إنصرفت سيرين من أمامه تسيرُ بخطوات شاردةٍ تائهة، لا تود الدخول الأن ستتمشى قليلاً بالحديقة، دست كفيها بجيوب ذلك البنطال المطاطي الضيق الذي ترتديه، كان أسود لامعاً بنعومة، فوقه أرتدت قميصاً نسائياً ناعماً بأكمام طويلة مُنتفخة، وذو لون وردي غامق، وكان قُماشه شفافاً يُظهر القميص الأسود المطاطي والضيق، عاري الأكمام من تحته، ليرسم رشاقة جسدها وجمال ذراعيها بوضوح، أخرجت كفها تُحركه على شعرها القصير بشرود، إتكأت على السور الأمامي تنظرُ خارجاً، تلك الأحاسيس التي تنتابها كُلما إلتقت سوداويتيه بعينيها تُضعفها، يمكنها التخلي عن كُل شئ في تلك اللحظة وهذا ما لا تُريده، ستعود وتعمل بالسفارة الروسية، كما أرادت وخططت دائماً، يجب أن تُفكر بطريقة عملية بحتة، العاطفة في هذه الأمور المُهمة تخلقُ لحظات الندم لاحقاً، ضحت بما يكفي لرجلٍ من قبل، لا تُفكر بالتضحية بأحلامها بعد الأن، زفرت بصوت مسموع وهي تقف بإستقامة ترفع وجهها تُطالع السماء ونجومها اللامعة، قطع تأملها صوتٌ غير مألوف سمعته من خلفها، صوت إمرأة..
_سيرين!..
إلتفت سيرين بسرعة عند سماع إسمها واصلت صاحبة الصوت: إنتِ سيرين صاح!..
_أعادت سيرين خصلات شعرها إلى الخلف تُدقق النظر إليها، أجابت "نعم" وهي لا تزال لم تستحضر أين رأت هذا الوجه الأُنثوي الجميل بعد، إقتربت منها أسيل وهي تُحرك أصابعها المُخضبة بالسواد على خُصلات شعرها التي تأخذُ لونها من ظلمة الليل، أصلحت حجابها الذي كان يُظهر جزئاً كبير من خُصلاتها، ترتدي فُستانا "مُزهراً" به الكثيرُ من الألوان المُبهجة، مضمومٌ عند خاصرتها برباط من نفس لونه، وحذاءأً ذو كعب عالٍٍ يُصدر ضجيجاً على الأرضية البُلاطية مع كُل خطوة تقترب فيها منها..
_إبتسمت أسيل وهي تقفُ أمامها تفصلهما خطواتٌ قليلة، كانت أطول منها ببضعة سنتيمترات بفعل ما ترتديه في قدميها، إبتسمت لتقول: إنتِ سيرين يعني، تأملتها بغيظٍ من أسفلها إلى أعلى رأسها، إلتقت عيناها بعسليتي الأُخرى التي تُطالعها حائرة..
_ههه شكلك م عرفتيني، إنحنت قليلاً تقتربُ منها: بتذكر شوفتك في صالة الفرح، يوم عرسي والجيتي همستي فيهو ل"جوزيف" بكلمات المُباركة..
_إتسعت عيناها بذهول حين أدركت من تكون: أسي..أسيل صاح؟..
_أيوا..
_أهلاً، إقتربت منها سيرين تنظرُ إليها بتحدٍ وثبات وقد أعادت دفن كفيها بجيوب بنطالها..
_لالا بس كان عندي فضول أعرف البت الأخدتا منها حُب حياتها، همست تتُابع بشماتة: وأعتذر ليها..
_رسمت سيرين إبتسامة جانبية وهي تقول: إنتِ م أخدتي يا قمر، أنا رميتو ليكِ، عشان كدا مافي داعي تعتذري..
_والله!..
_صدقيني، صمتت سيرين قليلاً لتُردف: وبقدر أكد ليك وأبصم بأصابعي العشرة إني لسه في قلبو و م قدر ينساني، ودا سبب جيتك الغريبة لي ووقفتك قدامي بالطريقة دي حالياً، إتسعت إبتسامتها لتُضيف: نار الغيرة مولعة بعيونك، بس خليك مُطمنة ما أنا البرجع وأخد شي رميتو في الزبالة..