11-اختفاء

114 24 11
                                    

لا يوجد صوت في الغرفة عدا صوت عقارب الساعة، لا أحد الآن يشعر بما يشعر به، ألم في الصدر، اختناق، شعور بالبكاء.
ينظر للحائط بشرود، لا يسمع ولا يرى أي شيء عداها، تذكر ما حدث منذ ساعات.
عندما اتجه إلى المكان الذي كانت تجلس به، وصدم عندما لم يجدها، لحظات يُفكر أين يمكنها أن تذهب؟
اتجه إلى الحراس بالخارج على أمل أنهم رأوها، ولكنهم أخبروه أن فترة عملهم بدأت منذ قليل ولم يروها بالقصر حينها.
فكرة وجود الولفيرين تجعله عاجز عن التفكير، لا يريد تخيل أنه اصطادها.
وفي غضون عشر دقائق كان حراس الملكة منتشرين في البلد.
ظلوا ساعات هكذا وانتشر خبر اختفاءها، ومع ذلك لم يجدوها، وما زاد رهبته هو الإمساك بالولفيرين وكان قريب من القصر.
اختفاء نَرجِس كان أمر يريده أرسلان، ولكن عندما حدث، اقتنع إلى حدٍ ما أن تفكيره خاطىء.

ظل هكذا حتى لاح الليل، ولم يصمت إلا عندما أخبروه الحراس أنها ليست موجودة نهائيًا في كندا، ولا أحد مختلف يدلف إلا القصر.
عند ذلك الحد لم يستطيع أرسلان منع نفسه من البكاء، وصعد إلى غرفته مباشرةً، هذا ليس من عادته ولكنه لا يحب شعور الفقدان، وكرهه أكثر عند فقدانها.
ولكنه على أمل أن يجدها، فهو سيبحث عنها مرارًا وتكرارًا، حتى يعرف أين هي.
______________________________
كانت نَرجِس تتابع الأخبار اختفاء شبيهتها بفرحة، خرجت من غرفتها وهي تُمسك هاتفها قائلة:
_أمي، أبي لقد اختفت نَرجِس، مفعول السحر جبار.
_سحر ماذا يا نَرجِس؟
كان هذا صوت أخيها الصغير الذي مان يقف خلفها مباشرةً، التفتت إليها نَرجِس بتوتر، ولكنها قالت بحزم:
_أدخل لغرفتك يا إياس.
قال إياس بتصميم وفضول طفولي:
_أخبريني، ما معنى سحر وأنا سأذهب.
ضمته نَرجِس بحنان وجلست وأجلسته على قدمها، وقالت:
_أتتذكر تلك الفتاة التي حبسها أبواي هُنا؟
_شبيهتك؟
_نعم.
_نعم أتذكرها جيدًا.
ابتسمت نَرجِس وقالت بدراما:
_تلك الفتاة من العالم الأخر، قتلت جارتها وأنا من دخلت للسجن، وعندما خرجت علمت أنها فعلت لي سحر سفلي وأنا كنت أريد أن أرد ما فعتله بي، لذلك فعلت لها سحر ولكنه ليس سُفلي، لأنني لستُ شريرة كما تعتقد، أنا فقط أؤخذ حقي.
نظر لها إياس بانزعاج ثم أردف:
_أنا لم أطلب منكِ سرد كل هذا، أنا سألت ماذا يُعني سحر.
_هذا يجعل الأمور بين يديك، إذا كنت لا تحب أحد، أفعل له سحرًا، وسيقلب حياته، عندما تكبر سأخبرك بمناطق السحرة، ولكن الآن أين أبي وأمي؟
قفز الصغير من فوق قدمها ونظر لها بضيق ودلف إلا غرفته دون أن يتحدث، في حين تابعته هي باستغراب، ثم تذكرت ردود فعله التي رُسمت على وجهه، ظنت بأن هذه الردود تدل على المسكنة وكره نَرجِس الحقيقية، فهي لا تنسى بأنه أعطى نَرجِس الخاتم، ولحسن الحظ كانوا قد بدلوه بخاتم مشابه.
_______________________________
مر يومين على هذا الحدث، كان المشاعر تتمحور بين شعور أرسلان بالضياع، هي لم تكن شيء أساسي في حياته، ولكنه اعتاد عليها في رحلته، وبين شعور والدته بالحزن فهي لم تعتاد عليها مثل أرسلان ولكن ما يحزنه يحزنها، وبالنهاية بفرحة نَرجِس وأسرتها منذ أن علموا باختفاءها.

