5

42 7 5
                                    


جلس الارقط متربعا على عرشه. عيناه تقدحان شرارا،وما تزال سكرة الليل ترسم اثارها فوق وجهه...
وفي عينيه لاحت كؤوس من خمر ودماء.

كان يتصفح وجوه "اسراه". توقف عند احدهم. تسمرت عيناه وارتد بصره خاسئا وهو حسير،فهؤلاء لا تلوح عليهم سمات الاسر او القهر.

نظرات متحديه تصفعه من كل صوب. وكانت ذلة الاسر تلوح فوق حراسه وجلاوزته.
سال الارقم وقد غاضته هيبه "الاسرى":
-من هذه المتنكرة؟

كان الصمت المشوب بالاحتقار صفعة اطارت بقايا نشوى تطوف في راسه.
لم تجب المتنكرة.
حاول احد الجلاوزة انقاذ هيبة سيده فتمتم:
-انها زينب... زينب ابنة علي.

لمعت في عينه شهوة الانتقام:
-الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم واكذب احدوثتكم.

انتفضت المرأة الزوبعة:
-الحمد لله الذي اكرمنا بنبيه "محمد" وطهرنا من الرجس تطهيرا. وانما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا.

قال الارقط متماديا في شماتة ونفاق:
-كيف رايتي فعل الله باهل بيتك؟

اجابت بنت محمد وهي تنظر الى ما وراء الحوادث:
-ما رايت الا جميلا. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم،وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم،فانظر لمن الفلج يومئذ. ثكلتك أمك يابن مرجانه.

لم تنتهي المعركة بعد هناك جولات اخرى... جولات مريرة عنيفة.
كاد يتميز غيظا،وبدا كافعى رقطاء تهم بابتلاع ضحيتها.

زاغت عيناه تطاير منها شرر كشرار الجحيم المستعرة،وثار بركان حقد في اعماقه، فنظر الى احد جلاوزته.
كان راس الحسين صامتا،وكان صمته المحير يتكلم بلغة عميقة او صرخة مدوية تكاد تعصف بالقصر وساكنيه.

كفحيح حية جاء صوت الارقط:
-لقد اشتفيت من الحسين والعصاة المردة من اهل بيتك.

تساءلت المرأة المقهورة: كيف امكن لخنزير ان يسرق منابر الصديقين تمتمت بحرقة:
-لعمري لقد قتلت كهلي،وقطعت فرعي واجتثثت اصلي،فان يشفك هذا فقد اشتفيت.

اداره الافعى راسها نحو فتى عليل.. فتى ادخره القدر لزمن اخر.
سال الارقط: ما اسمك؟

اجاب الفتى باعتزاز: علي بن الحسين.

-اولم يقتل الله عليا؟

-كان لي اخ اكبر مني يسمى عليا قتله الناس.

-بل قتله الله.

رد الفتى والحكمة تتفجر من جوانبه:
-الله يتوفى الانفس حين موتها،وما كان لنفس لتموت الا باذن الله.

زاغت عينا الارقط غيظا اشار الى احد جلاديه:
-اضرب عنقه !

هبت عمته معترضة:
-حسبك يا ابن زياد من دمائنا ما سفكت،وهل ابقيت احدا غير هذا،فان اردت قتله فاقتلني معه.

زاد الفتى من تحديه انه لا يرى سوى خرائب قصر ولا يرى سوى جثث متعفنة:
-اما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة؟!

الشهادة ليست موتا بل خلودا.. الموت ان يتعفن الانسان. والذي يعبر جدار الزمن واوداجه تشخب دما ليس ميتا. لا يموت من يصبغ الارض بلون الشفق الدامي.

إمرأة أسمها زينب "رواية"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن