_لقد انتهت اللعنة.
قالتها نَرجِس وهي تقف على مدخل المحل، التفت إليها أرسلان وقال بغضب:
_نحن لم نطلب منكِ أن تفعلِ هذا.
_أنا حاولت أساعدك.
_لا تتدخلِ في ما لا يعنيكِ.
حزنت نَرجِس بسبب كلامه و قالت بضيق:
_أنت حقًا لا تستحق، أنا صعدت الجبل بمفردي...
قاطعها أرسلان بغضب:
_لم يطلب منكِ أحد.
التفتت نَرجِس لتخرج، وهي تقول بغضب مماثل:
_حسنًا، أصبحت أنا السيئة الآن.
_أنتِ هوجاء..
نظرت له نَرجِس بغيظ ثم غادرت.
بينما عاد أرسلان إلى مقعده بحزن، هو كان يريد أن ينتهي معهم، وهي انهت اللعنة عندما كان خارج العالم، هو تعب بسبب عدم وجود ذكريات له، هو انتقل بروح إنسان حقيقي لعالم موازي وذكرياته ليست له هو، فأيضًا النسخة الأخرى منه تتشارك معه في نفس الذكريات، وهو كان يكره ذلك؛ لأنه لم يعيش أي شيءٍ منهم.
رفع رأسه عندما شعر بأحد يقف أمامه، لم يكن أحد سواها، نَرجِس!
_ماذا تريدينَ أيتها الهوجاء؟
قالها أرسلان بضيق، فأجابت نَرجِس بغضب:
_حقًا أنا رعناء؛ لأنني فكرت بك وبمساعدتك.
صمتت للحظات ثم أكملت:
_هل هكذا انتهت اللعنة نهائيًا، أم يمكنها أن تعود؟
قهقه أرسلان بسخرية قائلاً:
_لم يكن شيء مكسور حتى تصلحيه.
نظرت له نَرجِس بغضب شديد، وكادت أن تغادر ولكن أمسك أرسلان يدها وهتف:
_أين وجدتِ الخاتم؟
جذبت نَرجِس يدها منه، وقالت:
_أعطاه الطفل لي.
كان أرسلان على وشك أن يفقد وعيه بعد جملتها، فاستند على إحدى الأرفف، وقال بإعياء مزيف:
_لا حول ولا قوة إلا بالله، أكاد أن أفقد وعيي على يدك.
ثم اعتدل وأكمل بغضب:
_من أين تفكرين؟
ماذا سنفعل إن كان الخاتم مزيف؟
_ولكن أنت لم تستطيع الانتقال للعالم الأخر.
_لأن استخدام خاتم مزيف له عواقب.
_أنت لم تحدثني عن اللعنة كي أعرف العواقب.
طالعها أرسلان قليلًا، فعلمت على الفور أنه يقرأ أفكارها وتوترت، بينما التفت أرسلان للمكتب وفتح درج بالأسفل، فظهرت له خزانة صغيرة وضغط على أزرار كلمة المرور، ثم أخذ منها كتاب بعدما فُتحت، ومد لها يده بالكتاب.
نظرت نَرجِس للكتاب وعندما رأت اسمه علمت أنه خاص باللعنة.
_مملكة أفيندار.
رددت نَرجِس اسم الكتاب بخفوت ثم أخذته منه، وقالت:
_سأقرأه الليلة، ولكن لدي سؤال.
همهم أرسلان بملل شعرت به نَرجِس في نبرته، ولكنها تجاهلت وأكملت:
_لماذا أنت غضبت عندما علمت بانتهاء اللعنة؟
_________________________________
في المساء كانت تجلس نَرجِس في منزلها تشعر بالأسى، فعندما سألت أرسلان عن سبب غضبه، لم يجيبها وطلب منها الرحيل، وها هي الآن تجلس أمام التلفاز بملل.
أثناء مشاهدتها للتفاز تذكرت الكتاب، فنهضت بسرعة وفتحت حقيبتها وأخذت منها الكتاب.
عادت مرة أخرى أمام التلفاز وأخفضت صوته قليلًا، وفتحت الكتاب بقليل من التردد.
"منذ مائة خمسة وخمسون عامًا تقريبًا، في سنة ............ قام الأنجليز والفرنسيين بتأسيس دولة كندا، وبعد تأسيسها بأعوام قليلة، ظهرت لهم سيدة تتميز بالشموخ والكبرياء وأيضًا شعرها الأبيض وثوبها الأبيض التي تزينه الأحجار الكريمة، كانت إمراءة غريبة بالنسبة للجميع؛ لأنها كانت فارهة الطول وذلك زاد نظرة الجميع حولها بأنها غريبة جدًا.
التف حولها كل ما في مدينة أوتاوا، لمعرفة هويتها، ولكن هذا لم يؤثر بها إلا بالسلب، فهم كانوا يستخدمون الرماية والجلد حتى تقر من أين جاءت"
بدأت عيناي نَرجِس في النعاس، ولكنها كانت متشوقة لمعرفة المتبقي.
حاولت قراءة المزيد بتركيز ولكنها فشلت فتركت الكتاب ونهضت للفراش ونامت..!
_________________________________
في صباح اليوم التالي نهضت بتكاسل وعندما رأت الكتاب بجوارها، أخذته لتكمله.
"لم تعترف تلك المرأة من أين جاءت، ومن كثرة التعذيب هلكت روحها، وفي يوم من الأيام استيقظ الجميع على صوت ضخم يسمعه كل من في المدينة، وكأن صاحبه يتحدث في مكبر الصوت، ولكن في الحقيقة كانت تلك المرأة هي من تتحدث بصوت ضخم.
