3-زهور سحرية

121 42 6
                                    

نظرت نَرجِس إليه وصدمت عندما رأته ممسك بالخاتم، مدت يديها إليه وقالت:
_اعطني إياه.
_ماذا ستفعلينَ إن رفضت؟
نظرت له نَرجِس ببرود وقالت:
_لن أفعل شيء، هو لا يعمل من الأساس.
وجه أرسلان الغرزة إلى شعاع الشمس وقال:
_هو يعمل فقط في الشمس، وينتهي تأثيره عند الغروب.
تابعت نَرجِس ظهور الباب باستغراب، وقالت:
_كيف علمت؟
_لأنني من هذا العالم.
صُدمت نَرجِس، فتابع أرسلان:
_أنا أعيش في هذا العالم ولا يختلف أي شيء عن هنا إلا عندها.
قاطعته نَرجِس بسخرية:
_أصدقك دون قسم، فأنا عندما ذهبت كان فرق ثلاثة أشهر.
تجاهل أرسلان نبرتها الساخرة ونظر إلى الخاتم وأكمل:
_هذا الخاتم يتحكم في عالمي، لذلك جئت لأوقفه.
_وكيف جئت إلى هنا؟
_الزهور.
جلست نَرجِس وأردفت بمجاراة:
_أكمل، هل أصبحت الزهور بُساط سحري، أم ظهر لك مصباح علاء الدين.
انفعل أرسلان وقال بضيق:
_كُفي عن سخريتك، أنتِ سألتِ، وأنا كنت أجيبك.
قالت نَرجِس بغضب:
_وماذا عليَّ أن أفعل؟
هل يجب أن أصدقك؟
جلس أرسلان أمامها وقال بهدوء:
_لا يوجد أمامك خيار آخر.
أومأت نَرجِس ومدت له يديها وقالت:
_حسنًا، أعطني الخاتم وسأصدقك.
_أنتِ لستِ مجبرة على أن تصدقيني، وأنا لستُ مجبر على إعطاءك الخاتم.
هزت نَرجِس رأسها بيأس وسألته:
_ماذا عليَّ أن أفعل حتى تعطني الخاتم؟
_لا شيء، فقط لا تذهبي إلى العالم الأخر.
_وما شأنك أنت، أنت تعيش هنا ولا أحد يعلم أنك من عالم موازي.
قاطع حديثهم دخول الزبائن، ولم تستطيع نَرجِس أخذ الخاتم.
_________________________________
عادت نَرجِس إلى المنزل وظلت تخطط كيف تأخذ منه الخاتم في الغد.
قاطع تفكيرها صوت طرق على باب المنزل، فخرجت من غرفتها وفتحت الباب.
نظرت نَرجِس للطارق باستغراب، فكان ذلك الرجل الذي اتهمها زور وسجنها.
قالت نَرجِس ببرود:
_ ما الذي أتى بك، هل سرقت منك شيء مرة أخرى.
ابتسم الرجل بهدوء وقال:
_هل يمكنني الدخول؟
أومأت له نَرجِس وأدخلته، جلس الرجل وقال بتكبر:
_بالتأكيد أنتِ تعلمين أنني بإمكاني أن ألقي بكِ مرة أخري بالسجن.
شهقت حسناء التى كانت تقف على باب المطبخ تستمع لهم، بينما همهمت نَرجِس ببرود ثم قالت:
_لماذا جئت؟
أجاب الرجل بقوة وجبروت:
_أريد شيء مقابل كي لا تعودِ للسجن مرة أخرى.
_وما هو؟
_الخاتم الفضي.
ابتسمت نَرجِس ببرود وقالت بتلاعب:
_ولكنه ليس معي.
نهض الرجل بغضب وقال:
_اعطيني الخاتم بدلًا من الإلقاء بك في السجن.
جلست نَرجِس مكانه ببرود وسألته بهدوء:
_كيف علمت بأمر الخاتم؟
_لن تستفادِ شيء عند معرفتك.
_وأنا لن أعطيك الخاتم إلا إذا علمت.
_علمت عندما كان يلعب أخوكِ مع ابني ورأيته، وقمت بالبحث عنه في الكتب وعلمت أنه سحري.
همهمت نَرجِس بتمعن وقالت:
_ولكنه ليس سحري.
_لا، أنا أعلم جيدًا أنه سحري، وأريده بدلًا من دخولك السجن ثانيةً.
هزت نَرجِس منكبيها بعدم معرفة وقالت بأسف:
_ولكنه ليس معي، ولا أعرف مكانه.
نظر لها الرجل مطولًا و دون أن يهتف بأي كلمة أخرى خرج من المنزل.
جاءت حسناء وسألت باستغراب:
_ما أمر ذلك الخاتم؟
لم تعرف نَرجِس كيف تهرب منها، فاضطرت بإخبارها.
عندما انتهت نَرجِس، قالت حسناء بخوف:
_ابتعدِ عن هذه الأمور يا نَرجِس، أنتِ لا تعرفينَ عن أرسلان هذا أي شيء، وأيضًا ذلك الرجل يبدو أنه غني ويمكنه أن يُلقي بكِ في السجن، وأنتِ لازلتِ شابة ويجب أن تعيشِ حياتك كأي إمرأة في عمرك.
لم تستطيع نَرجِس الرد بسبب سرعة حسناء في التحديث ورهبتها التي تظهر في حديثها.
هزت نَرجِس رأسها بنفي وقالت بسرعة:
_لا تقلقِ يا خالة، انا فقط سأعيد الخاتم ولن أعود إلى ذلك المحل مرة أخرى.
_ولكن خذِ حذرك من أرسلان.
أومأت نَرجِس ودلفت إلى غرفتها مرة أخرى وتعود لتفكيرها.
_________________________________
في مكان أخر كان يقف أرسلان في مكان شبه مظلم، فشعر بأحد خلفه فاستدار.
نظر إلى ذلك الحارس الذي قال له رسمية:
_لقد وصلت الملكة.
خرج الحارس ودلفت إمرأة يظهر عليها الشموخ والكبرياء واقترب من أرسلان.
قدم أرسلان لها التحية وقال:
_لقد أخذت الخاتم يا سيدتي.
مدت له يدها فأعطاها الخاتم.
نظرت الملكة إلى الخاتم وقامت بتجربته في مكان ابنعاث الشمس وعندما علمت أنه حقيقيًا، فسأل أرسلان:
_ماذا ستفعلين به الآن؟
أجابت الملكة بهدوء:
_يجب علينا دفنه في أرض أفيندار حتى تنتهي تلك اللعنة.
_وما هي اللعنة؟
كان المتحدث هي نَرجِس التي كانت تقف على بُعد قليل منهم.
صدم الملكة وأرسلان من وجودها، فقال أرسلان بصدمة:
_كيف أتيتِ إلى هنا؟
تجاهلته نَرجِس وكررت سؤالها، فاقتربت منها الملكة بهدوء، وقالت:
_ومن أنتِ حتى تسألين هذا السؤال؟
_أنا صاحبة ذاك الخاتم، وأظن أن من حقي معرفة ما هي اللعنة وما هي أفيندار.
قالتها نَرجِس ببرود وعنف بعض الشيء، بينما التفتت الملكة نحو أرسلان وقالت بنبرة ذات معنى:
_يبدو أنها تلك الفتاة التي......
لم تكمل كلامها، ولكن فهم أرسلان مقصدها وأومأ لها، فالتفتت الملكة إلى نَرجِس وقالت:
_ليس من حقك معرفة أي شيء، ولكنني سأعطف عليكِ وأخبرك.
صمتت لثواني ثم أكملت:
_هل مستعدة؟
أومأت لها نَرجِس، فقالت الملكة بأمر عنيف:
_ولكنكِ لن تحصلينَ على الخاتم مرة أخرى.
وافقتها نَرجِس واتبعتها هي وأرسلان إلى الخارج.
_________________________________
بعد فترة طويلة، كانت تقف نَرجِس فوق جبل وحولها الكثير من الزهور المختلفة، ليست مختلفة عن بعضها البعض، لكنها حقًا مختلفة في الشكل، فلا يوجد مثل هذه الأزهار في عالمها، ولكن رغم ذلك كانت مظهر الزهور شكل مميز جدًا ورائع وليس بسهولة أن تنساه.
التفتت نَرجِس إلى الملكة وأرسلان وسألت باستغراب:
_كيف يمكن أن يكون الجو معتدل فوق جبل ولماذا تلك الزهور مختلفة جدًا عن تلك الزهور التي توجد في عالمي؟
أجابت الملكة بهدوء يبرز شخصيتها أكثر:
_في أفيندار الجو معتدل والأمطار تتساقط بها طوال العام، لذلك الأزهار تنبُت فيها.
أومأت نَرجِس بتفهم وظلت تنظر حولها بانبهار، ثم التفتت مرة أخرى وسألت:
_وما معنى أفيندار؟
نظرت الملكة لأرسلان وابتسمت، ثم عادت بنظرها إليها وقالت:
_تعني العاشق أو المحب.
ابتسمت نَرجِس بهدوء وأكملت استكشافها في الجبل، بينما أستغل أرسلان إنشغالها وحفر جزء صغير من الأرض ووضع الخاتم به.
نظرت الملكة حولها، ولكن لا شيء حدث، فصرخت بغضب أفزع كلًا من نَرجِس وأرسلان:
_لم تنتهي، لم تنتهي.
اقتربت منهم نَرجِس مرة أخرى وقالت بتساؤل:
_ما التي لم تنتهي؟
قال أرسلان بتفكير:
_هل يوجد نسخة أخرى من ذلك الخاتم؟
هزت الملكة رأسها بيأس:
_بالتأكيد لا، يبدو أن اللعنة ستستمر إلى الأبد.
عادوا جميعهم بعدما ظنت الملكة أن ذلك الخاتم ليس حقيقيًا.
_متى سأعود إلى عالمي؟
سألت نَرجِس ذلك السؤال وهي تنظر لأرسلان، فأجاب:
_لن تستطيعي حتى شروق الشمس غدا.

مر اليوم بعدما قضت نَرجِس ليلتها في قصر الملكة، وفي صباح اليوم التالي عندما استيقظت وجدت أنها على الفراش في منزل جارتها حسناء.
_________________________________
بعد فترة دخلت نَرجِس المحل وتجاهلت وجود أرسلان، ولكن سأل أرسلان:
_كيف ذهبتي إلى العالم الأخر؟
أجابت نَرجِس ببرود عندما تذكرت ماذا حدث:
في الأمس، بعدما خرج الرجل من منزلها وعادت هي إلى غرفتها وظلت تفكر كيف ستأخذ الخاتم.
وفجأة جاء في خاطرها فكرة، فأمسكن بحقيبتها وفتحتها، فوجدت ورقة من تلك الزهرة التي عادت حية كما كانت، بعدما ذبلت.
فهي لم تنصدم عند عودة الزهرة مشرقة، كما صدمها أن أوراقها عادت حية وكأنها لم تسقط.
أخذت ورقة الزهرة ووصلت بها إلى الشرفة وحاولت أن توجهها إلى ضوء الشمس قبل غروبها تمامًا، وبالفعل حدث ما كانت تظنه وظهر لها الباب.
أنهت نَرجِس حديثها، فقال أرسلان:
_كنت أعلم أنكِ ذكية، ولكنني لم أظن أنكِ ستسغلين الزهرة بعدما ركضتِ في المرة الماضية.
ابتسمت نَرجِس بمجاملة ثم قالت بشك:
_هل يوجد نسخة من الخاتم في هذا العالم؟
نظر لها أرسلان فجأة، فقالت نَرجِس:
_إنه مجرد سؤال لا أكثر.
اقترب منها أرسلان، وقال بتوجس:
_أين وجدتِ هذا الخاتم؟
أجابتها نَرجِس ببساطة وقالت:
_وجدته في قصة أخي بعدما تُوفي.
قال أرسلان بسرعة:
_يجب أن تذهبي إلى منزلك وتبدلينَ في شخصيتك أنتِ ونَرجِس التي تعيش هنا، وتأخذينَ الخاتم.
_ولكن في هذا العالم هُدِمَ منزل عائلتي، فبالتأكيد أنه هُدِمَ في العالم الأخر، ولا يوجد إلا خيارين، الأول أنهم قد انتقوا إلى منزل أخر، أما الثاني فممكن أنهم ماتوا في العالمين.
أنهت حديثها بنبرة حزينة ولكنها تغلبت عليها بسهولة.
فقال أرسلان بهدوء:
_عندما أعود إلى عالمي، سأسأل الملكة عنهم وبالتأكيد في كلتا الحالتين ستعلم ما حدث وأين هم.

أكملا يومهما حتى جاء وقت الغروب، وذهب أرسلان إلى الملكة.
أخبر أرسلان الملكة بما حدث، فاستدعت الملكة بعض الحراس وأخبرتهم أن يبحثوا عن تلك العائلة.
جاء الحراس بعد وقت، فتقدم أحدهم من الملكة وقال بتوتر
_تلك الأسرة لم تمُت أيتها الملكة ولكنهم.....

لعنة أفيندارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن