يَظنُ النَّهرُ ألا أحد يُنصتُ إليه،
لكني أراه، في تلك المساءات المشوبة بالغرق..
يَخرجُ مُرتجفًا من أعماقه،
تاركًا آثارَ خُطواته المُبللة فوقَ العشب.حتّى النهرُ يتمنى أن يَجِفْ.
- منقول.
***
عدل آدم حقيبة ظهره على كتفه بينما يصعد الدرج لاهثا وليل خلفه. كان يبذل جهده كي يسبقها ولا يبدو مرشدا مثيرا للشفقة لكن أنفاسه كادت تودع العالم.
تباطأت قدماه المنهكتان ثم قرر التوقف أخيرا ليرحم صدره المسكين، كان متأكدًا أن رأسه قد فرغ تقريبا من الأوكسجين لأنه لم يعد يرى شيئا أمامه وبات الشعور بموضع قدميه على الدرجات مهمة صعبة على ذهنه المشتت.
«آدم، هل أنت بخير؟» نادته ليل من خلفه على الدرج فتشبث بصوتها كي يبقى محافظًا على وعيه.
«أنا في حالة ممتازة.» أنكر من مكانه، «السلالم ليست مكاني المفضل في المشفى، أريد أن أريح مفاصلي فحسب.» كذب مرة أخرى وشتم أسفل أنفاسه.
تبًا لهذه الأنيميا الغبية، مكملات الحديد والفيتامينات لم تعد كافية. دفع نفسه مرة أخرى نحو الأعلى ودعا ألا يسقط حالما يبلغ آخر درجة، ربما عليه أن يخضع لنقل الدم قبل أن تحترق خلاياه الدماغية.
«أتريد أن تشرب؟» قدمت له ليل قنينة ماء جديدة حين وصلا إلى الطابق الثالث وقضمت شفتيها حين ضيق عينيه على غطاء الزجاجة ليتحقق ما إذا كانت مفتوحة أم لا.
ياله من مهووس نظافة!
«فقط لأنك مصرة.» سخر محاولا تمويه حاله المزرية لكنها لاحظت شحوب وجهه وشفتيه الزرقاوين وأصابعه المرتعشة حين أخذ الزجاجة.
ليل تحب الطب، لكن قدرتها على ملاحظة هذه التفاصيل كانت تؤرقها بعض الشيء.
خاصة لو لاحظتها على شخص تحبه.
لمحت بعض المقاعد في الطرقة فقالت: «تعال لنجلس قليلًا.»
لوح بيده وكأنه يهش ذبابة مزعجة: «لا حاجة لذلك، أنا-»
أنت تقرأ
عائد
Romanceتعود ليل إلى العراق بعد غياب دام لثلاث سنوات عاشت خلالها في عزلة تامة. العراق كان مرتعًا لكوابيسها في ما مضى، وبيتهم هناك تسكنه الجثث والأشباح. العراق يستنزفها، لكن لا مكان آخر سواه تعود إليه. وبدل أن يستقبلها دفء الأهل، استقبلها آدم بسره الغامض، وج...