كان أرسلان يجلس على الفراش في غرفته، ينظر لتلك الزهرة التي في يده بأمل، يأمل أن تكون نَرجِس هنالك، تابع ظهور الباب ودلف للعالم الأخر.
ذهب للمحل الخاص به، وظل يبحث عن أي أثر يوحي أنها ولجت لهنا ولكن لا أثر لها.
ظل ينتظر الزبائن، وعند دخول أول زبون، قال أرسلان بلهفة:
_هل جاء أحدٍ بدلًا مني؟
هز الرجل كتفيه قائلًا باستغراب من لهفته:
_لم أءتي لهُنا منذ خطبتي، والآن يوم ميلادها، هل في شيء؟
قال أرسلان بسرعة:
_لا، لا شيء، وألف مبارك، ماذا تريد؟
_أريد باقة ورد نَرجِس.
توقف أرسلان لوهلة وأردف:
_ماذا؟
_هل يوجد زهرة النرجس، خطيبتي تحبها جدًا.
هز أرسلان رأسه موافقًا، وقال:
_نعم يوجد، لحظة.

بعد الفترة كان قد غادر الزبون، وجاء غيره وغيره، وكل واحدٍ منهم كان إجابته مختلفة عن الأخر، ولكن بالنهاية لم يراها أحد، وهذا ما أحزن أرسلان بشدة.
_______________________________
بعد مرور أسبوع، كان قد ظهر تأثير عدم وجود نَرجِس في حياة أرسلان، منذ ذلك الحدث ولم يحاول إنهاء تلك اللعنة متحججًا بأنها كانت رفيقته وسينتظرها، وأكثر وقته كان يقضيه في غرفته، ولا يتابع أمور الدولة، ولكن ما جعله يهدأ قليلًا، أنهما لم يكونا يتبادلا المشاعر من الأساس، كان في أسوء حالات الاكتئاب التي مرت عليه من قبل.

في يومٍ ما طلبت الملكة أن يأتي أرسلان لغرفتها، وبالفعل بعد دقائق كان يجلس أمامها على الفراش.
قالت الملكة بحزن:
_أعلم أن هذا القرار مؤلم بالنسبة لك، ولكنني سأخبرك به على أي حال.
_ما هو.
_لقد وجدنا عظام بشرية ملقاه في بحر بيوفورت، ولا يوجد أي حالة اختطاف أو قتل في كندا، وأيضًا لا نعرف أي شيء عنها حتى نبحث خلفها، لذلك قررت أنا والمحافظين التوقف عن البحث عنها؛ لأن البحث قد دام أكثر من أسبوع، وسنقيم عزاء لها.
بصقت الملكة الكلمات وهي تعرف تأثيرها على أرسلان، ولكن ليس بيدها أي شيء أخر.
أومأ لها أرسلان وقال بهدوء:
_حسنًا إفعلِ ما تريدين.
صدمت والدته من رد فعله، فهي توقعت أن يغضب ويرفض، ولكنها تجاهلت هذا وابتسمت بحنان:
_هذا قدرها ولا يمكن لأحد أن يغيره.
بادلها أرسلان بابتسامة مهزوزة ومقلتيه التمعت بالدموع ولكنه حاول اخفاءها.
قال بصوت مهتز:
_سأذهب.
_حسنًا، لا تنسى في المساء أنك ستستقبل الزائر الذي جاء من الولايات المتحدة وستعطي له الولفيرين، لقد أخبرني حاكمهم بأن حارسه سيأتي بعد ساعات.
أومأ لها ولم يجيب، وذهب لغرفته.

وقف في منتصف غرفته، يبدو أن الحكاية انتهت قبل بدأها، لقد ذهبت قبله، كان لا يريد التقرب منها خوفًا من لحظة موته، والآن هي من سبقته، ومع ذلك تألم أيضًا وكأنهما كانا أحباء.

طرْق على الباب بقوة جعله يفيق من شروده بخضة، أذن للطارق بالدخول، والذي كان إحدى الخدم، وهي تقول:
_سيدي، لقد وجدنا.......

كل سنة وأنتم طيبين يا ولاد خالتي♥️♥️🌝

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 29, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لعنة أفيندارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن