13

231 13 0
                                    

"الرياض، الخرطوم":-

_أميرا، قال إسمها يجرُّ نهايته بطريقة مُخيفة، كانت نبراتٌ صوته على الهاتف أكثر رُعباً مما هي عليه في الواقع، تابع وهو يقول: أوعك تحاولي تتذاكي علي إتفقنا..

_قـ..قصدك شنو؟..

_إنتِ فاهمة قصدي، صمتت أميرة تبتلع ريقها وأصغت إليه يُكمل: تفتكري الفترة دي كُلها الشُرطة وقسم المُكافحة كان عاجز إنو يصل لي كيف؟..

_كـ..كيف!..

_قهقه ساخراً بثقة وغرور، إنه يعرف ما يقوم به جيداً، تابع وهو يقول: أي حاجة تحصل حولي بصلني منها خبر، مثلاً زي،..صمت وكأنه يُفكر قبل أن يُضيف: إنك حالياً ما في الحلفايا، وشي تاني كمان، أنا ح أرمي التلفون دا بشريحتو وكُل مرة ح أتواصل معاك برقم جديد، لزوم إجراءات الأمان وكدا، م تتفاجئ لو لقيتي أرقام غريبة مُتصلة عليك..

بدأت شفاهها ترتجف ويداها تتعرقان، تنفسها أصبح غير منتظمٍ، إنه يُراقبهم، يُدرك تماماً أن الشرطة وضعت جهاز تنصّت لمكالمته، ويبدو أنه يعلم بمحاولاتهم لتتبع مكانه، أنهى المكالمة وهو يهمس ببضعة كلمات، يعدها أنه سيحصل عليها، وفي أقرب فرصة.

___

تنهد أُسامة ثم إلتفت خلفه إلى الشُرطي المسؤول عن جهاز التنصّت، سأله سريعاً: سجلت المُكالمة؟..

_أومأ الأخرُ برأسه "نعم" .

في مبنى قسم شرطة أُمدرمان كان ذلك المكتب الصغير يعجُّ بعدد من الضباط، بعضهم من الفرقة ال"٦٤" التي ينتمي اليها أُسامة والأخرون من الفرقة الثالثة والتي تتبع لقسم مكافحة الممنوعات، كان الصمتُ المُطبق يحلُ على المكان، كلمات المدعو "أمين" لم تكُن عبثاً، ليست مُجرد هراء، إنه يخبرهم بأنه يملك مُخبراً بينهم، وربما يكون ضابطاً من مستوىً رفيع، هناك خائنٌ في قسم مكافحة المخدرات خاصةً، فهم المسؤولون عن مطاردة أمثاله من المجرمين، والوحيدون الذين يملكون المعلومات ويضعون الخطط والمكائد للقبض عليه. أما التعاون الذي نشأ بينهم وبين الفرقة ال"٦٤" فهو إتفاق حديث، لم تمض سوى بضعة أشهر عليه.

--------

رمت أميرة الهاتف جانباً، وأسرعت تضّمُ أخاها خائفة، كان همّام يقفُ يستمع لكُل ما قيل قبل قليل والدماء تغلي بداخله، ذلك الوغد اللعين، سيسحقه إن وقع بين يديه، يهمس واثقاً أنه سيحصل عليها، فلنرى كيف سيفعل ذلك، حرك يده على ظهرها يحاول طمئنتها، كانت ترتجف كقطة مُبتلة بالمطر، همس قريباً من أُذنها "هو ما أرجل مني عشان يقدر يعمل الفي الراسو، خليك مُطمنة طول م أنا عايش ماف شي ح يقدر يأذيك"، حركت أميرة رأسها على صدره ثم قالت: أنا مـ..ما خـ..خايفة على نفسي، أ..أنا خـ..خايفة عليكم إنتو، بــ..بسبب غـ..غـ..غبائي وقعنا كُـ..كلنا في المشكلة دي، تنهدّ همّام بقوة، هو حقاً حانقٌ عليها كثيراً، لكنه لا يستطيع عتابها أو لومها الأن، يوجد ما هو أكبر وأهم.

لا تعبث بقلبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن