الفصل الحادي عشر

35 2 0
                                    

الماضي..كلمه مكونه من بضع حروف صفيره و لكن في طياتها تحتوي علي كثير من الذكريات المختلفه نسبه لأختلاف الأشخاص..و لكنها تحتوي علي شيء واحد مشترك هو الألم..من منا لديه ماضي خالي من الألم؟
جميعنا نحتوي علي ندوب تركتها لنا معارك الماضي..ندوب في ارواحنا جميعآ ..ربما هذه الندوب
لا تظهر لك عزيزي القارئ و لكن تأكد أن كل منا حتي ذلك الشخص المؤذي في روايتك..جميعهم لديهم ندوب
لذا رفقا بقلوب بعضكم البعض فالدنيا قاسيه بما فيه الكفاية )"
و علي ذكر الماضي الأليم...كان حسان يستمع لأغنية يتذكر معها أحداث الماضي و يحن ..فقد أهلكه الحنين   يحن لها و يحن لعينيها..يحن لماضي جمعهما ذات يوم و شاء النصيب أن يفترقا...كان كالطير الجريح..فقد قدرته علي طيران..خلق الطير ليطير و فكره عدم قدرته علي طيران قاتله له ألف مره في الثانيه الواحده و هذا الطير لم يكن إلا حسان..شرد حسان و هو ينظر في الفراغ ليتذكر أحداث الماضي..ذلك الماضي الذي جمعه مع من يهواها قلبه
.....................
قبل سنين عديده ...و في زمن يسوده البرأه و الحب يجلس ذلك الشاب الذي يبدو عليه الإنهاك فقد جاء للتو من سفره...يجلس في ذلك المقهي و عيناه معلقه علي باب المقهي ينظر بعيون تلمع كلمعه عيون الاطفال عندما يأكلون حلواهم المفضله..يفيض الشوق من عيناه و كأنه شعاع ضوء من شمس وسط الليل المظلم...و ها قد فتح باب المقهي لتهل عليه بطلتها..فيروز صاحبه التسعه عشر عاماً..ليبتسم هو ابتسامه شعر معها بتألم فكه و فمه...شعر أن تعب السفر قد ذهب و قد أقسم ألف مره أن كل أوجاع العالم تهون من أجل عيونها
أقتربت فيروز من موضع جلوسه لينهض هو ساحبا المقعد كالرجل النبيل ليساعدها علي جلوس لتبتسم له بهدوء و هو يعود لكرسيه ليجلس مره أخري أثناء قوله بأبتسمامه يفيض منها الحب و عيون يفضحها الشوق
:مساء الخير و المقصود بالخير هو وجودك يا فيروز
لتبتسم هي و تتورد خديها بحمره الخجل لتحني رأسها للأسفل بخجل مسببه نزول بعض من شعرها علي وجهها ليهيم هو عشقاً فوق عشقه لها..ليقاطع شروده بها صوتها العذب و هي تحدثه ..ليستمع هو لصوتها مقتنعا للمره الألف أن صوتها الرقيق هذا يصلح لان يكون لحناً من أجمل الألحان
: كيف حالك؟عساك بخير يا حسان
ليبتسم لها و هو يقول
: و ما الخير سوا لقياكِ و النظر لعيناكي و انتِ بخير يا كل الخير..يا فيروز
لتبتسم هي بخجل شديد مره أخري محنيه رأسها بهدوء لتهمس له بسؤال خجول و قالت
: لماذا دائما تقول لي يا فيروز؟..لما لا تختصر أسمي أو تلقبني بلقب أخر مثلا؟
ليبتسم لها و يجيبها بنبره يشوبها العشق قألا
: أحب حروف أسمك كلها فأنا أتلذذ بنطق كل حرف منها علي حدا...كيف أشوه جمال أسمك؟..فأنتِ يا فيروز تحتاجين قلباً أخر فوق قلبي ليكتب لكل شيء فيكي قصأد من الغزل..أتريدين مني أختصار لأسمك..أسمك الغالي لا يستحق دلال فهو الدلال بحد زاته يا فيروز
نطق أسمها الأخير بإستمتاع لتلاحظ ولأول مره أنه يتلذذ بنطق كل حرف من إسمها فعلا
لتخجل كثيرا ليقاطع خجلها صوت الموسيقي التي صدحت في المكان ليبتسم حسان لها و ينهض من مكانه ذاهبا لها لينحني كالأمير نبيل مادا يديه لها ليردد مع  الأغنيه قألا لها
: قومي لنرقص يا صبيه و أشبكي اديكي بإيدي
لتضحك فيروز و ينبض قلبه هو علي أثر ضحكتها و تمسك بيديه ..لتغوص يديها الصغيره بين كفيه التي تمسكت بها بحرص....كأنها ورده رقيقه يخشي عليها من الخدش
و ضعت فيروز يديها الاخري علي كتفه و قد وصل الخجل منها لأعلي مرحله
بدء حسان يدندن مع كلمات الأغنيه
قومي لنرقص يا صبية
و اشبكي أيديكي بإيدي
خلينا علي بكره..خلينا علي بكره
قومي لنرقص يا صبيه )"
كانت فيروز ترقص مع حسان بمتعه و فرح..ليديرها حسان في نهاية الرقصه مسببا إلتفاف فستانها الأزرق حولها و شعرها الغجري يطير من خلفها لتعطيه لوحه من الجمال ليتنمي للمره الأولي أن يجيد الرسم ليرسم جمالها متمعنا النظر في ملامحها و جمالها ليقول هو بصوت عازم ليسبب الصدمه لها
: لقد أتخذت قراري سأتقدم لخطبتكي نهاية هذا الأسبوع يا فيروز
تعلت تعابير الصدمه وجهها لتنظر إليه في زهول تحول بعدها لفرحه مزينه بحمره الخجل لتقوم بجمع أشيأها عاقده العزم علي فرار من المقهي و من أمامه..لتبحث عن مكان تختبيء فيه من نظراته العاشقه لها و هي تعلم بكل يقين أنها بمجرد أن تغمض عيناها ستأتي نظراته لذكراها فورا و ليست بالماقته علي هذه النعمه أبدا
أثناء محاولتها للفرار من المقهي داهما صوته المتلهف و هو يسألها
: هل أنتِ موافقه علي طلبي لنيل الوصال منكِ؟
كانت عند باب المقهي و ظهرها مواجه لوجهه و عندما استمعت لسؤاله ألتفتت له نصف التفاته و هي تقول و الخجل يغزو ملامحها
: لا تنسي أن تحضر زهور لافندر فهي المفضله لدي
ثم أختفت من إمامه معلنه لقلبه تصريح بالسعادة فبدء هو بالرقص حول نفسه كالمجنون و لكنه لم يهتم بكلام الناس من حوله..فحبيبت قلبه أنعمت عليه بنعمه قربها و حبها و كان هو أسعد أنسان في تلك اللحظه
متناسياً بأن السعاده في بعض الأحيان لا تدوم )"
.............
عاد حسان من ذكرياته بعد أن شعر بدمعه ساخنه تنزل علي تجاعيد وجهه ..دمعه تحتوي علي مزيج من الألم و الحزن و ذكريات الماضي المؤلم ...دمعه بنكهه الفراق و العجز..دمعه معلنه عن قهر الرجال المتمثل به
ذلك الذي سلبه الصهاينه وطنه و سلبه القدر فيروزته و فقد أبنه الوحيد
ليعلن قلبه الحداد علي نفسه و علي صاحبه
: أهٍ يا فيروز و ألف أهِ يا غاليه هذا القلب
قال هذه الكلمات بصوت غلبه الحزن و الأشتياق ليستمع لكلمات الأغنيه ذاهبا للماضي و كأنه يأبي تقبل الواقع..فأحيانا و رغم قساوة ماضينا يكون أفضل من ألم حاضرنا!!!
..........................