_ستندمون جميعًا بسبب تعذيبكم لي، ستنقسم أرواحكم لأشخاص مماثلة لكم، سوف يتحكم بهم شيء صغير، سيحول هذا الشيء حياتكم لجحيم، وستندمون على تعذيبي، أم تدفنون الخاتم في جبل أفيندار وتنهوا اللعنة، أم يأتي شخص يملىء قلبه بالحب ويحكمكم.
حركت يدها في الهواء وكأنها تستمد قوة من الشمس، مما أدى إلى تضاعف حجمها أكثر وأكثر، ثم وجهت بيدها إلى إحدى الجهات ووضعت بها قوتها، مما أدى إلى علو ذلك الجزء من الأرض وظهور أزهار كثيرة، ثم اختفت تلك السيدة.
لم يكن الجميع يصدق ما هم فيه، ولكن كل ما توصلوا له، هو أنهم الآن في العالم الموازي ولا يمكنهم الانتقال، وبدأ تغيير الزمان منذ فترة قريبة جدًا"
شعرت نَرجِس بألم في رأسها من كثرة التخيل، فتركت الكتاب ونهضت لتبدل ملابسها وذهبت للمحل.
_________________________________
كان أرسلان يجلس في المجل منذ الليلة الماضية، وجد نَرجِس تدلف إلى المحل.
جلست نَرجِس أمامه وقالت:
_أين ذهبت تلك السيدة؟
هز أرسلان منكبيه بعدم معرفة قائلاً:
_لا أعرف ولكن يقولون أن روحها توجد في الأزهار.
_لماذا غضبت عندما علمت بانتهاء اللعنة؟
كاد أرسلان أن يتفوه ولكن قاطعهما دخول الزبائن.مر اليوم دون أحداث كثيرة، وعادت نَرجِس إلى منزلها فور انتهاء فترة العمل؛ حتى تُكمل قراءة الكتاب.
"بقيت تلك الذكرى في ذهن الأشخاص الذين في العالم الموازي فقط، ومع مرور الوقت نسي أغلبيتهم.
وفي يوم أمر الملك لويس الخامس عشر بصُنع خاتم مزيف، ثم دفنه عند الزهور.
وبعد مرور أسبوع بدأ انتشار التيفوس الوبائيَّة epidemic typhus (وباء كان منتشر في كندا في ذلك الحين)
وبعد فترة توصلوا إلى مضاد لذلك الوباء وانتهى بالتدريج.
ولكنهم علموا خطورة استخدام خاتم مزيف".
_________________________________
في اليوم التالي اخذت نَرجِس الكتاب وذهبت إلى المحل مبكرًا، واقتربت من مقعد أرسلان، وقالت بغيظ:
_لا يمكنك الهرب مني الآن.
نظر له أرسلان بهدوء ثم ابتسم وقال:
_ماذا تريدين؟
_لماذا غضبت عندما علمت بانتهاء اللعنة؟
_لأنني كنت أريد أن انتهي معهم، وإن لم أختفي، كنت على الأقل ابني ذكريات أكثر لي مع أمي
_هل والدتك على قيد الحياة؟
قالتها نَرجِس بصدمة، فأومأ لها وقال:
_نعم، ولكنها كانت تريد حمايتي لذلك اخفتني بعيدًا عن عيون الناس.
_ومن هي والدتك؟
_الملكة.
ازدادت صدمة نَرجِس وكادت أن تتفوه، ولكن قاطعها أرسلان قائلًا:
_نعم، من المفترض أن أكون الملك، ولكن والدتي أخفتني بسبب أن والدي قُتل، لذلك أصبحت هي الملكة، ومنذ صغري لم تكشف عن هويتي.
_هل هذا يُعني أن النسخة الأخرى منك هو الملك في هذا العالم؟
أومأ لها مؤيدًا لحديثها، وأجاب:
_صحيح، ولكن ملك هذا العالم مهووس بعمليات التجميل، وأيضًا أنا وعائلتي مسلمين على عكسه.
همهمت نَرجِس، وقالت:
_أنا وعائلتي لم نكن مسلمين، ولكن عندما جاءت الخالة حسناء من السعودية إلى كندا، مع الوقت اسلمنا.
ابتسم أرسلان بسعادة عندما تأكد أنها مثل ديانته، فهو الآن سيستطيع أن يتزوجها دون مشاكل بسبب اختلاف الديانات، مهلًا هو لا يحبها من الأساس حتى يُفكر هكذا.
راقبت نَرجِس تحول ابتسامته إلى العبس والجدية، ولكنها تجاهلت.
_لقد جلبت الكتاب معي.
_هل انتهيتِ من قراءته؟
_لا، ولكن قبل مجيئي قرأت منه جزء لفت انتباهي كثيرًا.
نظر لها أرسلان لكي تُكمل، فأكملت:
_إذا كان الخاتم مزيف، سيؤدي إلا عواقب وخيمة، ولا يمكن حينها انتقال أحد بين عالمين، ولكن يقول في هذا الكتاب، أن يمكن دخول العالم مرة أخرى عبر شيء غريب.
_ما هو؟
_إنه...........أحداث الرواية ليس لها صلة بالواقع، الرواية جميعها فانتازيا، فلا يأخذ أحد معلومات بالرواية ويزيد بها معلوماته الشخصية، لأن جميعها غير حقيقي.