس لكنت رنيتك علقة، داهية تاخدك.
أنهت حديثها وغادرت، بينما أرسلان مازال يقف في مكانه يتابعها باستغراب، فهي لم تعطيه فرصة حتى يستوعب ماذا تقول.
هز كتفيه باستغراب، ثم عاد إلى نَرجِس.
_لم تكن هي؟
أومأ أرسلان وكاد أن يتحدث ولكن قاطعه صوت أنوثي من خلفه:
_هل أنت سيد أرسلان؟
التفت إليها أرسلان ليجد فتاة تُمسك بهاتف وتنظر فيه ثم تنظر نحوه مرة أخرى، فنظر الهاتف وجد صورته الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي، فعلم على الفور بأنها المترجمة، وقال مؤكدًا:
_نعم، أنا.
كان يتحدث بهدوء إلى أن رأى تلك الفتاة التي تقف خلف المترجمة، وكانت هي نفس الفتاة التي كانت تصرخ في وجهه منذ قليل، ولكن الآن تمسك بكوب به عصير أقرب إلى الأصفر، هل هذا نبيذ..!
_أنتِ مرة أخرى؟
نظرت له الفتاة بغضب وقالت:
_هو أنت يا أصفر ورايا ورايا، تاني حاجة بطل تبص في عصير القصب بتاعي بدل ما أشنق ولا أموت.
وكزتها المترجمة بغيظ، ثم نظرت لأرسلان بابتسامة مجاملة:
_أعتذر جدًا سيد أرسلان، أنا عائش المترجمة، وهذه ريحانة أختي الصغيرة، لا تنتبه لحديثها إنها بلهاء.
أومأ أرسلان بتفهم ورحب بها، وأيضًا نَرجِس التي نظرت لريحانة بعدما صافحت شقيقتها، قائلة:
_مرحبًا يا ريحانة.
_ايام دونت اسبيك انجلش يا أختي.
عقدت نَرجِس حاجبيها بتعجب، فقهقهت عائش حتى تخرج شقيقتها من الأمر:
_ريحانة تحب المزاج، لا تهتمِ لكلامها.
أومأت نَرجِس وابتسمت لها بهدوء، فتابعت عائش:
_هيا بنا لنذهب لفندق؛ حتى تأخذان قسط من الراحة، وغدًا سنذهب لما تريدان.
اتجهوا خارج المطار واستقلوا سيارة عائش، بعد فترة وقفت عائش السيارة أمام إحدى الفنادق بالقاهرة وقالت لأرسلان:
_لقد حجزت لكما غرفتين.
ثم مدت لهم يدها بشيء يشبه الكارت وأكملت:
_وهذه خطوط مصرية لكما.
ثم أخرجت كارت أخر قائلة:
_وهذا رقمي، هاتفاني عند استيقاظكم.
_شكرًا لكِ يا عائش.
قالها أرسلان بابتسامة، ثم أخرج من جيب معطفه ورقة نقدية ومد لها يده:
_هذا مائة دولار ثمن هذه الأشياء.
_إيه دا أنا سمعت دولار يا بت يا عيشة.
كانت هذه ريحانة التي تدخلت في الحديث فجأة، مما جعل أرسلام ونَرجِس ينظران لها بضيق؛ لأنهما لا يفهمان لغتها تلك.
قالت عائش بتوتر:
_اعتذر يا سيد أرسلان، معذرةً يجب علي الذهاب الآن، وأعدك لن أجلب ريحانة معي مرة أخرى.
نفت نَرجِس برأسها وقالت:
_لا لا، إنها لطيفة ولكن لغتها غير مفهمومة فقط، تعالا غدًا سويًا، لا تتركيها.