كانت ملاك تجلس بهدوء علي اريكه تحاول كتابت اي شيء فهي بالأصل تعمل كاتبه و لكنها لم تجد الألهام الذي يساعدها علي كتابه بعد..فثعقلها شارد في ذلك الغامض المختفي..تلوم نفسها علي تفكير به و هو الذي تركها و فرط بها بدون حسبان...و بدون إراده منها كان هناك ذاك الجزء الصغير منها الذي يشتاق و يخاف عليه....ليأتي فقط..ليأتي لتعاتبه و تصرخ في وجهه بعدها ستغفر..ستغفر بكل رحابه صدر و لكن فقط أين هو؟
قاطع شرودها رنه الجرس الخاص بمنزلها..لتذهب هي لفتح الباب فتجد نضال في وجهها تقول لها
: هيا سنذهب للتمشيه قليلا
: لا أريد نضال..كنت سأذهب لأنام أساسا
أردفت ملاك بهذه كلمات بهدوء و لكن نضال لم تهتم لها و هي تسحبها من يدها جالبه أشياء ملاك المهمه كالهاتف و مفتاح البيت قأله لها
: ثيابك مناسبه يمكننا الذهاب هيا
ثم سحبتها للشارع مسببه بإبتسام ملاك فصديقتها لم تتركها لحزنها..جميله الحياه برفقه أناس يحبونا و نحبهم..و الاصدقاء ذلك الوتد الذي نتكيء عليه وقت حزننا و مشاكلنا كما فعلت ملاك الان ..فقد أمالت رأسها علي كتف صديقتها و هما يسيران في شوارع باريس..لترمي ملاك حزنها مستمتعه بشوارع باريس رفقه أحاديث صديقتها الغاليه نضال
و بعد سير قررتا العوده للمنزل معاً
كانت ملاك تضحك كلما ذكرتها نضال بمواقف طفولتهما الغبيه شاعره بالحنين لتلك الايام ليقاطع صوت ضحكهما رؤيه ملاك لأخر شخص توقعت رؤيته الأن
كان فقط يقف بذلك الجمود لا يبدو عليه أي مشاعر..سوا عيناه ..عيناه دأماً بهما ذلك الحنين ربما هو حنين لفلسطين الغاليه..حنين ممزوج بألم و الأن أري شعورا اخر داخل عيناه..الندم ربما؟
اقترب منها غادي بهدوء قألاً لها
: كيف حالك سرمديه العينان؟
كيف حالي؟.لتغيب أنت مده شهر كامل بدون اي إنذار او سبب مقنع مسبباً ذلك الشعور المؤلم لي و بعدها تعود بكل برود سألاً كيف حالي؟..
كانت هذه الافكار تدور داخل عقل ملاك لكنها اكتفت بأن قالت له
: كنت افضل حالا قبل رؤيتك ..أذهب ولا تعود
ثم ذهبت من أمامه تاركه إياه في صدمته من ردت فعلها لتسير خلفها نضال بفخر ممزوج بالتعجب من تصرف صديقتها ثم أقفلت الباب تاركه غادي يقف خلفه..لم يحاول من اجلها..لم يحدثها و لم يهتم لها حتي !!
كان هذا مؤلماً أيها الفلسطيني....سأشتكيك للقدس ..الا تقول عنها حبيبتك الاولي و الاغلي...سأشكيك لها إذا قأله لها أن ذلك الفلسطيني الذي يعشقك ولا يفرط بكِ ..يفرط بي أنا بكل سهوله
ذهبت للنوم تلك الليله و أنا أتجرع ألم الخذلان بمراره
أما عند غادي
( وجهه نظر غادي)
حسناً كان هذا صادماً..ماذا توقعت غادي؟...من الجيد أنها لم تقتلك في مكانك اصلا...لكن لم ينتهي شيء بعد ايتها السرمديه فنحن مازلنا فقط في البداية
..................
صباح اليوم التالي في مكان عمل ملاك....كانت شارده الذهن....شارده في ذلك الذي سلب عقلها منها...لم تكن هكذا..شارده الذهن..متجرعه الخذلان بكأس المراره..هو فقط يعبث بها و بمشاعرها...قاطع أفكارها رؤيتها لقالب شوكولاه سوداء مغلفه بشريط الهدايا منمق و بجانبه باقه زهور مزيج من الاسود و الابيض..الزهور البيضاء قليله في منتصف بجانبها الزهور السوداء محيطه بها من كل جانب .....حسناً هذا اثار دهشتها كثيرا...من ذا الذي يرسل لها هذه الأشياء و ما هذا الذوق الغريب في انتقاء الزهور.....ذلك الأمل الطفيف بداخلها أخبرها انه ربما تكون منه هو!!..لكنها نهرت نفسها بقسوه مذكره نفسها أنه تجاهلها في الأمس و لم يتمسك بها حتي ...
قررت أنهاء تلك النزاعات التي تدور في رأسها متجهه ناحية مكتبها ممسكه بقالب الشوكولاه فاتحه إياه لتأكله
لم تمر دقيقه علي تناول قطعه من قالب الشكولاه و بعدها انكمشت ملامحها دلاله علي عدم أعجابها بها..
: أنها مُره كثيراً
قالت هذه العبارة بدهشه ممزوجه مع المراره الشكولاه ..تفكر في عقلها من ذاك الأحمق الذي قد يهديها شوكولاه مُره ..ليلفت نظرها ذلك المرسال الموجود بجانب باقه الزهور لتقترب منها مستنشقه الباقة و رأحتها..فهي كانت دائما محبه للزهور و رأحتها و عاشقه للمراسيل..تفكر دائما لما توقف الجميع عن أستخدامها ..ألم يكن المرسال معبراً عن الحب و الاشواق أكثر...أن يُبعث إليك مرسال و في نهايته ذلك الأثر الذي يدل دموع المُرسل..دموع قد تكون دموع حزن او دموع محمله براءحه الشوق..مرسال في نهايته تلك القبله التي تضعها المحبوبةمرسله شوقها عبر الرياح....ثم قامت بسحب المرسال و فتحه لتقرأ ما كتب بخط منمق و قلب متلهف فقد عرفت من أرسل هذه الأشياء!
(الكلام الذي كتب في المرسال)
(سلامي لسرمديتكِ أولا و أخيراً...أكتب لكِ هذه الكلمات في منتصف حيرتي و لهفه أشواقي...في منتصف شهر ديسمبر البارد بتوقيت الفقد و الحزن و الكأبه و في دقيقه المراره.. فأنا يا سرمديه بعد أن كنت أشعر بسعاده غامره في الامس بلا سبب..ها أنا أجلس مكاني بكل كأبه و حزن و هذا بتأثير ذلك الذي تقولين عنه مرض أضطراب ثنائي القطب و ليس هناك اضطراب..كأضطرابي في كل مره أنظر بها لعيناكي...ليضيفوا عيناكي كأحد أسباب الاصابه بالاضطرابات....و أن كان الاصابه بعيناكي مرضاً ..فليكن هذا مرضي الابدي الغير مداوا...أطلت عليكِ كلماتي أعذريني يا سرمدية..لابد أنكِ تذوقتي الشوكولاه المُره..لا تستعجبي فهذه حياتي و هذه مرارتي..إن لم تكوني حمل مراره هذه الشوكولاه فلن تكوني علي مقدره علي تحمل القرب مني...أدفعكِ عني لكل الطرق البُعاد و أتمسك بكِ رافضاً أبتعادك ...
تشبهين تلك الزهور البيضاء في منتصف أعماقي السوداء....أخاف عليكِ أن تغرقي في سوادي و انتِ الذي أجمل ما فكِ ألوانك الزاهيه..أطلتُ عليكِ في حديثي لكن أتمني أن تكون هناك كلمه واحده من كلماتي قد نالت رضاكي لكي تقبلي عوده عيناكي للنظر لعيناي..فمهما حدث بيننا لا تحرميني من الغرق في سرمديتاكي..غبت عنكِ لأني غرقت في أحزاني ..لم أتوقع أن تنتبهي حتي ..إذ أتضح في نهاية المطاف أن هنالك من يهتم لأمر غيابي غير جدي و لم يكن أحد يهتم سواكِ..هذه مشاعر و أفكار جديدة علي..لذا ألتمسي لي العذر..قد يكون هذا أطول كلام حدث بيننا.. في النهايه
سلامي لعيناكي السرمديه ..الذي اشتقت للغرق بهما بالمناسبه )"
أنهت قرأه ذلك المرسال بقلب ينبض كطبول الحرب ..كيف فقط لمجرد كلمات أن يكون لها هذا تأثير عليها
أهذا مفعول كلماته أم أنه تأثر ناتج من مرسل هذة كلمات ..تلتمس له العذر؟..لقد نست لما كانت غاضبه أساساً..ليهجرها ألف مره أن كان سيرسل لها هكذا كلام يبعث بقلبها الف مره...يا الهي تشعر فقط بالسعادة و كأنها حصلت علي جأزه اليانصيب...ثم اتخذت قرار سوف تفعله بعد إنتهاء عملها لليوم
...........................
في مكان أخر جلس غادي كاتباً عن حبيبته الأولي فلسطين الغالية تحت أسم ارسلان ليبدء كلامه قألا
( الف لعنه علي الاحتلال ثم بعد ...عندما تعاني عزيزي القارئ من مرضٍ ما ..كثره تجاهله تؤذيك..فمع مرور الوقت يزيد مقدار الألم لا يقل...و المرض هنا هو المحتلون اللعناء و المريض هنا فلسطين..فلسطيني الغاليه الذي لا يستمع أحد لصرخات اوجاعها..كيف تتوجع منذ سنين!!
لا يوجد حادث قاسٍ واحد وحيد في فلسطين، بل هناك سلسلة من الأحداث القاسية التي وقعت في غزة والضفة الغربية والقدس خلال السنوات الأخيرة. ومن أبرز تلك الأحداث:

الحنين لعينيكي غلاب ( كما الحنين لفلسطين قتال)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن