[٠٤]: آدم

123 22 15
                                    

وقف آدم أمام بيت السيد عدنان يُقَلِّب بصره بملل بين أسوار البيوت القديمة وأشجار النخيل الكثيرة، يداه في جيبه وحذاؤه يطرق الأرض في حركة توحي بانعدام صبره، أو سخطه، أو كلاهما معا

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

وقف آدم أمام بيت السيد عدنان يُقَلِّب بصره بملل بين أسوار البيوت القديمة وأشجار النخيل الكثيرة، يداه في جيبه وحذاؤه يطرق الأرض في حركة توحي بانعدام صبره، أو سخطه، أو كلاهما معا.

أو ربما عن توقه.

عبس حين واتته الفكرة الأخيرة وفُتِح باب الحديقة الحديدي فتوقف حذاؤه عن الطرق.

«صباح الخير.» قال الصوت من أحلامه.

التقت عيناه بها حين نظر صوبَ الصوت فرأى زوجا من العيون الجميلة يحدق إليه من الناحية الأخرى وشعرًا أسود أشعله الشيب. أشاح بصره بسرعة وأخرج يديه من جيوبه ليعقد ذراعيه أمام صدره ثم رد: «صباح النور.»

لم تفتها مسحة السخط في صوته فابتسمت رغمًا عنها؛ آدم هذا يشبه بحذافيره ذاك الذي سكن ساعات نومها. هذا السخط الذي لا يترك صوته يجعله مضحكا بطريقة ما ويغري المرء لاستفزازه.

«هل صباح النور مضحكة إلى هذه الدرجة؟» سأل مضيقا عينيه فنظفت حلقها لتبلع ضحكتها قبل أن تقول: «أبدا، من اللطيف الاستيقاظ على منظر النخيل بعد كل هذه السنوات ليس إلا. آسفة لجعلك تنتظر.. هل نذهب الآن؟»

مشت أمامه فرفع حاجبه باستنكار، ألم تجد الفتاة التي تهربت من موطنها أربع سنوات غير هذه الحجة؟

أشجار النخيل؟ ياللسخرية!

«لَيْل.» ناداها قبل أن تبتعد أكثر فالتفتت نحوه باستغراب، كانت ترتدي بذلة قفز من الجينز الفاتح فوق قميص صيفي أبيض مما أعطاها مظهرا طفوليا. ابتسم بتهكم وأشار بإبهامه إلى الاتجاه المعاكس: «من هنا.»

اتسعت عيناها بإحراج وأسرعت باللحاق به حين مضى في طريقه وتَركَها، أبطأت خطاها حين صارت بجانبه وقالت محاولة مداراة إحراجها: «هل سنستقل الحافلة؟ لا أتذكر وجود العديد من الحافلات التي تستخدم للنقل العام.»

«إنها شركات نقل خاصة وليست تابعة لوسائل النقل الحكومية. بدأت بالظهور حديثا قبل سنتين.» رد دون النظر إليها فأمسكت بحزام حقيبتها تعبث به وأومأت بصمت.

رمقته بطرف عينها فرأت خصله البنية الرطبة منسدلة على جبينه وعيناه البنيتان، اللتان اكتسبتا سمرة عسلية جميلة بفعل شمس الصباح الدانية، كانتا تحملان زعلا دفينا في طيات لونهما الكثيفة.

عائد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن